لغوياً يتم تعريف الدجّال بأنه كثير الكذب والتمويه، الذي يلبس الحق بالباطل ويُخفي الحقيقة بالمغالطة والتغطية، وهذا هو التعريف الكامل لإخوان اليمن بما يمثلهم قانوناً وعرفاً حزب التجمع اليمني للإصلاح،
هذه واحدة من الحقائق التي لا التباس فيها، في مذكرات مؤسس عبدالله حسين الأحمر الصفحة (248) قال نصاً: "بالنسبة لنا، المشائخ والعلماء، كان لدينا أن الحزب الاشتراكي دخل الوحدة وسينضم إليه اليسارية في الشمال من ناصريين وبعثيين للمسميات الأخرى، عمر الجاوي مثلاً، وسيشكلون كتلة واحدة، وكنا جميعاً في المؤتمر الشعبي العام.. لذلك؛ لا بد لنا من إنشاء أم تكون رديفة للمؤتمر، وطلب الرئيس منا أن مجموعة الحزب الإسلامي ومع أن تكون في الوقت الذي كنا لا نزال في المؤتمر، قال لنا: كونوا حزبًا يكون رديفاً للمؤتمر ونحن وياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسوف ندعمكم للمؤتمر، بالإضافة إلى أنه قال: كذلك منذ بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم الاشتراكي العالمي التي كانت في الجنوب، وأنا أمثل المؤتمر العالمي الذي في الشمال، وبيننا لا تململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معك بحيث تبنون مواقف مؤيدة ضد بعض النقاط أو الأمور التي يحيط بها الحزب الاشتراكي، وهو غير صائب ونكرهل، وعلى هذا الأساس نبني التجمع اليمني للإصلاح في حين كان هناك تحرك وهو تنظيم الإخوان المسلمين الذين وضعناه كنواة في التكيف مع التنظيم والنظرة الفكرية والفكرية والتربية الفكرية".
من بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، أطلقت الولايات المتحدة حربًا شاملة على الإرهاب استهدفت التنظيمات والجماعات، من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إلى طالبان، ثم توسعت لاحقًا لتشمل فروعها وشبكاتها في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا والعالم، هذه الحرب الممتدة على مدى ربع قرن أخذت، يومًا بعد آخر، تقترب خطوة بخطوة من نواة تلك التنظيمات، فلم تعد المواجهة تقتصر على ضرب المخالب، بل باتت تتجه مباشرة إلى صميم الأفكار التي تقوم عليها.
هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذته حركة حماس فتح نافذة على نواة هذه الجماعات، فإسرائيل، وبدعم كامل من الولايات المتحدة في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن، ثم مع الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، وصلت إلى النقطة الفاصلة .. قرار واضح وحاسم بأنه لا مكان لحماس أو الجهاد أو غيرهما من الحركات الأيديولوجية في غزة أو الضفة الغربية، إنه قرار متوافق عليه؛ قبله من قبِل ورفضه من رفض، لكن الثابت أن اليوم التالي لن يشهد أي وجود لتكوينات ذات انتماء أيديولوجي.
الذي لم تتفهمه العقلية الإسلاموية بعد، أنها عليها أن تأكل من الثوم الذي زرعته، وأن تحصد بنفسها ما زرعته، ما يسمى بـ"الصحوة الإسلامية" بشقيها السني والشيعي اعتمد على التحشيد الشعبوي، جهيمان العتيبي في مكة والخميني في طهران كانا نسختين متطرفتين اختارتا الموت والقتل، واعتمدتا سياسة الرهائن، بدأت إيران نسختها الثورية باحتجاز الرهائن الأمريكيين، فيما أخذت النسخة
الإخوانية السلفية رهائنها من المعتمرين في البيت الحرام وفي الشهر الحرام، مكانًا لتطلق العنان لجنون أعمى لا يفرّق بين مقدس ومدنس.
لقد وحّدت هذه "الصحوة" في حقيقتها بين العنف باسم المذهب، والفوضى باسم الدين، حتى بات الرهائن والدماء هي اللغة الوحيدة التي يفهمها خطابها، ومنذ تلك اللحظة المشؤومة، وُضع العالم كله أمام نسخة مشوّهة من الإسلام، تُصدّر الكراهية بدل الرحمة، والدمار بدل العمران، وما زالت النتائج الكارثية لهذا المسار تلاحق المنطقة حتى اليوم.
هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 كانت لحظة مدهشة ومفصلية، كلفت غزو أفغانستان والعراق. هذه الكلفة الباهظة لم يستوعبها عقل أسامة بن لادن، حتى وهو يختبئ ويتخفى في باكستان، إلى أن وصلت إليه اليد الأميركية وقضت عليه، كما قضت على معظم قيادات التنظيمات الإرهابية الجهادية، من القاعدة إلى داعش وبوكو حرام. وهنا تذكير مهم: أن هناك قرارًا استراتيجيًا عالميًا بمكافحة الإرهاب، قرار لم تستوعبه حماس التي ما زالت، بدفع من الأوامر الإيرانية، تسعى إلى تعطيل مسار السلام في الشرق الأوسط.
ها نحن نعيش اللحظة الأبعد في توصيف الأشياء كما هي؛ ليس فقط حماس التي لن تكون في اليوم التالي، بل أيضًا حزب الله اللبناني، والفصائل الولائية العراقية، والحوثي اليمني، وحزب الإصلاح، جميعها لن يكون لها مكان في أي يوم تالٍ. فإما أن تتحول هذه التنظيمات، كما حدث مع هيئة تحرير الشام التي انتقل قائدها من أبو محمد الجولاني إلى أحمد الشرع في محاولة للانصياع إلى قواعد القانون الدولي، أو أن رؤوس قادتها لن تكون أغلى ولا أثمن من تلك التي صُنعت في تورا بورا وقندهار. فالولايات المتحدة نفسها هي التي جعلت من أفغانستان مختبرًا لتخصيب الأفكار السلفية المتطرفة في عقول الظواهري والزنداني، ثم هي ذاتها التي قررت لاحقًا قطع تلك الرؤوس.
قصف إسرائيل لوفد حركة حماس، نعم هو انتهاك صارخ لسيادة الدولة القطرية وجريمة غير مبررة، لكنه بحسب الرواية الإسرائيلية يأتي في إطار ملاحقة "مجموعة إرهابية"، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فحركة حماس مصنّفة على قوائم الجماعات الإرهابية في أغلب دول العالم.
حماس، في جوهرها، هي نسخة أخرى من حزب التجمع اليمني للإصلاح في اليمن، كلاهما يحمل مشروعًا أيديولوجيًا يتجاوز منطق الدولة الوطنية، قبل أسابيع فقط من هجوم إسرائيل على الدوحة، كان إخوان اليمن قد بدأوا تدشين الأرضية لموقعهم السياسي الذي لطالما عملوا عليه، فعطّلوا "عاصفة الحزم" من أجل السلطة والحكم في جنوب جزيرة العرب، تمامًا كما عطّلت حماس كل فرص التسوية في فلسطين من أجل مشروعها العقائدي.
أطلق حزب التجمع اليمني للإصلاح حملة تبشيرية، كما صعد الشرع لحكم سوريا لماذا لا يكون الإصلاح حاكماً لليمن؟، لم تكن الحملة التبشيرية استخفافاً بالعقل اليمني بمقدار أنها كانت فرصة أخرى كما تصورتها قيادة إخوان اليمن فدفعت بعاصرها عبر المنصات الرقمية لتقديم رواية أخرى في إسقاط صنعاء عام 2014 وبالأصح تسليم الفرقة الأولى مدرع التي يقودها علي محسن الأحمر إلى الحوثيين، محاولة تقديم السردية كانت مقدمة يبدو أنها ستيقظت على الواقع بـأن لا حماس أو إخوان في أيّ يوم تالي سواء كان في غزة أو عدن أو صنعاء أو بغداد وكما يتم انتزاع سلاح حزب الله غصباً سيتم تجريد الكل من مخالبه.
حزب الإصلاح في اليمن ذراع من أذرع جماعة الإخوان شاركوا في المؤتمر العربي الإسلامي الذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم عام 1991 بعد الغزو العراقي للكويت، كانوا ومازالوا يؤمنون بالدولة الأممية، كل وثلئقهم وتاريخهم وحركتهم تؤكد أنخم جزء لا يتجزأ من جماعة الإخوان المسلمين، بنفسه محمد اليددومي في يبرنامج "بلا حدود" عام 2001 وأقر بأن الحزب هو فرع من فروع الجماعة، إذن لماذا تراجع عن أنه أمتداد للتنظيم الدولي في ذكرى تأسيس الحزب الـ 35؟.
الجواب أن اليدومي وحزب التجمع اليمني للإصلاح تأكد لهم أنهم لن يكون لهم مكان أبداً في اليوم التالي، وأن محاسبتهم على كل ما ارتكبوه، بما في ذلك ارتباطهم بالتنظيم الدولي، بات أمرًا حتميًا، وكعادة كل الدجالين – ولا دجلاً أكبر من إخوان اليمن – لم يجرؤوا على التبرؤ من ارتباطهم بالجماعة المصنفة إرهابية، هنا تتكشف الأشياء على حقيقتها: الدجالون الكبار في اليمن، الحوثيون والإخوان، ليسوا إلا وجهين لشيطان واحد، وقُضي الأمر الذي فيه تستفتَون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة