بعد حظر واشنطن لنفط روسيا.. ملامح أزمة طويلة الأمد في الغذاء والوقود
ترافق قرار أمريكا بحظر واردات النفط الروسي، مع ارتفاع كبير في أسعار الحبوب بسبب حرب أوكرانيا، ليهددا معا بأزمة طويلة للغذاء والوقود.
وأثبتت الحرب الروسية الأوكرانية أنها حدثا جيوسياسي سيكون له ما بعده من التداعيات العالمية الخطيرة التي تتجاوز الجوانب العسكرية للصراع إلى مصير العالم ككل.
فمن المرجح أن يواجه العالم آثارًا طويلة المدى على إمدادات الغذاء والوقود التي تنشأ في كل من أوكرانيا وروسيا والتي أصبحت مهددة الآن بسبب العمليات العسكرية ومجموعة العقوبات المفروضة على موسكو من قبل المجتمع الدولي.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء، فرض حظر على واردات النفط الروسي والطاقة الأخرى، ردا على العمليات العسكرية لروسيا في أوكرانيا.
كما أعلنت بريطانيا قبل وقت قصير من تصريحات بايدن أنها ستوقف استيراد النفط والغاز الروسي تدريجياً بحلول نهاية عام 2022.
وأعقب ذلك، ارتفاع خام برنت القياسي لشهر مايو 8.06 دولار أو 6.5% إلى 131.27 دولار للبرميل، كما زاد الخام الأمريكي تسليم أبريل/ نيسان 7.54 دولار أو 6.3% إلى 126.94 دولار للبرميل.
وتوقع بايدن أن ترتفع الأسعار أكثر نتيجة حرب أوكرانيا، لكنه تعهد ببذل كل ما في وسعه لتقليل التأثير على الشعب الأمريكي. كما حذر شركات الغاز الأمريكية من استغلال الموقف للانخراط في التربح أو التلاعب في الأسعار.
وقال السيناتور الأمريكي كريس كونز إن الإدارة تنسق مع الحلفاء الأوروبيين "وتتأكد من أننا قمنا بالعمل الأساسي لفهم كيفية التنفيذ الفعال لحظر على الطاقة الروسية."
وقال في تصريحات لشبكة سي إن إن: "سنشهد ارتفاعًا في أسعار الغاز هنا في الولايات المتحدة. وفي أوروبا، سيشهدون زيادات كبيرة في الأسعار. هذه تكلفة الدفاع عن الحرية والوقوف إلى جانب الشعب الأوكراني".
أثر أوسع
وكشفت الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، عن تأثير واسع ومتعدد الأوجه على النظام العالمي.
تداعيات الحرب لن تقف على البلدان الأوروبية المجاورة، بل ستطال الأراضي البعيدة في أمريكا الشمالية والجنوبية، وأفريقيا، وآسيا، بما في ذلك الشرق الأوسط.
وسيحصل العالم العربي على نصيبه من هذه التأثيرات لأنه مستورد رئيسي للمواد الغذائية الأساسية من أوكرانيا وروسيا ولاعب مهم في سوق الطاقة الدولي.
سلة خبز أوروبا
ويُطلق على أوكرانيا تاريخياً لقب سلة خبز أوروبا، حيث تنعم البلاد بأخصب تربة على وجه الأرض ومناسبة بشكل خاص لزراعة الحبوب مثل القمح والشعير والذرة، ما جعل أوكرانيا مصدرًا عالميًا مهمًا للغذاء.
ووفقًا لمحلل الأغذية والزراعة أليكس سميث، صدرت البلاد 18 مليون طن متري من القمح في عام 2020، مما يجعلها خامس أكبر مصدر للقمح في العالم.
وأفاد أوليفر موريسون في موقع Foodnavigator.com ، أن أوكرانيا تمثل 12% من صادرات القمح العالمية، و 16% من الذرة و18% من الشعير.
لذلك، ليس من المستغرب على الإطلاق أن يعرب المستهلكون الأوروبيون عن مخاوفهم الجادة في الأيام الأخيرة بشأن ارتفاع أسعار السلع مثل الخبز والمخبوزات.
ضربة عربية
لا يقتصر هذا الخوف على أوروبا عندما يكون أحد العوامل في القائمة الطويلة للمستهلكين الدوليين للمنتجات الزراعية الأوكرانية، بما في ذلك تلك الموجودة في الشرق الأوسط.
دول مثل تركيا وإيران ومصر ولبنان واليمن وليبيا من بين أكبر مشتري الحبوب من أوكرانيا أو روسيا.
وكما يشير سميث، فإن 50% من استهلاك القمح في لبنان في عام 2020 ، و43% في ليبيا ، و22% في اليمن، و14% في مصر جاء من أوكرانيا.
وبالتالي، فإن التهديد بالاضطراب والنقص وارتفاع الأسعار العالمية الناجم عن حرب أوكرانيا هو أمر حقيقي ومقلق لهذه البلدان، وكذلك للعديد من البلدان الأخرى.
ومن المؤكد أن توقع الجوع، وارتفاع معدلات الفقر، وأعمال الشغب الغذائية المحتملة في أجزاء من العالم ليس تنبؤًا مثيرًا للقلق أو بعيد المنال.
وذكرت سارة بن هيدا في وكالة فرانس برس: "الغزو الروسي لأوكرانيا قد يعني القليل من الخبز المطروح على الطاولة في مصر ولبنان واليمن وأماكن أخرى في العالم العربي حيث يكافح الملايين بالفعل من أجل البقاء."
وأكد رئيس معهد إيفو الألماني الاقتصادي، كليمنس فوست، أن ارتفاع أسعار الحبوب والمواد الغذائية بسبب حرب أوكرانيا سيؤثر على الدول الفقيرة.
وفي تصريحات لمحطة تلفزيون "فونيكس"، قال فوست، الثلاثاء، إن روسيا وأوكرانيا منتجان مهمان للمواد الغذائية.
وأضاف: "أسعار المواد الغذائية ترتفع على نحو كبير وسيؤثر هذا على دول فقيرة ومنها على سبيل المثال في أفريقيا".
وتابع: "هذا تحد كبير، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك في هذا الشأن، إذ لا ينبغي علينا أن ننسى هذه الدول رغم كل التركيز على أوكرانيا".
يذكر أن عمليات الشراء الحالية المدفوعة بالذعر لتكوين مخزونات في المنازل أدت إلى ارتفاعات شديدة في الأسعار.
ورأى الباحث الاقتصادي أن اعتماد روسيا على الغاز الروسي يمثل تحديا كبيرا مشيرا إلى أن الغاز والنفط لا يزالان يتدفقان من روسيا، وقال إن المقاطعة ستضع روسيا تحت ضغط لكنها ستؤثر أيضا على ألمانيا ودول شرق أوروبا.
وتابع فوست أن سلاسل التوريد وأسعار المستهلكين ستعتمد على " كيفية سير الصراع لاحقا وما إذا كان سيتم وقف توريدات النفط من روسيا، فإذا استمر الصراع، فسيكون لدينا مشكلة خطيرة في الاقتصاد العالمي برمته".
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMzMg جزيرة ام اند امز