الأطماع الإيرانية في الشرق الأوسط، خاصة في المنطقة العربية أطماع قديمة، تمخضت عن إخضاع الإمبراطورية الفارسية لمناطق عربية عدة لنفوذها، كان من بينها اليمن في القرن السادس الميلادي، وتهاوت هذه الأطماع مع سقوط دولة كسرى يزدجرد آخر ملوك الدولة الساسانية في ال
الأطماع الإيرانية في الشرق الأوسط، خاصة في المنطقة العربية أطماع قديمة، تمخضت عن إخضاع الإمبراطورية الفارسية لمناطق عربية عدة لنفوذها، كان من بينها اليمن في القرن السادس الميلادي، وتهاوت هذه الأطماع مع سقوط دولة كسرى يزدجرد آخر ملوك الدولة الساسانية في القرن السابع، ثم ظهرت هذه الأطماع من جديد مع ظهور دول فارسية جديدة ذات أطماع توسعية، كان من أخطرها الدولة الصفوية التي ظهرت في القرن السادس عشر، والتي أدخلت إيران في نفق الطائفية المظلم والمصبوغ بلون الدم. وشن الصفويون حملات وحشية على دول الجوار، وانتهكوا حرمات الأحياء والأموات.
وفي القرن العشرين ظهرت الأطماع التوسعية الإيرانية في ثوب جديد مع وصول رضا شاه بهلوي إلى سدة الحكم في إيران، واصطبغت هذه الأطماع بالصبغة القومية العنصرية العدائية، والأحلام الجنونية ببعث الإمبراطورية الفارسية من مرقدها، والوصول إلى كل أرض وصلتها جيوش فارس، وتمكن الشاه رضا من احتلال الأهواز وضمه إلى إيران، والقضاء على دولة الكعبيين، واحتل ابنه محمد رضا الجزر الإماراتية الثلاث، وتصاعدت التهديدات الإيرانية في زمن الشاه الأب والابن باحتلال البحرين.
ومع تولي نظام الملالي زمام الحكم في إيران خابت التوقعات وزاد الخطر الإيراني على الإقليم، واتسمت سياسة الملالي بعدم احترام سيادة الدول وسياسات حسن الجوار، وظهرت الأطماع الفارسية في ثوب جديد امتزجت فيه النزعة الطائفية المتطرفة مع الصبغة البهلوية العنصرية العدائية، وظهر شعار تصدير الثورة الذي ارتبط بمفاهيم إيديولوجية وسياسية تهدف لإيقاع الفوضى وزعزعة استقرار الدول لخدمة المشروع الإيراني التوسعي، كما تكون الحرس الثوري عام 1971، والذي شكل رأس الحربة في المشروع الإيراني للهيمنة وبسط النفوذ واستزراع الميليشيات المسلحة في قلب الدول عربية، وكان الحوثيون في اليمن إحدى هذه الميليشيات التي سعت إيران عن طريقها لإلحاق اليمن بمناطق نفوذها.
في أغسطس 2014 اغتصب الحوثيون السلطة في اليمن بعد انقلابهم على السلطة اليمنية الشرعية التي تحظى باعتراف وتأييد المجتمع الدولي، وانقضوا على مفاصل الدولة، وعملوا على إخضاع القوى السياسية بالقوة، والإجهاز على العملية السياسية في اليمن، وتقويض أركان الدولة الوطنية، بدعم كامل من إيران، التي كانت تدعمهم بشتى الوسائل، بما في ذلك تهريب شحنات الأسلحة، وبدعم من الرئيس اليمني المخلوع صالح، المدفوع بعقدة الانتقام والثأر من الشعب اليمني.
ورفض الحوثيون رفضاً باتاً الاستماع لصوت العقل والانصياع لأية حلول سلمية تنقذ اليمن من الحروب، بل صعدوا أعمالهم العسكرية لابتلاع اليمن بأسره وبسط النفوذ على كامل الأراضي اليمنية بقوة السلاح والإرهاب، وعملوا على إفشال كل المفاوضات، واستخفوا بكل الجهود الرامية لحفظ السلام والاستقرار في اليمن.
وبسبب الأطماع الإيرانية وعمالة الحوثي وعقدة صالح تفاقمت الأزمات الإنسانية في اليمن، وعانى آلاف اليمنيين من الفقر الشديد وعدم توافر الأمن الغذائي وانتشار الأمراض وحرمان كثير من الأطفال من حق التعليم، وتدهور الأوضاع الأمنية، وعانى الشعب اليمني من أعمال العنف والقتل والإبادة الجماعية بحق الأطفال والنساء والشيوخ من قبل ميليشيات الحوثي وصالح، جراء القصف الهستيري على المدن والقرى، وارتكاب جرائم تندى لها الجبين، وتدمير المدن اليمنية الواحدة بعد الأخرى، في مشاهد تختزل وحشية هذه الميليشيات، التي تجردت من الإنسانية وخرقت جميع الأعراف والمواثيق الدولية.
جهود كبيرة بذلتها قوات التحالف العربي لإعادة السلام والاستقرار في اليمن، والدفاع عن الكرامة العربية، بعد طلب رسمي من الحكومة اليمنية الشرعية لإنقاذ اليمن من الانهيار والإفلاس وسقوط الدولة، وتسلط الميليشيات الحوثية على رقاب الشعب اليمني، وجهود جبارة لدولة الإمارات على المستويين العسكري والإنساني لمساندة الأشقاء اليمنيين، وإنجازات بطولية بتحرير الكثير من الأراضي المغتصبة من قبضة الحوثيين، الذين مارسوا أسوأ أنواع الانتهاكات اليومية في حق أبناء اليمن وارتكبوا جرائم قتل وتعذيب، كما قامت قوات التحالف العربي بدحر التنظيمات الإرهابية وطردها، وقدمت دولة الإمارات كوكبة مضيئة من الشهداء الذين قدموا أرواحهم الطاهرة من أجل عودة السلام والخير إلى أرض اليمن، وقدمت دولة الإمارات مساعدات كثيرة من منطلق واجبها الإنساني لتخفيف معاناة أهل اليمن الشقيق.
وموجز القول أن اليمن ضحية أطماع إيرانية وعمالة حوثية، والتاريخ لن يرحم الطغاة الذين يشربون دماء الأبرياء من أجل مصالحهم الرخيصة، وما لم تتخل إيران عن أطماعها التوسعية في المنطقة العربية وتوقف تدخلاتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وتتعامل بمبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول فإنها ستبقى عبئاً ثقيلاً على المنطقة، وخطراً مستمراً يهدد دول الإقليم والسلم والأمن الدوليين.
نقلًا عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة