الصحة العالمية تحيي اليوم العالمي لشلل الأطفال الأربعاء
"اليوم العالمي لشلل الأطفال" يصادف ٢٤ أكتوبر من كل عام والذي يوافق ميلاد أول من طور لقاحا مضادا للمرض الفيروسي، الأمريكي جوناس سالك.
تحيي منظمة الصحة العالمية وشركاؤها، يوم 24 أكتوبر من كل عام، "اليوم العالمي لشلل الأطفال"، الذى يحمل هذا العام (2018) شعار "نهاية شلل الأطفال الآن".
ويهدف الاحتفال إلى توليد الوعي للقضاء على شلل الأطفال، وكذلك للاحتفال بجهود الآلاف من موظفي منظمة الصحة العالمية والمتطوعين الآخرين الملتزمين بالقضاء على شلل الأطفال.
وكان قد وقع الاختيار على يوم 24 أكتوبر ليكون اليوم العالمي لمرض شلل الأطفال، لأنه يوافق يوم ميلاد رجل الطب الأمريكي جوناس سالك، الذي ولد عام 1914 وتوفي عام 1995، والذي طور أول مصل "تطعيم" مضاد للعدوى بالمرض وأعلن عن نجاحه عام 1955.
ويعد مرض شلل الأطفال من أقدم الأمراض التي أصابت الإنسان، إذ كانت أول معرفته بهذا المرض في عام 1350 قبل الميلاد بواسطة قدماء المصريين، ومنذ ذلك التاريخ عانت البشرية في كافة أصقاع المعمورة من آثاره على صحة الأطفال والمجتمع، من خلال تسببه في الإعاقة والوفاة لكثير من الأطفال.
وقد استمرت هذه المعاناة حتى منتصف القرن الـ20، إلى أن استطاع العالم جوناس سولك تحضير اللقاح المعطى عن طريق الحقن "IPV" في الفترة ما بين عامي 1953- 1955، وتبعه نجاح العالم سابين في عام 1960 في تحضير لقاح شلل الأطفال الفموي "OPV"، ومنذ اكتشاف هذه اللقاحات بدأت الوقاية الفعلية من هذا المرض وحماية الملايين من الأطفال من آثاره.
وشلل الأطفال مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي، وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات من الزمن.
وينتقل الفيروس عن طريق الانتشار من شخص لآخر بصورة رئيسية عن طريق البراز، وبصورة أقل عن طريق وسيلة مشتركة، مثل المياه الملوثة أو الطعام، ويتكاثر في الأمعاء.
وتتمثل أعراض المرض الأولية في الحمى والتعب والصداع والتقيؤ وتصلب الرقبة والشعور بألم في الأطراف. وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال، يصيب الساقين عادة.
ويلاقي ما يتراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها، حيث يصيب هذا المرض الأطفال دون سن الخامسة بالدرجة الأولى.
ولا يوجد علاج لشلل الأطفال، ولكن يمكن توقيه ليس إلا، ولقاح الشلل الذي يعطى على دفعات متعددة يمكن أن يقي الطفل من شر المرض مدى الحياة.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2017 إلى انخفاض عدد حالات شلل الأطفال منذ عام 1988، بنسبة تفوق 99%، إذ تشير التقديرات إلى انخفاض ذلك العدد من نحو 350 ألف حالة سجلت في أكثر من 125 بلدا موطونا بالمرض في حينها إلى 74 حالة أُبلغ عنها في عام 2015، إلى 22 حالة في عام 2017.
ومن بين سلالات فيروس شلل الأطفال البري الثلاثة (النمط 1 والنمط 2 والنمط 3) تم استئصال النمط 2 من فيروس شلل الأطفال البري في عام 1999، وانخفض عدد حالات الإصابة بالنمط 3 من فيروس شلل الأطفال البري إلى أدنى مستوياته على مر التاريخ.
وفي عام 1988، اعتمدت جمعية الصحة العالمية 41 قرارا باستئصال شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم. وقد أدى ذلك إلى إطلاق المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، برعاية كل من الحكومات الوطنية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الروتاري الدولية ومراكز الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها واليونيسيف، وبدعم من شركاء رئيسيين، ومنهم مؤسسة بيل وميليندا غيتس.
وجاء إطلاق المبادرة عقب الإشهاد الرسمي على استئصال الجدري في عام 1980، والتقدم المحرز خلال الثمانينيات صوب التخلص من فيروس شلل الأطفال في الأمريكتين، والتزام منظمة الروتاري الدولية بحشد ما يلزم من أموال لحماية جميع الأطفال من هذا المرض.
وقد وضعت الخطة الاستراتيجية الجديدة للقضاء على شلل الأطفال والشوط الأخير من استئصاله (2013- 2018) في إطار التسليم بإمكانية تحول المرض إلى وباء، والمخاطر الكبيرة لاحتمال العجز عن وقفه وبالتشاور مع البلدان المتضررة من شلل الأطفال، والأطراف المعنية، والجهات المانحة، والشركاء، والهيئات الاستشارية الوطنية والدولية. وجرى تقديم الخطة في "قمة اللقاحات العالمية" في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة، في نهاية أبريل 2013، وهي أول خطة للقضاء على جميع أنواع مرض شلل الأطفال في وقت واحد، سواء الناجمة عن فيروس شلل الأطفال البري أو فيروس شلل الأطفال الناجم عن اللقاح، وحالما يتم القضاء على شلل الأطفال يمكن للعالم الاحتفال بالنجاح في إيصال منفعة عالمية عامة كبرى يستفيد منها جميع الناس على قدم المساواة، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه.
وقد اكتشفت النماذج الاقتصادية أن القضاء على شلل الأطفال سيوفر على الأقل 40-50 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الـ 20 المقبلة، معظمها في البلدان المنخفضة الدخل، والأهم من ذلك أن هذا النجاح يعني عدم معاناة أي طفل مرة أخرى من الآثار الرهيبة لإصابته بالشلل مدى الحياة نتيجة لفيروس شلل الأطفال.
في الوقت نفسه، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها قد أدرجت تطعيما جديدا ضد مرض شلل الأطفال بالحقن (سولك) ضمن جدول التطعيمات.
وفي تطور آخر، كشفت هيئات للصحة أن بإمكانها تخليص العالم من شلل الأطفال بحلول عام 2018 من خلال خطة للتطعيم والمتابعة تتكلف 5.5 مليار دولار لمنع المرض من الانتشار مرة أخرى، حيث يوجد الآن عدد قليل جدا من الحالات في أنحاء العالم.
ويقول خبراء صحة دوليون، إن خطة استئصال شلل الأطفال تقدم أفضل فرصة حتى الآن للقضاء على المرض الذي كان يصيب حتى خمسينيات القرن الماضي آلاف الأشخاص كل عام، لكنه أوشك على الاندثار بفضل حملات تطعيم فعالة، ويمكن القضاء عليه كما حدث في كثير من الدول المتقدمة عن طريق برامج تطعيم شاملة.
وتتضمن ميزانية خطة القضاء على شلل الأطفال البالغة 5.5 مليار دولار تكاليف الوصول إلى أكثر من 250 مليون طفل وتطعيمهم عدة مرات كل عام، والرصد والمراقبة في أكثر من 70 دولة، وتأمين البنية التحتية التي يأمل دعاة الحملات الصحية في أن تساعد برامج صحية أخرى.