في واقع الأمر لا تدخر الصين جهدا في الحد من خطورة هذا الفيروس وتعمل بطاقاتها كافة من أجل السيطرة على الوضع في الداخل
ليس خافيا علينا الوباء الذي ضرب الصين مؤخرا وكمية الهلع التي أصابت الصينيين وغيرهم من شعوب الأرض، نتيجة هذه المشكلة، التي حتى اللحظة، لم تستطع الكوادر الطبية التعامل معها على الوجه الذي يمنع انتشارها والحد من تفشيها من مكان إلى آخر، ليس آخره وصول بعض الحالات إلى بلدان عربية ضعيفة جدا من الناحية الصحية مقارنة بإمكانات الصين الطبية؛ لبنان مثالا على ذلك.
هذا المرض المسمى "فيروس كورونا"، الذي وصف بالوباء القاتل أصبح الحديث اليومي للناس لأنه بات خطرا عالميا يهدد البشرية جمعاء، وهذا ما قاد الرئيس الصيني إلى وصفه بالشيطان، قائلا إنّ بلاده تخوض معركة كبيرة وخطيرة ضد هذا الفيروس، وستفوز في هذه المعركة.
تشير الإحصائيات إلى أن الصين قدمت مساعدات طارئة لـ30 دولة من بينها الإكوادور وسريلانكا وغيرهما، وحصلت على إشادة من المجتمع الدولي بأنها ما زالت تسعى دوما إلى تحسين معيشة الشعوب
تشير الأرقام الواردة من مراكز الإحصاء الطبية العالمية إلى أنّه من أصل 77 ألفا وخمسمائة إصابة بفيروس كورونا في العالم؛ 76 ألف حالة منها في الصين و1500 في أنحاء العالم و650 حالة على السفينة Diamond Princess التي تم الحجر عليها في اليابان، وتفيد الأرقام بأن 21 حالة تم شفاؤها، وأنّ نسبة الوفيات لم تتجاوز 2% غالبيتها في الصين للمصابين والمصابات بمناعة ضعيفة.
في واقع الأمر، لا تدخر الصين جهدا في الحد من خطورة هذا الفيروس وتعمل بطاقاتها كافة من أجل السيطرة على الوضع في الداخل، وتساعدها في ذلك الإمكانات الضخمة المسخرة من قبل السلطات لأجل هذه القضية، وهذا ملاحظ للجميع، ولكن ما هو مؤثر في نفسية الصينيين ويزيد من وجعهم نتيجة هذا الفيروس؛ حالة التنمر عليهم في المطارات الدولية، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، واعتبار السليم منهم خطرا يهدد من حوله.
في الحقيقة الحذر واجب، ولا بد من أخذ الاحتياطات اللازمة تجاه من يغادر الصين أو حتى من زارها، ولكن يجب أن يكون هذا وفق آلية لا تتسبب بالحرج ولا مضايقة الأفراد الذين أجبرتهم الحياة على أن يكونوا في تلك البقعة من الأرض، فبعض الأحيان يصل العامل النفسي السلبي إلى الإضرار بالمرء أكثر من الحالة البيولوجية التي يعاني منها.
لا بد من الوقوف مع الصين معنويا برفع همة شعبها وتشجيعه على مقاومة الفيروس، وماديا كذلك فهي السبّاقة في تقديم المساعدات للدول التي أصابتها الكوارث والحروب، وغير ذلك من أزمات تعرضت لها نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر، فالأرقام كبيرة ولا يمكن استعراضها في هذه العجالة، إذ تابعت بكين أزمات كثيرة وعملت على درء خطرها، وهذا ما حدث حين أرسلت أطنانا من المساعادات الإغاثية إلى ليبيا في أعقاب القتال بين قوات معمر القذافي والفصائل المسلحة عام 2011، ليس هذا فحسب، فمليارات الدولارات وصلت إلى الفلبين لمساعدة حكومتها عندما تعرضت مدينة سوريجاو جنوب البلاد في فبراير/شباط عام 2017 إلى أقوى زلزال منذ مئة عام، إضافة إلى ذلك وفرت دفعتين من المساعدات إلى سوريا لاستخدامها في المشاريع الإنسانية.
كما تشير الإحصائيات إلى أن الصين قدمت مساعدات طارئة لـ30 دولة من بينها الإكوادور وسريلانكا وغيرهما، وحصلت على إشادة من المجتمع الدولي بأنها ماز الت تسعى دوما إلى تحسين معيشة الشعوب؛ ليس هذا فحسب، بل عملت على تنفيذ 250 مشروعا وأرسلت نحو 5000 خبير من أطباء وتقنيين ومتطوعين، حيث استفادت منهم أكثر من 156 من الدول والمناطق والمنظمات الدولية.
ليس مصادفة أن تتعرض الصين لكل هذه الأزمات دفعة واحدة، فهي البلد الأكثر إنتاجا واستقلالية في القرار وشعبها متفرد بكثير من الخصائص غير الموجودة في شعوب أخرى؛ ألا وهي حبه للعمل والمثابرة وعدم اتكاله على منتج الآخرين.
لذلك يجد زائر الصين شكلا من الحياة مختلفا عن بلدان العالم، حتى إن شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وطرق الدفع الإلكترونية مختلفة تماما وهي محلية الصنع.
وذهب البعض إلى القول إنّ هذا أحد الأسباب التي جعلت هذا البلد المستقر اقتصاديا في مرمى أعدائه الاقتصاديين، لذلك تتعرض لضغوط كبيرة، ليس آخرها فيروس كورونا، لذلك لا بد من شعوب العالم المحبة للسلام مساندة الصينيين على النهوض من جديد، لا الإمعان في إثخان جروحهم المعنوية والمادية في آن.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة