غذاء العالم والانفصام السياسي.. هل يتبدد ممر الأمل في البحر الأسود؟
بعد انفراجة في أزمة الغذاء العالمية أُطلقت من إسطنبول الجمعة 22 يوليو 2022، لم تمض سوى ساعات حتى عاد القلق من محيط "ميناء أوديسا".
ورقة "الحبوب".. ولعبة الانفصام السياسي
وبالأمس، وقّعت أوكرانيا وروسيا اتفاقًا مع تركيا والأمم المتحدة بشأن تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ البحر الأسود، في مواجهة مخاطر المجاعة التي تهدد عددًا كبيرًا من دول العالم، لتبث رسائل الأمل والطمأنينة في قلوب الملايين الذي كان يتملكهم الخوف من الوقوع في براثن الفقر المدقع وتهديدات نقص التغذية.
لكن بعد أقل من 24 ساعة من توقيع الاتفاق الذي يهدف في الأساس إلى استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية من أوديسا وموقعين آخرين على البحر الأسود، جات الأنباء عن هجوم صاروخي على ميناء أوديسا البحري.
وتوجهت أصابع الاتهام "الغربية" إلى الروس في المسؤولية عن الحادث، بيد أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قال إن المسؤولين الروس أبلغوا أنقرة بأن موسكو "لا علاقة لها" بالضربات التي تعرض لها ميناء أوديسا الأوكراني.
ولم يتضمن بيان وزارة الدفاع الروسية اليوم عن تطورات الحرب أي إشارة إلى ضرب أوديسا. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية حتى الآن على طلب من رويترز للتعليق.
وعلى كل حال، نقل تلفزيون سوسبيلن الأوكراني الرسمي عن الجيش الأوكراني قوله إن الصواريخ لم تتسبب في أضرار كبيرة.
وقال إن الاستعدادات مستمرة لاستئناف تصدير الحبوب من موانئ البلاد على البحر الأسود.
تنظيف الموانئ
وفور توقيع الاتفاق برعاية الأمم المتحدة في إسطنبول، رأى مسؤول روسي الظروف متوافرة لتنفيذ الاتفاق حول الحبوب "في الأيام المقبلة".
وأكد وزير الدفاع الروسي أن بلاده لن تحاول الاستفادة عسكريا من أي عمليات محتملة لإزالة الألغام من الموانئ الأوكرانية بعد الاتفاق حول تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
وقال سيرجي شويجو في تصريح بعد التوقيع نقله التلفزيون الروسي "لن نستغل تنظيف هذه الموانئ (الأوكرانية) من الألغام وتشغيلها. لقد تعهدنا بذلك"، مؤكدا أن الظروف متوافرة لتنفيذ الاتفاق "في الأيام المقبلة"، وفقا لفرانس برس.
ومن جانبه، أفاد أوليغ نيكولينكو المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، بأن الأمر استغرق أقل من 24 ساعة حتى شنت روسيا هجوماً صاروخياً على ميناء أوديسا. ما يعني أن روسيا قوّضت التزاماتها أمام الأمم المتحدة وتركيا بموجب اتفاقية إسطنبول، رغم تأكيد وزير الدفاع سيرجي شويجو تحمل موسكو لكافة الالتزامات المنصوص عليها بوضوح في وثيقة الاتفاق.
مآلات وتداعيات
ويعد ضرب هدف مهم لتصدير الحبوب بعد يوم من توقيع اتفاقيات إسطنبول أمر مستهجن ويظهر أن أطراف الحرب قد لا تمانع في تصعيد الموقف الحالي، وبالتالي تكريس مخاوف العالم بشأن أزمة غذاء واسعة النطاق.
ولدى أوكرانيا اليوم ما قيمته حوالي 10 مليارات دولار من الحبوب المتاحة للتصدير. لكن بقاء الأوضاع كما هي عليه في البحر الأسود سيزيد من الأعباء، ولن تراوح الحبوب مكانها.
من المفترض بحسب الوثيقة التي وقع عليها الأطراف في إسطنبول، سيكون الاتفاق صالحًا لمدة "120 يومًا" أي أربعة أشهر، وهي المدة اللازمة لإخراج نحو 25 مليون طن من الحبوب المكدّسة في الصوامع الأوكرانية في حين يقترب موعد موسم حصاد جديد.
ومن جانبه، شدد الاتحاد الأوروبي على مساعدة أوكرانيا في نقل أكبر قسم من حبوبها نحو الأسواق العالمية في أسرع وقت ممكن.
وكان الاتحاد الأوروبي اتهم روسيا بتدمير متعمّد للبنى التحتية والمعدّات الزراعية ووسائل النقل في أوكرانيا، وبالتسبب بنقص في الوقود وبخلق مشكلات سلاسل غذائية في العالم كلّه عبر إغلاق المرافئ الأوكرانية وسرقة الحبوب الأوكرانية.
والاتفاق الحالي يقدّم فرصة للبدء بعكس هذا المسار السلبي.. لكن هل تقدم الأطراف المتنازعة تنازلات قوية لإنجاحه أم ستكون لحالة الانفصام السياسي المتصاعدة الكلمة العليا في هذا المشهد المتأزم؟.. هذا ما سيتكشف على المدى القريب.
aXA6IDE4LjE5MC4yNTMuNTYg جزيرة ام اند امز