النظام العالمي على رمال متحركة.. 3 طلبات "كارثية" لرئيس أوكرانيا
3 طلبات "كارثية" للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تضع النظام العالمي على المحك وتهدد بتغييرات قد تنسف التوازنات القائمة.
إقصاء موسكو من مجلس الأمن الدولي، وحظر طيران فوق أوكرانيا يفرضه حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى الانضمام فورا للحلف.. ثلاثية تخرج عن منطق ومعايير الترتيبات التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية وتخل بضوابط النظام القائم.
مطالب "مستحيلة" تهدد ببعثرة أوراق المؤسسات الدولية التي تضبط النظام العالمي، وتهدد بمقاربات تخرج من رحم إعادة تشكيل للتوازنات، الطرح الذي لا يتحقق عادة إلا في نهاية مخاض حرب شاملة أو كارثة عظمى.
عزل روسيا
بالفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، بُني العالم على وجود الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، في تركيبة تتقاسمها دولتان شرقيتان تمثلها الصين وروسيا، و3 غربية (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة).
أوكرانيا التي تواجه حربا تعتبرها موسكو "عملية عسكرية" وتراها والغرب "غزوا"، تعتبر أن موسكو لا تلبي معايير المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة، ما يمهد الطريق لاستبعادها من مجلس الأمن الدولي.
وقبل ساعات، قال السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة، سيرجي كيسليتسيا، إن المادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن الأمم المتحدة مفتوحة فقط للدول المحبة للسلام التي تقبل شروط الميثاق.
واعتبر أن تصرفات روسيا تظهر أنها لا تستطيع الامتثال لتلك الشروط، مطالبا في الآن نفسه من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش توزيع المذكرات القانونية للمنظمة والتي تسمح للاتحاد الروسي بالانضمام إلى مجلس الأمن خلفا للاتحاد السوفيتي.
من جانبها، تشدد موسكو على أن "عمليتها العسكرية" في دونباس تأتي لحماية حدودها الشرقية وتأمينها من التهديدات، وأن ما تقوم به يندرج تحت يافطة الدفاع عن النفس بالبند 51 من الميثاق.
وترى كييف أنه كان من حق الجمهوريات المكونة للاتحاد السوفيتي التي أعلنت انهياره في عام 1991 الحصول على المقعد وليس فقط موسكو.
أوكرانيا تعتبر أيضا أنه لم يجر تعديل الميثاق الأممي عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، ما يجعل الوثيقة تحتفظ حتى الأن باسم الاتحاد كأحد الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن وليس روسيا.
لكن ورغم الاتجاه الذي تحاول كييف الدفع به في هذا الشأن، إلا أن مطلبها يبدو "كارثيا" في ظل الأوضاع القائمة ليس فقط في أوروبا الشرقية على خلفية الهجوم الروسي، لكن في العالم بأسره.
ويرى خبراء أن الأزمات التي تثقل البشرية تجعلها غير قادرة على تحمّل كلفة تغيير جديد بالنظام العالمي، ما يفسر المواقف الداعمة للتفاوض رغم التصعيد الكلامي الغربي ضد موسكو.
كما أن الصين لن تسمح بإقصاء روسيا من مجلس الأمن لأن قرارا مماثلا يمسها وقد يهد بنية مجلس الأمن ويلوح بشكيل نظام عالمي جديد، وهو ما لن تقبل به القوى المنتصرة بالحرب العالمية الثانية.
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الثلاثاء، أن حكومته منفتحة على طرد روسيا من مجلس الأمن الدولي، على خلفية هجومها على أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم جونسون في تصريحات إعلامية، إن "رئيس الوزراء لم يتخذ موقفاً من ذلك بعد، لكن يمكننا القول إننا نريد عزل روسيا دبلوماسياً، وسندرس كل الخيارات التي تفضي إلى ذلك".
حظر الطيران
مطلب ثان يطرحه الرئيس الأوكراني على طاولة واشنطن والناتو، ويقضي بفرض حظر جوي فوق أجزاء مهمة من بلاده، في وقت أعلنت فيه موسكو فرض سيطرتها الجوية الكاملة في أوكرانيا.
وقال موقع "أكسيوس" الأمريكي إن زيلينسكي حث نظيره الأمريكي جو بايدن وحلف "الناتو" على فرض "حظر جوي فوق مناطق مهمة" في بلاده، وإنه "إذا فعل الغرب ذلك فإن أوكرانيا ستهزم المعتدي دون سفك للدماء".
واعتبر زيلينسكي أن كييف "تحتاج إضافة إلى فصل المصرف المركزي الروسي عن نظام سويفت وتوفير المزيد من السلاح، نحتاج إلى أن يفرض الغرب منطقة حظر طيران فوق أجزاء كبيرة من أوكرانيا".
مطلب رفضته واشنطن معتبرة أن قرارا مماثلا سيشكل خطوة تجاه صراع مباشر مع روسيا؛ السيناريو الذي تتجنبه، لأنه في حال خرقت طائرة روسية القرارا وحلقت فوق أوكرانيا، فإن إسقاطها سيكون شرارة مواجهة عسكرية مباشرة.
وأمس الإثنين، قالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن "بايدن كان واضحا للغاية ولا ينوي إرسال قوات أمريكية لخوض حرب ضد روسيا"، مضيفة أن "فرض منطقة حظر طيران سيتطلب التنفيذ".
بدوره، شدد الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، على أن الحلف "لا يبحث عن نزاع مع روسيا" ولن يرسل جنودا أو طائرات إلى أوكرانيا، في موقف يؤكد عدم رغبة الغرب في التورط بالصراع الدائر بين موسكو وكييف.
الانضمام للناتو
يعد منع أوكرانيا من الانضمام للناتو بقلب الضمانات الأمنية التي تطالب بها روسيا، أي عدم توسع الحلف شرقا بما يؤمن حدود موسكو، ما يعني أنه في حال تحقيق رغبة كييف بانضمام فوري للحلف، فإن الرد الروسي سيكون خارج السيطرة.
ففي حال الانضمام، فإن موسكو ستتخذ من تمدد الحلف ذريعة لتوسيع عملياتها العسكرية، في المقابل سيقيم الناتو قواعد له في أوكرانيا، ما ينذر بشبح مواجهة قد تقود نحو حرب شاملة، وهو السيناريو الذي يخشاه الغرب.
لكن وبغض النظر عن منطق "المطالب"، تبدو كييف بعيدة عن استيفاء معايير الانضمام إلى عضوية الناتو، فالدولة السوفيتية السابقة تحتاج إلى تنفيذ إصلاحات سياسية وعسكرية تعزز أمن الحلف وهو ما لا تتوفر عليه على الأقل حاليا.
كما أن اندلاع النزاع بين موسكو وأوكرانيا حول شبه جزيرة القرم عقب ضمها من قبل موسكو في 2014 قلص من احتمال انضمام كييف لحلف الناتو الذي يستبعد أي دولة تعاني من أزمات من معايير الانضمام إليه.
aXA6IDEzLjU4LjIwMC4xNiA=
جزيرة ام اند امز