فرنسا تستعد للموجة الخامسة من احتجاجات "السترات الصفراء"
استعدادات أمنية وانقسامات داخل الحركة
الحكومة الفرنسية دعت إلى الهدوء خشية تكرار مشاهد العنف والفوضى والتخريب التي هيمنت على الاحتجاجات الأسابيع الماضية.
رغم حزمة التنازلات التي قدمها الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته استجابة لعدد من مطالب محتجي "السترات الصفراء"، إلا أن المحتجين أكدوا مواصلة تظاهرتهم للسبت الخامس على التوالي.
- شكوى سيدة ثلاثينية وسترة سائق شاحنة وراء "الغضب الأصفر" في فرنسا
- فرنسا تحبس أنفاسها.. الاختبار الصعب بين ماكرون و"السترات الصفراء"
ودعت الحكومة الفرنسية إلى الهدوء، خشية تكرار مشاهد العنف والفوضى والتخريب التي هيمنت على الاحتجاجات الأسابيع الماضية، في الوقت الذي انقسمت فيه حركة "السترات الصفراء" على نفسها ما بين الاستجابة لدعوات التهدئة ومواصلة التصعيد.
سبت أسود جديد
تساءلت وسائل الإعلام الفرنسية، كيف ستبدو باريس غداً خلال السبت الخامس لاحتجاجات "السترات الصفراء"، حيث أشارت صحيفة "لوموند" إلى أن الحكومة الفرنسية اتخذت إجراءات مشددة للاستعداد لما وصفته بـ"السبت الأسود الخامس"، منها الدعوة لإغلاق المحلات التجارية، وبعض المتاحف، وإرجاء المباريات الرياضية، وإغلاق محطات المترو، إلى جانب استمرار الاستنفار الأمني المشدد في أرجاء البلاد.
من جهته، أعربت صحيفة "لوباريزيان" عن مخاوفها أيضاً من "يوم سبت أسود جديد"، على الرغم من تنازلات الحكومة، في الوقت الذي حذرت فيه صحيفة "ليبراسيون" من الانزلاق إلى هاوية الفوضى، لافتة إلى مؤشرات خسارة الحركة الجانب الشعبي السلمي غير السياسي.
وذكرت الصحيفة أنه: "يجب على المرء أن يعرف متى وكيف يوقف حركة احتجاج قبل أن تتدهور"، مشيرة إلى أن "مظاهرات السبت التي أصبحت طقساً في باريس وفي بعض المدن الفرنسية، لا يستفيد منها في الحقيقة سوى المتطرفين والمخربين".
إجراءات أمنية
حثت الحكومة حركة "السترات الصفراء" هذا الأسبوع على عدم التظاهر، قائلة إنه "ليس من المعقول" مواصلة الحركة في المناخ الناجم عن الهجوم في ستراسبورج، مشيرة إلى إرهاق قوات الأمن بعد 3 أﺳﺎﺑﻴﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ.
وحول الإجراءات الأمنية تحسباً لأعمال عنف، كشفت مصادر أمنية عن أن عدد قوات الأمن في باريس سيظل كما هو، فضلاً عن إغلاق المحلات التجارية الكبرى والعلامات التجارية في باريس، وسيتم فتح بعض المتاحف للزوار البعيدة عن مناطق العنف، كما ستتخذ باريس تدابير احترازية في أماكن أخرى.
من جانبه، قال مدير الشرطة ميشيل ديبلوش إن "استراتيجيتنا هي التكيف الدائم"، مشيراً إلى أن "العاصمة شهدت السبت الماضي أعمال كسر ونهب من جانب المجرمين الذين تسللوا بين المتظاهرين واستغلوا فرصة الفوضى للسرقة".
وأشار المسؤول الأمني إلى أنه سيتم حشد 8 آلاف من عناصر الأمن بينهم "قوات خاصة" من قوات الأمن الجمهوري، وفرق الشرطة المتنقلة، كما سيتم نشر 14 مركبة مدرعة لقوات الدرك، مثلما حدث الأسبوع الماضي.
كما سيتم أيضاً نشر قوات في محيط المؤسسات والمناطق الحساسة، وحول قصر الإليزيه ووزارة الداخلية والجمعية الوطنية (البرلمان) وقصر رئاسة الوزراء (مانيتون) وأرجاء العاصمة.
المتاحف تفتح أبوابها
وعلى عكس الأسبوع الماضي، فإن معظم المتاحف في باريس قررت فتح أبوابها خلال عطلة نهاية الأسبوع هذه، مثل متحف اللوفر، والقصر الكبير"لوجراند باليه"، ومتحف "كاي دو أورسيه" التابع لوزارة الخارجية الفرنسية، ومتحف "طوكيو"، كما سيكون برج إيفل مفتوحاً أيضاً.
في المقابل، سيتم إغلاق بعض المتاحف القريبة من الشانزليزيه، منها متحف "لو بيتي باليه"، و"جو دي بوم" بساحة كونكورد في باريس، ومتحف "كرنيستشي" للفنون الآسيوية بمدينة باريس، ومتحف الفن الحديث.
كما سيتم إغلاق المعالم الأثرية الوطنية مثل قوس النصر، والحرس الوطني، وأبراج "نوتر دام دو باري"، وفندق "دو سولي"، والعديد من المحلات التجارية الفاخرة.
انقسام السترات الصفراء
بعد أربعة أسابيع من الاحتجاجات، انقسمت حركة "السترات الصفراء" حول الدعوات للاشتراك في مظاهرات الغد، ما بين الدعوة إلى التهدئة والجلوس على طاولة الحوار مع الحكومة، وهو ما يدعو به الجناح المعتدل في الحركة، وبين الدعوات إلى التصعيد.
ودعت عدة شخصيات بارزة في الحركة، منها ماكسيم نيكول، وبريسيليا لودوسكي، رمز الشرارة الأولى للاحتجاجات، الخميس الماضي، الفرنسيين إلى استمرار الاحتشاد، خلال مؤتمر من أمام ساحة "جو دو بوم" بمدينة "إيفلين الفرنسية، أحد الأماكن الشهيرة المتصلة بالثورة الفرنسية 1789م.
وقالت بريسيليا لودوسكي، خلال مقابلة مع مجلة "لونوفل أوبسيرفاتير" الفرنسية، إن الإجراءات التي أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غير كافية، ودعت إلى مواصلة التظاهر غداً السبت، لتدخل الحركة أسبوعها الخامس.
كما حثت لودوسكي الحكومة على الذهاب إلى أبعد من ذلك في خفض الضرائب، وقبول مبدأ الاستفتاءات حول القضايا التي تمس حياتهم.
من جهة أخرى، دعت جاكلين مورود، شخصية أخرى في الحركة من الجناح المعتدل في "السترات الصفراء"، إلى التوقف عن الاحتجاجات والخروج الذكي من أعمال العنف، ومن ثم سيتم تغيير سياسة الحكومة بالطرق السلمية.
وقالت مورود في تصريحات لإذاعة "إر.تي.إل" الفرنسية: "إن الوقت قد حان لتغيير الحركة الآن، ويجب أن نتصرف بذكاء، الباب مفتوح للقاء أعضاء الحكومة".
كما دعا بنجامين كوشي، وكريستوف تشالونسون، عضوان بارزان في الحركة، إلى السماح لقوات الأمن بأداء وظيفتها"، خشية أن تخترق فصائل أو تنظيمات إرهابية الحركة للقيام بأعمال عنف.
وجاءت الدعوة بعد الهجوم الإرهابي في "ستراسبورج"، حيث ارتفع الضغط على "السترات الصفراء" للانضمام إلى طاولة المفاوضات والتخلي عن "الأسبوع الخامس" للاحتجاجات التي شهدت وفاة المتظاهر السادس.