"أبين" اليمنية.. من سلة غذاء "الجنوب" إلى ضحية للمناخ والحرب
لم تمتلك محافظة في جنوب اليمن مقومات زراعية تجعل منها "سلة غذائية" مثلما هو الوضع في محافظة أبين.
فالطبيعة السهلية للمحافظة، وتنوع مناخها السنوي، انعكس على تعدد محاصيلها الزراعية، وهو ما أهلها لأن تكون مصدر خير ينهل منه أهلها وسكان المحافظات القريبة منها.
واشتهرت أبين باحتضانها لما أطلق عليها "أنهار اليمن"، والمقصود بها الأودية ومجاري السيول، التي تنحدر من مختلف مناطق البلاد، وتمر بأبين لتصب في مياه خليج عدن وبحر العرب.
- أصحاب الهمم في اليمن.. مشروع إنتاجي لمواجهة صعاب الحياة
- المركزي اليمني يتحرك لوقف انهيار الريال.. قرارات ضد منشآت صرافة
غير أن التغير المناخي، وما رافقه من سيول مدمرة، وإهمال شبكات الري التي لا مثيل لها في كل البلاد، والصراعات العسكرية، أثرت جميعها سلبا على سلة الغذاء هذه.
مقومات سلة الغذاء
يسرد الخبير الزراعي اليمني، المهندس علي صالح منصور بلعيدي، المقومات التي منحت أبين شرف أن تصبح "سلة غذاء" للمحافظات الجنوبية.
وأكد بلعيدي أن هذه المقومات جعلت بريطانيا تعتمد على الزراعة في أبين بعد انتقالها من مستعمراتها في الهند.
ويشير الخبير الزراعي إلى أن أربعينيات القرن الماضي شهدت تأسيس شبكة ري زراعية متميزة في أبين، هي الأولى من نوعها في اليمن.
بينما شيدت السلطات نهاية عام 1955 مركز "أبحاث الكود"، وساهمت شبكة الري المعتمدة على مياه السيول عبر قنوات منظمة في زيادة الإنتاج الزراعي، وفي المقدمة إنتاج القطن طويل التيلة.
أبحاث علمية
تحدث الخبير بلعيدي عن امتلاك أبين الموقع المتميز، وهو ما منحها التنوع المناخي والجغرافي وفر لها التنوع الزراعي على مدار السنة.
ويضيف: في عام 1968 قامت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" بأبحاث علمية على عدد من المحاصيل الزراعية في مشروع زراعي كان من أنجح المشروعات على مستوى المنطقة العربية.
وهذا النجاح دفع المنظمة الأممية إلى التفكير في نقل مركزها من القاهرة بجمهورية مصر العربية إلى أبين، غير أن الأوضاع الأمنية والسياسية منتصف ثمانينيات القرن الماضي حالت دون ذلك.
بيد أن أبين استفادت من مشروع الأبحاث هذا، الذي استمر في خدمة قطاع الزراعة في مختلف محافظات جنوب اليمن عموما.
أسباب التراجع
والآن، لم تعد أبين سلة غذاء كما كانت في السابق؛ نظرا للعديد من الأسباب والعوامل، بحسب الخبير الزراعي، علي بلعيدي.
على رأس تلك العوامل يأتي مشروع "المسح الزراعي" والمنفذ عام 1976، والذي وصفه "بلعيدي" بأنه كان "ذو توجه سياسي"؛ لتدمير الزراعة في أبين.
لافتا إلى أن المشروع دمر فعليا قنوات الري الزراعي في دلتا أبين، وزاد التغير المناخي في تأثيراته على قطاع الزراعة.
حيث خربت السيول المفاجئة -أتت خلال السنوات الأخيرة في غير مواسمها- الأراضي الزراعية، بعد أن فقدت شبكات الري وظيفتها الحيوية.
وأكد بلعيدي أن مركز أبحاث الكود كان يمتلك إمكانية تنفيذ أي مشروع زراعي بما يتناسب وواقع حال الزراعة؛ كونه يضم كفاءات محلية كبيرة، في مجال الأبحاث الزراعية.
غير أن المركز تعرض للإهمال، خاصة في ظل الصراعات المسلحة التي شهدتها المنطقة، وخسر الكثير من إمكانياته، وهجرته الكفاءات العلمية؛ ليفقد دوره في التنمية الزراعية، وفق الخبير الزراعي المهندس علي بلعيدي.