في عبارة شهيرة لكارل ماركس، يقول: "إن التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة، وفي المرة الثانية كمهزلة"؛ وهي عبارة يمكن بتوخيها الحد من تكاليف كبيرة قد تتكبدها الدول، بسبب عدم استخلاص الدروس والعبر الواجبة من الوقائع.
في عبارة شهيرة لكارل ماركس، يقول: "إن التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة، وفي المرة الثانية كمهزلة"؛ وهي عبارة يمكن بتوخيها الحد من تكاليف كبيرة قد تتكبدها الدول، بسبب عدم استخلاص الدروس والعبر الواجبة من الوقائع.
عندما خرج السوفييت من أفغانستان، واندلعت الحرب الأهلية في هذا البلد، في مطلع التسعينيات الفائتة، توجه عدد كبير من المقاتلين الأجانب إلى بلدان أخرى، حيث أسس بعضهم بؤراً إرهابية، وشن البعض الآخر هجمات مسلحة ضد أهداف مدنية وحكومية؛ وهو الأمر الذي هدد السلم والأمن الدوليين تهديداً كبيراً.
لقد أضحى المقاتلون الأجانب في الحرب الأفغانية لاحقاً قادة تنظيمات في العراق، والأردن، والسعودية، ومصر، وغيرها من البلدان، كما كانوا جزءاً رئيسياً من التدبير والتنفيذ لعمليات إرهابية كبيرة، وحروب استمرت لسنوات طوال.
تفيد تقارير ودراسات علمية موثوقة أن عناصر أجنبية تقاتل تحت راية "تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، غادرت تلك الأراضي لأسباب مختلفة، وأنها لم ترجع إلى دولها الأصلية، وفضلت عوضاً عن ذلك أن تتجه إلى بؤر ساخنة، في مناطق تتسم بالفوضى، لتمارس أنشطتها الإجرامية.
في 29 أبريل 2014، كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يتحدث في حفل تخرج دفعة جديدة في أكاديمية الشرطة، بصنعاء، حين أكد أن "70 % من أعضاء تنظيم القاعدة الذين يقاتلون في اليمن من الأجانب"، داعياً إلى تفقد "ثلاجات الموتى في المستشفيات اليمنية، والتي تحوي جثثاً لمقاتلين من البرازيل، وهولندا، واستراليا، وفرنسا، وغيرها من الدول".
إضافة إلى مصطلح "الإرهابيين العائدين" إلى دولهم، نشأ مصطلح جديد تتداوله معظم معاهد الدراسات والبحوث الاستراتيجية في الأوقات الراهنة؛ وهو "الإرهابيون الجائلون"، الذين لا يستقرون في أماكنهم بسبب المواجهة مع قوات مكافحة الإرهاب الدولية أو المحلية، ولا يعودون إلى بلدانهم الأصلية، لأنها لا تشكل بيئة مناسبة لأنشطتهم.
وفي دراسة نشرتها مجموعة "سوفان" للبحوث الاستراتيجية ، The Soufan Group جاء أن نحو 30 ألف مقاتل أجنبي انخرطوا في الأنشطة القتالية في سوريا والعراق، وأن نحو 30% منهم غادروا إلى بلادهم أو إلى بلدان أخرى.
تتزايد الأدلة على تفاقم ظاهرة "الإرهابيين الجائلين"، وتتزايد المخاطر التي يمكن أن تنجم عن تجمعهم في بؤر ساخنة، تعمها الفوضى، وتغيب فيها سلطة الدولة.
لطالما كان اليمن بيئة سانحة لظهور أعمال العنف بسبب طبيعته الجغرافية وإطاره الثقافي التقليدي، ومع ذلك فإن مخاطر الإرهاب لم تصل إلى الحدود القصوى إلا مع تهاوي سلطة الدولة، والانقضاض على الشرعية، واتساع رقعة التمرد، المدعوم من إيران.
يسود اعتقاد جازم على نطاق واسع بأن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وتشارك فيه الإمارات بقوة، يستهدف إعادة السلطة الشرعية في اليمن، وسحق التمرد الحوثي، والحد من التدخل الإيراني؛ وهو اعتقاد صحيح لا ريب فيه.
لكن كثيرين لا يُقدّرون حجم المخاطر الناجمة عن تحول اليمن إلى بؤرة لتجمع الإرهابيين "العائدين" و"الجائلين"، وتوفير قاعدة مناسبة لهم لشن هجماتهم على المستويين الإقليمي والدولي.
أحد أهم الأسباب التي تقاتل الإمارات من أجلها في اليمن، ضمن "التحالف العربي"، يكمن في حرمان "الإرهابيين الجائلين"، والمهزومين في حروبهم ضد "التحالف الدولي"، من ملاذ جذاب وآمن في جنوب شبه الجزيرة العربية.
وعليه نرى بأنه ينبغي أن يلتفت العالم إلى هذا الدور، وأن يسعى إلى تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة، لكي تكمل الإمارات والسعودية ودول التحالف مهمتها في اليمن بنجاح.
نقلا عن مجلة "درع الوطن"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة