الروائي أحمد مجدي همام: أخوض جولات كتابية في جميع أرجاء غابة السرد
الروائي المصري أحمد مجدي همام يؤكد لـ"العين الإخبارية" أنه لا يعنيه سوى الكتابة الجيدة في المقام الأول، وأنه لا ينشغل كثيرا بالتصنيف.
قال الروائي المصري أحمد مجدي همام، إنه لا ينشغل بتصنيفه كروائي أم قاص، مؤكدًا أن ما يعنيه هو الكتابة الجيدة، حيث إن الجمال عنده هو المعيار والتصنيف الحقيقي لأي نص.
وأوضح صاحب "الوصفة رقم 7"، في حواره لـ"العين الإخبارية"، أنه وإن كان له مشروع في الكتابة، ربما يكون محاولة لخوض جولات كتابية في جميع أرجاء غابة السرد، سواء وفق تصنيف القوالب أو تصنيف المدارس أو بلا تصنيف، متابعًا: "أحب أن أترك ورائي قطعا فنية جيدة ومتنوعة".
ونال مجدي همام عبر مسيرته مع الكتابة عدة جوائز أبرزها جائزة مؤسسة ساويرس 2017 عن مجموعته القصصية " الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة"، ومؤخرًا انتهى من رواية جديدة اسمها "وقائع حرب التمنع"، كما أن لديه 7 قصص قصيرة، ينتظر أن يظفر برقم مماثل لها ليصدر مجموعته القصصية الثانية، فضلًا عن كتاب للأطفال يعمل عليه همام بعنوان "أصغر مؤلف في العالم".. وإلى نص الحوار:
يمكن اعتبار روايتك "عياش" بمثابة رواية تخيل ذاتي، أما في "الوصفة رقم 7" فإننا أمام عالم فانتازي.. هل هذا يعني عدم اهتمامك بفكرة التصنيف، وأن ما يشغلك هو الكتابة فقط؟
بشكل تقريبي نعم، فالتصنيف قد يشغل أكاديميا أثناء قيامه بالتدريس لطلبة الجامعة، كنوع من التسهيل والتقريب، وبالمثل قد تشغل مسألة التصنيف مالك المكتبة أو مديرها أيضاً ليعرف أين يجد الكتاب الفلاني بين رفوف مكتبته أو لاعتبارات تجارية، فالرواية عادةً تبيع أكثر من الشعر، ورواية "الرعب" تبيع أكثر من رواية سريالية مثلاً.
وبالنسبة لي ككاتب تعنيني الكتابة الجيدة في المقام الأول، ولست مشغولاً كثيراً بالتصنيف، وشخصياً قرأت كتباً عجزت عن تصنيفها إلا أنني أحببتها، كتب مثلاً تخلط محتوى معرفيا بالسرد، أو كتب يصعب تحديد ما إذا كانت قصة طويلة أو نوفيلا أو رواية، لكنها تبقى في النهاية نصوصاً جميلة.. هذا الجمال هو المعيار والتصنيف الحقيقي من وجهة نظري، وعليه أفضل تصنيف الكتب إلى نص جيد وآخر غير جيد.
وماذا عما يسميه النقاد المشروع الإبداعي للكاتب.. ما هو مشروعك؟
المشروع من وجهة نظري هو الأعمال المتراكمة في رصيد المؤلف، أحياناً أفهم من كلمة "مشروع" تراكم لون كتابي واحد، هو اللون الذي ينتج منه كاتب محدد كميات أكثر من غيرها، هنا أتصور أن كلمة "المشروع" تتحول إلى عبء وقيد، وأكره أن يتم تصنيفي أو تلويني بلون محدد، وأفضل حرية التجوال بين الأشكال والأنواع والألوان المختلفة.. تلك الحرية في التنقل كانت من المزايا الكبرى مثلاً لنجيب محفوظ الذي كتب رواية اجتماعية وبوليسية وتاريخية ورمزية وفانتازية وقصصاً قصيرة وأحلاما، إلخ.
وربما يكون مشروعي هو محاولة خوض جولات كتابية في كافة أرجاء غابة السرد، سواء وفق تصنيف القوالب أو تصنيف المدارس أو بلا تصنيف.. أحب أن أترك ورائي قطعا فنية جيدة ومتنوعة.
