يظل الإنجاز الأبرز لعملية عاصفة الحزم هو التصدي للتهديد الإيراني للأمن الإقليمي والعدوان على شبه الجزيرة العربية.
حينما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد شهر من انطلاق عملية "عاصفة الحزم"، التي يقودها التحالف العربي ضد الانقلابيين الحوثيين، بقيادة المملكة العربية السعودية؛ وبمشاركة رئيسية وفاعلة من دولة الإمارات العربية المتحدة، إن "خيارنا الوحيد هو الانتصار في امتحان اليمن، لصالح منبع العروبة والمنطقة"، فإنما كان يعبّر سموه عن مرحلة جديدة من العمل والفعل الخليجي والعربي، تقوم على "التحرك الاستباقي" لاحتواء المخاطر والتحديات التي تهدد الأمن الخليجي والعربي، والعمل على استعادة التوازن إلى المنطقة، ووقف التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة، باعتبار ذلك ضرورة أمنية واستراتيجية، بل ومصيرية للدول العربية.
واليوم وبعد مرور ثلاثة أعوام من عملية عاصفة الحزم، وما أعقبها من عملية "إعادة الأمل" التي انطلقت في أبريل 2015، فإن تطورات ومعطيات المشهد اليمني، تشير إلى أن دول التحالف العربي نجحت في "اختبار اليمن"، وحققت الكثير من أهدافها الاستراتيجية الرئيسية، سواء فيما يتعلق باستعادة الشرعية في اليمن، حيث نجح تحالف دعم الشرعية في فرض سيطرة القوات الحكومية الشرعية على نحو 85 % من أراضي اليمن، أو فيما يتعلق بمنع سيطرة جماعة الحوثي الإرهابية التي تديرها وتموّلها إيران على اليمن، والحيلولة دون تكرار تجربة حزب الله اللبناني في اليمن، أو فيما يتعلق بالتصدي لخطر القاعدة والتنظيمات الإرهابية، والتي كانت تسعى إلى إنشاء شبه دولة في أجزاء من اليمن.
ما حققته عملية "عاصفة الحزم" بعد ثلاث سنوات من انطلاقها لم يصب فقط في صالح الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه وتأكيد هويته العربية، وإنما أيضاً في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، بالنظر إلى ما تم إنجازه في الحرب ضد الإرهاب، وتحجيم نفوذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية
بينما يظل الإنجاز الأبرز لعملية عاصفة الحزم هو التصدي للتهديد الإيراني للأمن الإقليمي والعدوان على شبه الجزيرة العربية، فقد نجحت دول التحالف ليس فقط في وقف مشروع إيران التوسعي الذي كان يستهدف تحويل اليمن إلى منطقة نفوذ تابعة لها تتيح لها مساومة وممارسة ضغوط على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وخاصة السعودية، وإنما أيضاً، وربما الأهم، في كشف هذا المشروع التخريبي للعالم الخارجي، وما ينطوي عليه من مخاطر تهدد الأمن والسلم الدوليين، ولعل من المؤشرات المهمة في هذا السياق هي اقتناع العديد من القوى الكبرى في الآونة الأخيرة، بأن إيران تقف وراء إمداد مليشيات الحوثي الإرهابية بالصواريخ الباليستية التي تستهدف الأراضي والمدن السعودية، وتحركها من أجل فرض المزيد من القيود والرقابة على برنامجها للصواريخ الباليستية.
وليس من قبيل المبالغة القول إن ما حققته عملية "عاصفة الحزم" بعد ثلاث سنوات من انطلاقها لم يصب فقط في صالح الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وتأكيد هويته العربية، وإنما أيضاً في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، بالنظر إلى ما تم إنجازه في الحرب ضد الإرهاب، وتحجيم نفوذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي يعتبر من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، والحيلولة دون تنامي نفوذ التنظيم، واحتواء ما يمكن أن يشكله من خطر أو تهديد محتمل لدول المنطقة والعالم انطلاقاً من اليمن. في الوقت ذاته فإن دول التحالف العربي استطاعت تأمين خطوط الشحن البحرية وضمان أمن وحرية الملاحة في مضيق باب المندب، وأحبطت مخططات إيران ومليشيا الحوثي الإرهابية، التي كانت تستهدف السيطرة على باب المندب، وتوظيفه كورقة للضغط والابتزاز والمساومة من أجل تمرير مشروعها في اليمن، بالنظر لما يمثله باب المندب من أهمية للملاحة والتجارة الدولية.
لقد أسهمت الإمارات بدور رئيسي وفاعل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لتحالف دعم الشرعية في اليمن، ليس فقط لأنها تعتبر الدولة الثانية من حيث قوة المشاركة والتأثير السياسي والعسكري والأمني، وإنما أيضاً لأن قواتها المسلحة خاضت المعارك والمواجهات على الأرض، وقدمت عشرات الشهداء الأبرار من أجل التصدي للانقلابيين الحوثيين، ودحر مشروعهم التخريبي في اليمن، وستظل جهودها في تحرير مدينة عدن وميناء المخا وعملية تحرير وتأمين السواحل اليمنية على البحر الأحمر خير شاهد على ما تتمتع به من جاهزية وكفاءة واحترافية تضاهي قدرات أكبر الجيوش العالمية، كما كان للقوات المسلحة الإماراتية دور بارز في التصدي لتنظيم القاعدة الإرهابي، وخاصة في عملية تحرير مدينة "المكلا" عاصمة محافظة حضرموت في عام 2016 من هذا التنظيم المتطرف، والتي شكلت هزيمة كبيرة للتنظيم، كما أسهمت بدور حيوي في "عملية السيل الجارف" التي انطلقت في مارس 2018 لتطهير جيوب وأوكار مسلحي عناصر تنظيم "القاعدة" في محافظة أبين.
إن الأداء البطولي الذي قدمته، ولا تزال، قواتنا المسلحة في اليمن يؤكد بوضوح أنها قوة احترافية قادرة على تثبيت أسس الأمن والاستقرار في مناطق الأزمات والصراعات، وردع أي تهديد لأمن المنطقة واستقرارها، وكبح جماح أي أطماع خارجية فيها، والمساهمة في استعادة التوازن إلى المنطقة، ولهذا فإنها تمثل دوماً مبعثاً للفخر والاعتزاز لدى أبناء الوطن جميعاً، باعتبارها درع الوطن وحامي مقدراته، كما تتعزز صورتها في الخارج باعتبارها قوة أمن وتنمية واستقرار تقف إلى جانب الحق ونصرته، وتشارك بفاعلية في كل جهود حفظ الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة