«قطع شريان بلا بديل».. العالم يقف في وجه حظر إسرائيل لـ«أونروا»
هبّة دولية ضد القرار الإسرائيلي الذي يحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) العمل في إسرائيل.
هذا الرفض الذي جاء من حلفاء إسرائيل قبل خصومها، يبرز "العواقب الوخيمة" للقرار، الذي يقطع "شريان حياة أساسيا للشعب الفلسطيني".
- إسرائيل تتحدى أمريكا ودولا أوروبية بحظر «الأونروا»
- ليست إرهابية».. واشنطن تدحض مزاعم إسرائيل وتدعم الأونروا
وتأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط.
أمريكا
وفي سياق متصل، عبّرت الولايات المتحدة، الإثنين، عن "قلقها العميق" بشأن التشريع، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: "أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بقلق عميق إزاء هذا التشريع".
وشدد ماثيو ميلر، على أهمية الدور "الحاسم" الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات في غزة، مضيفا: "سنواصل حض الحكومة الإسرائيلية على تعليق تنفيذ هذا التشريع، ونطلب منهم عدم تمريره إطلاقا، وسننظر في الخطوات التالية بناءً على ما سيحدث".
بريطانيا
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الإثنين، إن "المملكة المتحدة قلقة جدا إزاء إقرار البرلمان الإسرائيلي هذا التشريع".
وحذّر ستارمر من أن هذا التشريع "قد يجعل مستحيلا عمل الأونروا الأساسي بالنسبة للفلسطينيين، ما يعرض للخطر الاستجابة الإنسانية الدولية بكاملها في غزة".
ألمانيا
أما الحكومة الألمانية فقد انتقدت "بشدّة" التشريع الذي أقرّه البرلمان الإسرائيلي، بحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت لويز أمتسبرغ، مفوضة سياسة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية في ألمانيا، إن "حظر أنشطة أونروا سيجعل تقديم المساعدات الإنسانية الحيوية لملايين الأشخاص مستحيلا، ما يعرض حياتهم للخطر".
إيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا
من جانبها، أدانت كل من إيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا، الإثنين، تصويت البرلمان الإسرائيلي، في بيان مشترك.
وكتبت حكومات الدول الأوروبية الأربع التي اعترفت بدولة فلسطين أن "عمل الوكالة ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لملايين الفلسطينيين، خاصة الوضع في غزة".
واعتبرت الدول أن "التشريع الذي أقره الكنيست الإسرائيلي يشكل سابقة خطرة جدا لعمل الأمم المتحدة".
الصحة العالمية
بدوره، ندد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس، بالقرار الإسرائيلي "غير المقبول" الذي ستكون له "عواقب وخيمة".
وقال "إنه يتعارض مع التزامات إسرائيل ومسؤولياتها"، مشددا على أن "الأونروا هي شريان حياة لا يمكن الاستغناء عنه للشعب الفلسطيني".
الأمم المتحدة
وفي هذا الإطار، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن "تطبيق قانون يحظر على وكالة (الأونروا) العمل في إسرائيل قد يكون له عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أمر غير مقبول".
وأضاف غوتيريش، في بيان، أنه "لا يوجد بديل للأونروا لأن تطبيق هذه القوانين سيكون مضرا بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والسلام والأمن في المنطقة ككل. وكما قلت من قبل، فإن الأونروا لا غنى عنها".
وذكر غوتيريش أنه "سيعرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا".
الأونروا
وفي سياق متصل، نددت الأونروا بهذا الإجراء الذي وصفته بـ"الفاضح" في حقّها، وهي التي قدمت على مدار أكثر من 7 عقود مساعدات أساسية للفلسطينيين.
وقال فيليب لازاريني، المفوّض العام للأونروا، إنّ الحظر "يُمثّل سابقة خطرة" ويشكّل أحدث حلقة في "حملة مستمرّة لتشويه سمعة" الوكالة، معتبرا أنّ هذا الإجراء "سيزيد معاناة الفلسطينيين".
وأكدت جولييت توما، المتحدثة باسم الأونروا، لـ"فرانس برس" أنه "حال تطبيق هذا الحظر فسيكون الأمر كارثة، خصوصا بسبب تأثيره المحتمل على العمليات الإنسانية في غزة وفي مناطق عدة من الضفة الغربية".
وأضافت: "الأونروا أكبر منظمة إنسانية في غزة وهي المسؤولة الأولى عن الاستجابة الإنسانية، خاصة ما يتعلق بالمأوى والغذاء والرعاية الصحية الأساسية".
فلسطين
ومن جانبها، رفضت الرئاسة الفلسطينية التشريع الذي تبنّاه البرلمان الإسرائيلي، بحظر عمل وكالة الأونروا.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة: "نرفض وندين التشريع الإسرائيلي بخصوص الأونروا".
وفي نهاية الأسبوع الماضي، انتقد بيان لوزراء خارجية دول غربيّة عدّة التشريع الإسرائيلي الذي يستهدف وكالة الأمم المتحدة.
وجاء في البيان "نحن وزراء خارجية كندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، نعرب عن قلقنا البالغ إزاء التشريع الذي ينظر فيه الكنيست الإسرائيلي ويهدف إلى إلغاء امتيازات (الأونروا) وحصاناتها".
أسباب الأزمة
وتصاعدت حدة الانتقادات الإسرائيلية للوكالة الأممية بشكل كبير منذ بدء الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حماس على إسرائيل.
ووجهت إسرائيل، في يناير/كانون الثاني، اتهامات لعشرات من موظفي الأونروا في قطاع غزة بضلوعهم في الهجوم.
ووجدت سلسلة من التحقيقات أن 9 من موظفي الوكالة الأممية "ربما كانوا متورطين" في الهجوم، لكن دون العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية.
واتهمت الأونروا وغيرها من المنظمات الإنسانية السلطات الإسرائيلية بتقييد تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.
وتكبدت الأونروا خسائر فادحة حيث قتل ما لا يقل عن 223 من موظفيها وتضرر أو تم تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.
وتسبب هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب إحصاء لـ"فرانس برس" يستند لأرقام إسرائيلية رسمية تشمل رهائن ماتوا أو قتِلوا في الأسر في غزة.
ومن أصل 251 شخصا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وعمليات برّية في قطاع غزة، تسببت بمقتل ما لا يقل عن 43020 فلسطينيا، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة ذات صدقيّة.
وأقرّ النواب المشروع بغالبيّة 92 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة، بعد سنوات من الانتقادات الإسرائيلية الحادة للأونروا والتي زادت منذ بدء الحرب في غزة.
كما أن نصا ثانيا تمّ تبنّيه أيضا بغالبية كبيرة (89 مقابل 7) يحظّر على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الأونروا وموظفيها، ما من شأنه عرقلة أنشطتها إلى حد كبير. وسيدخل القانونان حيز التنفيذ بعد 90 يوما من إقرارهما، وفق الكنيست.
إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إنّ إسرائيل التي تفرض رقابة صارمة على دخول شحنات الإعانات الدولية "مستعدّة" لإيصال مساعدات إنسانية للقطاع.
وكتب على منصة إكس "نحن مستعدون للعمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار إسرائيل في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بطريقة لا تهدد أمن إسرائيل".
واستهدف التشريع عمليات الوكالات في القدس الشرقية ومن بينها التنظيف والتعليم والرعاية الصحية في أحياء بعينها.
وسيحرم التشريع أيضا العاملين في الوكالة من بعض المزايا الممنوحة للموظفين الدبلوماسيين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية.