حكايات مونديالية.. زجاجة عطر تمنح إسبانيا مفتاح الفوز بكأس العالم
يعاني بعض اللاعبين أحيانا مما يمكن وصفه بسوء الحظ، الذي يحرمهم أحيانا من فرص تاريخية خلال مسيرتهم الكروية.
بينما في المقابل، هناك لاعبون آخرون تتاح لهم فرص تاريخية على أطباق من ذهب، بسبب حسن حظهم، أو في بعض الأحيان سوء حظ الآخرين.
هذا الأمر انطبق على سانتياجو كانيزاريس وإيكر كاسياس حارسي منتخب إسبانيا السابقين، وذلك في بطولة كأس العالم 2002 التي استضافتها كوريا الجنوبية بالمشاركة مع اليابان.
كانيزاريس وكأس العالم
انتظر كانيزاريس الفرصة طويلا من أجل حراسة مرمى منتخب إسبانيا في كأس العالم، بعدما ظل سنوات طويلة يلعب دور الرجل الثاني للمخضرم أندوني زوبيزاريتا في مشاركات الماتادور السابقة في المونديال.
ويأتي ذلك رغم حقيقة أن ثاني مباراة رسمية لعبها كانيزاريس بقميص منتخب إسبانيا (بعيدا عن الوديات) كانت في كأس العالم 1994، وذلك أمام كوريا الجنوبية في المباراة التي انتهت بالتعادل 2-2، على حساب المخضرم زوبيزاريتا.
لكن يبدو أن المستوى الذي قدمه في تلك المباراة، التي سكن مرماه خلالها هدفان، لم يعجب المدرب خافيير كليمنتي، ليقرر التراجع عن المغامرة وإشراك زوبيزاريتا مجددا.
وظل كانيزاريس يلعب دور البديل بشكل شبه مستمر، حتى بدأ يزاحم على مركز الحارس الأساسي بشكل أقوى عقب كأس العالم 1998، وانتهاء مشوار زوبيزاريتا مع الماتادور، قبل أن يظهر له شبح جديد يزاحمه على مكانه هو جوزيه فرانشيسكو مولينا، لكنه تمكن تدريجيا من التفوق عليه وإبعاده.
وكانت بطولة كأس أمم أوروبا "يورو 2000"، أول بطولة كبرى يخوضها كانيزاريس كحارس أساسي للماتادور، لكن الفريق ودع معه البطولة من ربع النهائي بالخسارة أمام البطل اللاحق فرنسا 1-2.
وجاءت كأس العالم 2002 متزامنة مع تألق كانيزاريس مع فريقه فالنسيا، الذي قاده في الموسم السابق لعام المونديال إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، الذي خسره أمام بايرن ميونخ بركلات الترجيح، كما قاده في عام المونديال للفوز بالدوري الإسباني، مبديا توهجا كبيرا.
وبات كانيزاريس يهيئ نفسه للظهور مجددا في كأس العالم بعد 8 سنوات من ظهوره المخيب الأول، لكن الحلم تعرض لصدمة جديدة بطلها كان سوء الحظ.
كاسياس وكأس العالم
في مقابل سوء حظ كاسياس، كانت الصدف السعيدة لا تزال تلعب دورها مع كاسياس، الحارس الواعد الذي أبهر إسبانيا بانطلاقة واعدة مع منتخبات الناشئين والشباب، وتوج بكأس أوروبا للناشئين عام 1997، وكأس العالم للشباب عام 1999، قبل أن يتوج مع ريال مدريد بلقبين لدوري أبطال أوروبا في 2000 و2002.
لكن كاسياس عانى من انخفاض مستواه في موسم كأس العالم، وهو ما أدى لإبعاده عن حراسة مرمى ريال مدريد لصالح زميله سيزار سانشيز.
غير أنه لحسن حظ كاسياس، فإنه عاد لحماية عرين ريال مدريد في مباراة مفصلية هي نهائي دوري أبطال أوروبا أمام باير ليفركوزن، حيث لعب كبديل لمدة 22 دقيقة عقب إصابة سانشيز، وتألق بشدة خلال تلك الدقائق القليلة وتمكن من الحفاظ على تقدم الملكي ليقوده لحصد للقب، ويجذب الأضواء إليه مجددا.
وانضم كاسياس إلى قائمة إسبانيا في كأس العالم 2002 بقيادة المدرب جوزيه أنطونيو كاماتشو، كبديل لكانيزاريس، حيث دخل الماتادور البطولة محملا بآمال كبيرة من أجل التتويج باللقب للمرة الأولى في تاريخه، وسط ترشيحات كبيرة له بإمكانية تحقيق ذلك.
زجاجة عطر تقلب الأمور
انضم كانيزاريس وكاسياس إلى معسكر منتخب إسبانيا النهائي لكأس العالم 2002، ليبدأ الصراع بين سوء حظ الأول وحسن حظ الثاني لحسم من سيظفر بمقعد الحارس الأول للماتادور في المونديال.
وقبل أقل من 15 يوما من مشاركة إسبانيا في كأس العالم تعرض كانيزاريس لإصابة غريبة، وبطريقة أكثر غرابة، حيث انزلقت من يده زجاجة العطر الخاصة به على الأرض لتنكسر، وتطاير زجاجها لتصيبه قطعة منه في أحد أصابع قدمه وتتسبب في قطع أحد أربطتها.
وتم نقل كانيزاريس إلى أقرب مستشفى ليتقرر إجراء جراحة عاجلة له، ويقرر المدرب كاماتشو إخراجه من حساباته في كأس العالم 2002 خوفا من تأثره بالإصابة، واعتبار القديس كاسياس الحارس الأساسي.
ماذا قدمت إسبانيا في كأس العالم؟
دخل منتخب إسبانيا، كعادته في أغلب مشاركاته في كأس العالم، مونديال 2002 كأحد المرشحين للتتويج باللقب، الذي لم يكن وقتها قد تمكن من الظفر به من قبل.
ودشن الماتادور انطلاقة نارية في البطولة، بالفوز في مبارياته الـ3 في دور المجموعات على حساب سلوفينيا وباراجواي (3-1) وجنوب أفريقيا (3-2)، ليصبح مع البرازيل فقط المنتخبين الوحيدين اللذين حصدا العلامة الكاملة حينها.
وفي ثمن النهائي تعادلت إسبانيا 1-1 مع أيرلندا، قبل أن تحسم الفوز بركلات الترجيح التي تألق فيها كاسياس، لتصطدم بكوريا الجنوبية صاحبة الأرض في ربع النهائي.
وخلال مباراة شهدت الكثير من الجدل التحكيمي، تحت إدارة الحكم المصري المخضرم جمال الغندور، ولم يحسب فيها هدفان لصالح منتخب إسبانيا بناء على قرارات الحكام المساعدين، خسر الماتادور بركلات الترجيح أمام كوريا، ليتبدد حلمه في التتويج بأول لقب مونديال في تاريخه.
لكن للحق فإن ما حدث في تلك البطولة كان أبرز إرهاصات الفوز بكأس العالم بعدها بـ8 أعوام، حيث كان تألق كاسياس في تلك البطولة (رغم حقيقة فشله في التصدي لأي ركلة جزاء في مباراة كوريا الجنوبية)، إعلانا عن حل إحدى أبرز نقاط ضعف إسبانيا على مر تاريخها وهو مركز حراسة المرمى.
فرغم وجود حراس مخضرمين من أمثال أندوني زوبيزاريتا وغيره، فإن أخطاءهم الكارثية كانت حاضرة دائما في الأوقات الحاسمة، مما كان يؤدي بالماتادور إلى الهاوية في النهاية، رغم وجود أكثر من جيل تاريخي للفريق كان مليئا بالمواهب والنجوم القادرة على حصد البطولات.
ومثل ظهور كاسياس أخيرا الحل لتلك المشكلة الكارثية، لتتمكن إسبانيا من العودة للبطولات بعد 6 سنوات عبر التتويج بيورو 2008، ثم بعدها بعامين الفوز بكأس العالم، قبل أن تحتفظ بأمم أوروبا في نسختها التالية عام 2012، فارضة هيمنتها على الساحتين القارية والعالمية.
يذكر أن إسبانيا شاركت في كأس العالم 16 مرة بما فيها ظهورها الأخير في مونديال قطر 2022، حققت خلالها اللقب مرة واحدة في 2010، بينما ودعت من المجموعات 5 مرات، ومن الدور الثاني أو ثمن النهائي 5 مرات، ومن ربع النهائي 4 مرات، فيما حققت المركز الرابع مرة واحدة.
aXA6IDE4LjIyMC4yNDIuMTYwIA== جزيرة ام اند امز