وهل يمكن أن نعتبر التجريب واحدا من أهم ملامح كتابتك؟
التجريب يدخل ضمن هذه الرغبة في الانعتاق من القوالب والأنماط، وهو أيضاً رؤية فنية تتعامل مع الكتابة بوصفها مساحة للعب، ومساحة للتجريب الفعلي، وتهجين الأنواع، كما لو أنك أمام عالم أهوج يصر على خلط العناصر والأنواع بغية الوصول لمنتج مختلف ونادر وقبل كل شيء جيد.
وبالنسبة للقصة القصيرة.. لماذا اكتفيت حتى الآن بمجموعة وحيدة رغم ما حققته من نجاح كبير؟
لا لم أكتف بمجموعة واحدة، وحالياً أعكف على كتابة مجموعة قصصية، لكن الفارق بين كتابة القصة والرواية هو أنك لا يمكنك استدعاء القصة لاستكمال كتابتها، ولا يمكنك أحياناً استدعاء فكرة للقصة، على عكس الرواية التي تستطيع كتابتها وفقاً لجدول زمني مسبق التحضير، ويمكنك استدعاؤها، ويمكنك أن تقرر أنك ستعود إلى مكتبك مساءً بعد العمل لتواصل كتابة الرواية التي بدأتها بالأمس، لكن هذا لا يسري على القصة التي تطرق رأسك في لحظة ما، فإما أن تصطادها وإما تتركها لتهرب منك.
وحالياً أمتلك أكثر من 7 قصص قصيرة، وأعتقد أنني سأنتظر لأحصد 7 أخريات قبل أن تكتمل لدي مجموعة قصصية يمكنني طرحها في كتاب.
منذ صدور روايتك الأولى "قاهري".. ماذا تغير فيما يخص رؤيتك للكتابة وللعالم وللفن نفسه؟
أشياء كثيرة تغيرت، في البدايات آمنت أن الكتابة وحي وموهبة فقط، ولاحقاً أدركت قيمة الحرفة واشتغلت على تطويرها، قديماً كذلك كنت متخشباً عند مستويات محددة من اللغة، و"قاهري" نفسها رواية تدور أحداثها بعد سنة 2000 في القاهرة غير أن أبطالها يتحاورون بالفصحى، وبالوقت أدركت أن اللغة وسيلة وليست غاية، أدركت أيضاً أن الرواية ليست مجرد حكاية، وأن كيفية سرد الحكاية ولغتها وتقنياتها وموضوعها وأحداثها ومدى التناغم بين كل تلك العناصر – وعناصر أخرى - هو ما يجب على الكاتب الاشتغال عليه في كل نص.
وكلما مر الوقت أرصد قناعاتي الفنية وهي آخذة في التغير، حتى إن هذه الصيرورة الدائمة باتت تقريباً العنصر الثابت الوحيد، مقابل قناعات فنية مرتبطة بالمطالعة ومحاولة هضم كل الأنواع والأشكال، ومرتبطة بالخبرات الحياتية أيضاً.
بالحديث عن الفن.. هل تملك تعريفًا له؟
لا أملك تعريفاً للفن، لست مهتماً بالتنظير له قدر اهتمامي بممارسته، لكن بشكل كروكي تسطيحي أتعامل مع الفن بوصفه محاولة لخلق عمل يتقاطع مع الحياة أو حتى ينفيها أو يتوازى معها بشكل تكثيفي وبشكل منظم أكثر من الحياة، يعني عيّنة غير عشوائية من الحياة، بل عيّنة مصطفاة ومنتخبة ومؤطرة، أعتقد أن الفن هو محاولة لتقديم حياة أكثر غنى وعمقا ودلالة من الواقع، أو الحياة كما كان يجب أن تكون، أو كما كان مقدراً لها أن تكون وفقاً لذائقة ورغبة وميول الفنان.
ماذا تكتب الآن؟
عندي عدة مشاريع؛ انتهيت مؤخراً من كتابة رواية "وقائع حرب التمنّع"، وأعكف منذ شهور على مراجعتها وتدقيقها، وبالمثل فإنني أشتغل على رواية أطفال مصورة "أصغر مؤلف في العالم".
aXA6IDMuMTM1LjIxNi4xOTYg
جزيرة ام اند امز