بجلستين عن بعد.. القمة العالمية للحكومات تستشرف مستقبل الاقتصاد
تناقش سلسلة "الحكومات وكوفيد-19" الآثار العالمية للوباء على القطاعات الاقتصادية الحيوية ومستقبل الحكومات في مرحلة ما بعد الجائحة،
أكدت مؤسسة القمة العالمية للحكومات أن الأزمات والتحديات العالمية الكبيرة، مثل جائحة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد– 19)، كشفت أهمية تعزيز الشراكات العالمية المفتوحة في توظيف التكنولوجيا الحديثة والابتكار لاستكشاف الفرص الجديدة والاستفادة منها في مواجهة الفيروس وآثاره.
جاء ذلك، خلال جلستين حواريتين تفاعليتين نظمتهما القمة العالمية للحكومات عن بعد، في إطار سلسلة جلسات "الحكومات وكوفيد-19" التي تواصل تنظيمها حتى 26 يونيو الحالي، وتهدف إلى تعزيز دور الحكومات في مواجهة تحدي فيروس كورونا المستجد، واستشراف مستقبل العمل الحكومي ما بعد الجائحة، من خلال تحليل أبرز المستجدات المتعلقة بالفيروس وتأثيره على العمل الحكومي عالمياً.
وتناقش سلسلة "الحكومات وكوفيد-19" الآثار العالمية للوباء على القطاعات الاقتصادية الحيوية ومستقبل الحكومات في مرحلة ما بعد الجائحة، وتستضيف 30 متحدثاً عالمياً من الخبراء وقادة العمل الحكومي،لتركز على الاتجاهات العالمية الجديدة التي يفرضها تسارع التقدم التكنولوجي والمتغيرات التي أفرزتها الجائحة بما يساعد الحكومات على تجاوز الأزمة وصناعة مستقبل أفضل.
الركود أم النمو؟.. التحديات والفرص
وشارك كيفن أوليري رجل الأعمال والمستثمر العالمي، وآلانبجاني الرئيس التنفيذي لمجموعة ماجد الفطيم، وسارة هيوين كبير الاقتصاديين في أوروبا والأميركتين لدى بنك ستاندرد تشارترد، وجهات نظرهم حول التحديات والفرص المرتبطة بالأزمة العالمية، خلال جلسة عن بعد، بعنوان "الركود أم النمو.. ما هي التوقعات للاقتصاد العالمي ما بعد كوفيد-19؟".
وبحث المشاركون في الجلسة التي أدارتها هادلي غامبل المذيعة في قناة "سي إن بي سي العالمية" كيف يشكل هذا الوباء فرصة كبيرة، رغم كونه تحديا وتهديداً، وشاركوا أفكارهم حول إمكانية الخروج من الوباء بمكاسب، مستشهدين بتجارب مختلفة لبعض الدول وأساليب تعاملها مع الجائحة.
وسلط كيفين أوليري الضوء على تجربة سويسرا في تطبيق إجراءات صحيحة مستفيدة من نظام الكانتونات، وكيف أنها مع وصولها إلى تسجيل38 حالة، أعادت إطلاق الاقتصاد بعد 68 يوماً،لتكون بذلك الدولة الأسرع في العودة للعمل والحياة الطبيعية، لتسبق كوريا الجنوبية التي كانت من الدول السباقة في العودة إلى الحياة الطبيعية".
أما آلان بجاني فتطرق إلى أثر الجائحة في تغيير سلوك المستهلكين بالقول: "سيستمر الناس في الاستهلاك، لكن ستهمهم القيمة إلى حد كبير ولن يمتلكوا دخلاً كبيراً قابلاً للتصرف، سيختلف الدخل القابل للتصرف تماماً وسيؤثر على الأشهر 18-24 المقبلة، وهناك أيضاً خوف الناس بشأن المستقبل، لذلك نحتاج إلى غرس الثقة في الناس، فالثقة ستكون العامل الرئيسي، ويشمل ذلك الثقة في بعضنا البعض، والانتقال إلى اقتصاد دون تلامس، والثقة في نظام الرعاية الصحية، والثقة في الحكومة، والثقة بأن للناس مستقبل زاهر".
من جهتها، قالت هيوين: "لقد أحدثت الأزمة تأثيرا مباشرا على إيرادات ومستويات مديونية بعض الشركات، وسنرى بعض الاهتزازات في قطاعات معينة، مثل السفر، ومن منظور صنع السياسات، ما يزيد الحاجة إلى إبقاء أسعار الفائدة منخفضة قدر الإمكان لضمان وصول التمويل إلى الشركات".
أشارت إلى أن الحكومات تعمل بالتعاون مع البنوك المركزية لضمان وجود تمويل منخفض التكلفة ومتاح بسهولة لنخرج من هذا الانكماش الاقتصادي، الذي نعتقد أنه سيأتي في النصف الثاني من العام، والشركات في وضع أفضل لزيادة زخم عودتها".
الابتكار ومواجهة التحديات
في سياق متصل، تحدث البروفيسور سوميترا دوتا أستاذ العلوم الإدارية في كلية "إس سي جونسون للأعمال" في جامعة كورنيل، عن دور الابتكار في بناء مستقبل مستدام وشامل، خلال جلسة افتراضية عبر الإنترنت بعنوان "دور الابتكار في مواجهة التحديات العالمية"، أدارها سعيد بن خرباش نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات.
وقال دوتا: "يعد الابتكار مهماً جداً في هذه الفترة كموضوع، خصوصاً خلال ما سيواجهه العالم عندما نخرج من هذه الأزمة"، مؤكداً أهمية مواصلة الاستثمار في البحث والتطوير بالاستفادة من تجارب العديد من الدول التي دفعتها أزمة 2008 إلى تعزيز استثماراتها في البحث والتطوير، ومنها الأرجنتين والصين وكوستاريكا ومصر وفرنسا والهند وكوريا والمكسيك وبولندا.
أضاف لوحظ نمو استثمارات البحث والتطوير في السنوات العشر الماضية بمعدل أسرع من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، ما أفرز نوعاً من الفصل بين الاقتصاد والاستثمار في البحث والتطوير.
كما أضاف دوتا أن هناك إمكانات كامنة للابتكار، وإذا استعدنا المرحلة التي مررنا بها قبل شهرين ونصف، حين قيل لنا يجب علينا التدريس عبر الإنترنت والعمل من المنزل، حصل الكثير من الفوضى، وظن كثيرون أن ذلك مستحيل ولا يمكن تحقيقه. وبعد شهرين ونصف، ستخبرك معظم المنظمات أن الإنتاجية لم تتأثر، بل سرعت الرقمنة عملية الابتكار بطرق عديدة، كل ذلك كان ممكناً قبل ستة أشهر فقط، لكننا لم ننفذه بسبب مقاومة كانت تمنع التغيير".
وتابع: "مجرد الاستمرار لا يكفي للمؤسسات اليوم، ولا بدمن السعي الجاهد للتقدم،هناك من رأوا الفرص في لحظات الأزمات، وهذه مسألة تتعلق بالعقلية، يجب أن تركز العقلية على الابتكار والنمو والنجاح، بينما يتطلب التوازن بالطبع اعتبارات قصيرة المدى إلى حد ما".
من جهته، قال كريستوفر شرودر رائد الأعمال والكاتب في"جلوبال فينشر": إن الابتكار يمثل عنصراً ضرورياً فإذا لم تبتكر سيسبقك منافسوك، وسيبحثون عن المجالات التي قد لا تهتم بها كثيراً،والواضح من التجارب أننا نستطيع تجاوز الأزمات عندما يتوفر لدينا بيئة من المبتكرين يبحثون عن منافذ الفرص ويأتون من جميع أنحاء العالم".
وأضاف شرودر: "العامل المسرِّع الأول يتمثل غب إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا، وإطلاق العنان للابتكار في كل أنحاء العالم،وقد مررنا فعلاً بتحول سلوكي قد يتطلب خمس أو عشر سنوات في حوالي شهرين فقط، وعلينا أن نتذكر بأنه في الولايات المتحدة، أقل من 12% من كل حركة التجزئة كانت رقمية، فجأة، استخدم مئات ملايين الناس حول العالم من كل الفئات العمرية والمناطق مؤتمرات الفيديو والتجارة الإلكترونية وأدركوا نجاحها. لذا، يفتح هذا مجالاً مذهلاً للابتكار بناءً على العديد من الاتجاهات التي تنتشر بشكل عام".
ولفت شرودر إلى أسئلة كبيرة علينا التفكير فيها، لأن العديد من الناس في العالم لا يستطيعون الوصول إلى التكنولوجيا حتى يومنا هذا، وقال: "مليارا شخص لا يشتركون في ما وصفناه من استخدام سكان العالم مؤتمرات الفيديو والتجارة الإلكترونية، تحدثنا كثيراً في أمريكا عن "الفجوة الرقمية" على مر السنين، لكنها أصبحت الآن ضرورة رقمية".
جلسات تفاعلية ضمن 7 قطاعات حيوية
وأطلقت مؤسسة القمة العالمية للحكومات الشهر الماضي سلسة الجلسات الافتراضية بعنوان "الحكومات وكوفيد-19"، لبحث تأثير جائحة كورونا على حكومات العالم واستشراف مستقبل العمل الحكومي بعد هذا الوباء.من خلال استضافة 30 متحدثاً وخبيراً وقيادياً حكومياً عالمياً.
وتهدف السلسلة إلى تعزيز دور الحكومات في الاستجابة للتحديات التي فرضها فيروس كورونا المستجد واستشراف مستقبل الحكومات في عصر "ما بعد فيروس كورونا" من خلال تحليل آخر تطورات وتأثيرات الفيروس على العمل الحكومي في جميع أنحاء العالم.
وتُعقد سلسلة "الحكومات وكوفيد-19" عبر الإنترنت لاستعراض أحدث التطورات المتعلقة بفيروس كورونا ومناقشة آثاره على 7 قطاعات حيوية هي: التعليم والرعاية الصحية والاقتصاد والأمن والبنية التحتية والحوكمة والقيادة.