ياسر العظمة.. "نهر الفن" متعدد الروافد
يجمع ياسر العظمة بين الموهبة والحضور، ولم يحقق هذا الفنان السوري الاستثنائي نجوميته بطريقة عابرة أو بمحض الصدفة، إذ وضع خطة واضحة المعالم حتى يصل إلى هدفه.
ومن خشبة المسرح، انطلق "العظمة" وشارك في عروض عالمية ناقش من خلالها أوضاعاً سياسية واجتماعية شائكة، لينتقل بعد ذلك إلى شاشة التليفزيون، منتجاً وممثلاً ومؤلفاً.
وفي كل روافد الإبداع حقق نجاحاً لافتاً وترك بصمة خالدة في المسرح والدراما السورية، ومع مضي الأيام وتعاقب السنوات لا يزول أثر هذا الفنان الملهم.
البداية
ولد ياسر محمد العظمة في 16 مايو/أيار 1942، ولم يعتمد على عائلته "العظمة الدمشقية" ذات الأصل العريق في شيء، وقرر منذ البداية الاعتماد على نفسه وتحقيق هدفه.
حصل العظمة على شهادة ليسانس الآداب من جامعة دمشق، وفي عام 1968 التحق بنقابة الفنانين السوريين، بعد ذلك درّب نفسه جيداً من أجل الوقوف على خشبة المسرح، إذ كان يرى أن المسرح هو النافذة الآمنة للعبور للجمهور.
في عام 1963، قدّم أول عرض مسرحي في مسيرته الفنية، والذي حمل عنوان "شيخ المنافقين" والمأخوذ عن نص للشاعر والممثل الإنجليزي بن جونسون.
الشهرة
بمرور الأيام و تعدد التجارب اكتسب العظمة الثقة التي تؤهله للوقوف إلى جانب كبار النجوم على خشبة المسرح، صار نداً قوياً للكبار وقتها، ومن أبرز التجارب التي منحته الثقة، مسرحية "طرطوف" للمخرج رفيق الصبان، وشاركه البطولة نجوم من العيار الثقيل مثل منى واصف وهالة شوكت وهاني الروماني.
بعد ذلك راح ياسر العظمة يبحث عن نصوص مسرحية تحمل أفكاراً جريئة وتهتم بالواقع الاجتماعي العربي، فشارك في بطولة مسرحية "التنين" للمخرج أسعد فضة، وفي عام 1974 قدّم المسرحية الكوميدية السياسية الشهيرة "ضيعة تشرين" وهي من تأليف الكاتب محمد الماغوط وإخراج دريد لحام، وشارك في بطولتها، نهاد قلعي وصباح الجزائري وحسام تحسين بك وعمر حجو.
وتعد مسرحية "غربة" أبرز أعمال ياسر العظمة المسرحية في هذه المرحلة والتي تتناول أحداثها واقع الوطن العربي في فترة السبعينيات، وهي من تأليف محمد الماغوط وإخراج خلدون المالح، وحقق هذا العرض نجاحاً كبيراً بسبب جرأة النص.
التليفزيون
أدرك العظمة أهمية الدراما التليفزيونية في نهاية فترة السبعينيات، وكان يقول عنها: "التليفزيون أكثر انتشاراً وشمولاً، وأذا أردت أن أعالج فكرة، فأنا أحب أن أعالجها عن طريقه لأنه موجود في كل بيت".
وفي عام 1977 قدم أول عمل درامي له على شاشة التليفزيون وهو مسلسل "الحب والشتاء" بجوار منى واصف وحسن عويتي وعبدالرحمن أبو القاسم.
وتوالت بعد ذلك أعماله التليفزيونية ومنها "رحلة المشتاق"، الحكاية الثانية من سيرة بني هلال، وهو عمل تاريخي يتناول قصة رزق الدريدي والأميرة الخضراء والدة أبو زيد الهلالي.
وتعاون العظمة عام 1980 مع المخرج الموهوب هيثم حقي في مسلسل "بصمات على جدار الزمن" ثم قدم مسلسل "تليفزيون المرح" للمخرج هشام شربتجي.
شعر العظمة بأن هناك تفاهماً بينه وهشام ششربتجي، لذا تعاون معه في مسلسله الاجتماعي الكوميدي "المرايا" والذي قام بتألفيه، قدّم العمل في أجزاء كثيرة وتحت عناوين مختلفة منها "مرايا حكايا، أحلى المرايا، شوفوا الناس، عشنا وشفنا" وحقق العمل نجاحاً لافتاً وساعده على اكتشاف العديد من الوجوه الجديدة.
تألق العظمة على شاشة التليفزيون وكانت آخر أعماله مسلسل "السنونو" ويعرض لأول مرة في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ولم تأسره شاشة السينما، لذا قدم من خلالها تجربة واحدة هي فيلم "الرجل الأخير".
شائعة وفاته
في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، انتشرت شائعة قوية حول وفاة ياسر العظمة، لكنه نفاها بنفسه عبر حسابه على أنستقرام قائلاً: "أحبائي تنتشر إشاعة كاذبة عني ولكنني بعون الله أحيا وبحبي لكم وبحبكم لي أعيش حياة هانئة".