ليالي رمضان في اليمن.. الأجواء الساحلية تداوي أوجاع الحرب (صور)
يتحوّل ليل اليمن إلى نهار طوال شهر رمضان، لا سيما في المدن الساحلية على بحر العرب والبحر الأحمر والتي تدب فيها الحياة بعد صلاة العشاء والتراويح.
وتكتسي مدن سواحل اليمن بطابع فريد خلال شهر الصوم بدءاً من الموائد الرمضانية على ضفاف البحر وانتهاء بـ"السمرة" لتجديد العلاقات الاجتماعية والأسرية لتصبح الأجواء الشاطئية ليلاً مبعثاً للسعادة والطمأنينة.
ويداوي اليمنيون أوجاع الحرب التي تمزق بلدهم بنسيم البحر وأجواء ليالي رمضان التي تكسر رتابة الحياة، فيما يتحول النهار للسكينة والنوم لدى غالبية سكان الحواضر الساحلية من الحديدة غرباً وعدن جنوباً إلى المهرة شرقاً.
ويؤجل السكان أنشطتهم في نهار رمضان باعتباره ملاذ للراحة، فضلاً عن تفادي الشعور بالعطش نتيجة أجواء الطقس الحارة، وينشطون في الليالي الرمضانية، حيث تتغير أجواء الطقس، لتبدو معتدلة.
الموائد المتوارثة
وتختلف المدن على البحر عن غيرها في الأنشطة اليومية التي يحرص السكان على تأديتها في ليالي الشهر الكريم سواء في الأسواق أو المساجد أو موائد الإفطار المتوارثة التي تعد رمضان صديق زائر خفيف الظل.
موائد إفطار رمضان التي يقيمها محبو الخير وطالبو الأجر والثواب للصائمين، لا تخلو منها مدينة يمنية رغم حرب الحوثي لكن تتميز في مدن الساحل غرباً بكونها غير مقتصرة على الأسر الغنية، إنما الأسر ذات الدخل المحدود.
وجرت العادة على إقامة بعض الأسر موائد الإفطار للصائمين، كتقليد متبع تتوارثه الأسر جيلاً بعد جيل.
المواطن عبدالقوي سعد، وهو أحد الذين تقيم أسرته موائد الإفطار الرمضانية يقول لـ"العين الإخبارية"، إن أسرته تتوارث هذه العادة منذ عشرات السنين، إذ عادة ما تقيم مائدتها اليومية للصائمين القادمين من مدن أخرى.
ويرى سعد أن هذه العادة المتجذرة في حياة سكان الساحل الغربي لليمن، تعد ميزة تتصف بها عن غيرها من المدن، حيث أن الأسر التي تقيمها تحرص على إقامتها يوميا، حتى وإن تراجع دخلها المادي إثر حرب مليشيات الحوثي.
وعن الحياة ليلا في رمضان، أشار إلى أن ما يميز المدن الساحلية هو أن سكانها يبقون في حالة استيقاظ دائم خلال الليل، ويستمر ذلك حتى ساعات الفجر الأولى، فيما تحرص الأسر على الزيارات العائلية، فتتحول ليالي سكان تلك المدن إلى نهار.
وتنشط ورش النجارة والحدادة، وتفتح المحلات التجارية وتتحول الأسواق إلى أماكن محببة للسكان في ارتيادها للتسوق وشراء احتياجاتهم اليومية، فتغرق تلك المدن في تفاصيل الحياة الصاخبة والزحام الذي لا مفر منه.
كما تحتضن المساجد المسابقات القرآنية لحفظ كتاب الله وينتشر الأطفال بين حلقات التحفيظ، فيما تطرح جوائز تشجيعية تقديراً للمتسابقين وجهدهم في حفظ كتاب الله.
حياة بلا قيود
يمثّل ساحل البحر الأحمر باليمن فردوساً مزدهراً إذ استغل سياحياً خصوصاً في مدينة المخا التاريخية التي تحولت ملجأ لكثير من اليمنيين ووجهة للاستقرار والعيش ومزاولة الأنشطة التجارية، إذ لا تهدأ شوارعها من حركة السير.
وتستفيد المدينة التي يقطنها آلاف من مختلف المدن اليمنية بعد أن لجأوا إليها هرباً من بطش مليشيات الحوثي من حالة الاستقرار الأمني لتتحول شوارعها وأحيائها إلى أماكن تدب فيها الحركة والنشاط فتنتعش الأسواق وتزدهر المبيعات خلال الشهر الكريم.
ويرى نائب مدير وزارة الأوقاف والإرشاد في محافظة تعز، شهاب هزاع، أن الحياة في المخا بدت مختلفة منذ أن نالت حريتها من مليشيات الحوثي عام 2017، حيث تحولت ليالي رمضان إلى ليال تعج بالنشاط والحركة.
وأشار هزاع في حديثه مع " العين الإخبارية" إلى أن الناس في المدن الساحلية المحررة يشعرون بحرية العيش بعيدا عن الوصاية والقيود، وأجواء الخوف والترهيب التي تفرضها مليشيات الحوثي على مناطق سيطرتها كالحديدة.
ويضيف أن المواطنين يعيشون حياتهم بحرية وينتقلون بين محلاتها وأسواقها التجارية، دون أي عوائق، مستفيدين من حالة الاستقرار الذي وفرته الحكومة المعترف بها دولياً بدعم من التحالف العربي فيتنقلون في أجواء من الحرية والاستقرار الأمني.
وعلى ساحل العرب، تتحول شواطئ عدن المنيرة إلى وجهات مفضلة للزوار ممن يرغبون في قضاء أجواء هادئة.
كذلك شبوة، ينتقل سكانها إلى الشواطئ ينشدون الحياة في سهراتهم ويعزفون الأناشيد الدينية والمواويل الشعبية والقصائد الدينية التي تصدح بها الألسنة فيضفي على القلوب أجواء من الحميمية المملوءة بالسكينة والوقار.