جاء عام الخير كما الإمارات، وكأنها اشتقت من اسمها حالة ومن فعلها نموذجاً، لتعلن للدنيا كلها أن قد كفى، فما أسهل الهدم لكن ما أصعب البناء، وما أسهل أن تضع العقبات في طريق الآخرين، لكن الأصعب هو أن تأخذ بأيديهم وتدلهم على طريق الفلاح والفوز.
جاء عام الخير كما الإمارات، وكأنها اشتقت من اسمها حالة ومن فعلها نموذجاً، لتعلن للدنيا كلها أن قد كفى، فما أسهل الهدم لكن ما أصعب البناء، وما أسهل أن تضع العقبات في طريق الآخرين، لكن الأصعب هو أن تأخذ بأيديهم وتدلهم على طريق الفلاح والفوز.
الفشل أمر هيّن ولا يحتاج إلى فعل أو فعل سلبي، غير أن من يتطلب فكراً واعياً تصاحبه حركة منضبطة قادرة متحكمة هو النجاح. وما أسهل الدعة والراحة على النفس وقد تستمرئها وتعتادها، لكن الجهد والحركة هما اللذان يحتاجان إلى استفزاز واستثارة ودافع وإيمان بما تود القيام به أو تصنع.
إن وضع الأشواك في الطرقات أمر لا يحتاج إلى مهارة، ويتم في وقت قصير جداً لكن التقاطها وإزالتها، وتمهيد السبيل يحتاج إلى أيام وأيام، والأشواك قد تكون بالفعل وقد تكون بالكلمة، فالكلمة نور وبعض الكلمات قبور، وهي كزخات المطر الندي الذي يغسل وجوه البشر وينعش أنفسهم، ولأنها كذلك كان للإعلام في عام الخير دور كبير يتعاظم مع تعاظم نبل الهدف وسمو الغاية.
لا أقصد بدور الإعلام هنا المبادرات التي تقوم بها المؤسسات الإعلامية للمبادرات الخيرة فحسب، أو الصفحات التي تخصصها لنشر الجانب الإيجابي لأفعال الناس فحسب، ولكن أن يكون إشاعة الخير الذي يضفي على الناس البهجة ويزرع الأمل سياسة إعلامية دائمة ومستمرة غير مرتبطة بعمود أو مقال صحفي، وكذلك لا تقتصر على برنامج أو حلقة نقاشية أو مناسبة دينية أو وطنية لكنها حركة دائمة لا تتوقف تهدف إلى غاية كبرى وهي خلق إنسان قادر على تحقيق النجاح واكتشاف ما لديه من نقاط قوة تجعله يغير نظرته إلى نفسه وبالتالي إلى الناس والمجتمع من حوله، فالمواطن الإيجابي الذي ينظر إلى آيات الجمال في الكون من حوله يحمل مقومات النجاح.
وكما قال إيليا أبو ماضي: «كن جميلاً ترَ الوجود جميلاً»، أي أن البداية من الإنسان ذاته، والإنسان المحبط لا يمكن أن يرى فرص النجاح حتى لو شخصت أمامه ونادته بأعلى صوتها، فهو الذي لا يكلف نفسه مشقة النظر والتأمل، ويستريح إلى أن يحمل غيره سبب ما آل إليه فكره وحاله وحركته بين الناس.
وأنا لا أطالب بأن يقدم الإعلام صورة وردية دائمة، ويغض الطرف عن مواطن قد تحتاج إلى إصلاح، فنحن لا نزال نعيش في الدنيا بكل ما فيها من أفراح وأتراح، ومد وجزر، وصعود وهبوط، لكن من المهم، ونحن نتناول ذلك، أن نقدم للجمهور السبيل إلى النجاح والطريق إلى الرقي والنماء، فأحداث العالم العربي وشوارعه، التي باتت تقص كل يوم حكايات الآلام والمعاناة، لا ينبغي أن تحول بيننا وبين رؤية نجاحات على الضفة الأخرى، تزرع في نفوس الأجيال الأمل في تحقيق المستحيل. إن الرسالة الإعلامية هي رسالة مسؤولة عن اقتلاع كل معوقات التنمية والتقدم حتى تكون رافعة من روافع التقدم.
إن الصحيفة التي تخصص جانباً لنشر الحوادث والجرائم لا بد من أن تقابله بصفحات وصفحات عن الاكتشافات العلمية والمشاريع الناجحة والمبادرات الخيرة، لأن الفعل الجاد هو الأساس وما دونه عارض وغير مستمر وغير دائم.
إن وسائل الإعلام ليست موصلات للمضامين فحسب لكن لها دور متعاظم في ترسيخ قيم ونماذج سلوكية لها تأثير وبخاصة على النشء، من هنا وجب أن تكون البرامج متعلقة بأعمال الخير والعمل التطوعي، والشخصيات التي استطاعت بأعمالها أن تصنع فرقاً في مختلف المجالات، وأن تفسح المجال للمضامين المعنية بالخدمة العامة والمبادرات النوعية في مجال تنمية المجتمع، وبخاصة بين شريحة الشباب الذين هم مستقبل الوطن، فضلاً عن أهل العطاء والخير الذين يقدمون القدوة من خلال أعمالهم، التي هي حق أصيل للمجتمع الذي أتاح لهم فرص النجاح، وشارك في صنعها معهم، ونسائم الخير التي يفوح أريجها من دون أن تخص فرداً بعينه، وأن يتم التحفيز من خلال الشخصيات المؤثرة والقادرة على الدفع للعمل الإيجابي وبيان السبيل الصحيح إلى توظيف تلك الطاقات، فقد يكون للإنسان الرغبة في العمل النافع لكنه لا يعرف الطريق إليه أو آليات تنفيذه، فضلاً عن إلقاء الضوء على المفهوم الواسع لمبادرة عام الخير، والتي حملت شعار «افعل خيراً واصنع فرقاً»؛ وهي تعني أن كل صاحب فكر إيجابي وسلوك رشيد قادر على صناعة الفرق ولو في أضيق نطاق، لكن بالإعلام تصل رسالته ويفيض الخير.
نقلا عن صحيفة البيان
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة