بالصور.. كنائس اليمن شاهدة على تاريخ من التنوع
مع اندلاع ثورة عام 1967 في جنوب اليمن، فرّ العديد من رجال الدين المسيحيين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والخليج
بعدما كانت مراكز عبادة لأعداد قليلة من المسيحيين، تحوّلت كنائس اليمن إلى مجرد أبنية مهجورة بسبب الحرب، لكنها تبقى رغم ذلك شاهدة على تاريخ من التنوع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
وبينما يستعد قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية لترؤس قدّاس في دولة الإمارات العربية المتحدة التي يصل إليها، الأحد، في أول زيارة لحبر أعظم إلى المنطقة، يغرق اليمن المجاور يوما بعد يوم في نزاع متواصل منذ 2014.
وتقول النيابة الرسولية في جنوب شبه الجزيرة العربية إن هناك 4 كنائس كاثوليكية في اليمن بين كنائس أخرى غير كاثوليكية، ويشير مسؤولون إلى أن أعداداً من المسيحيين لا يزالون موجودين في هذا البلد، لكنهم لا يجاهرون بإيمانهم في ظل تصاعد نفوذ جماعات متطرفة.
وكانت عدن في جنوب اليمن، وصنعاء العاصمة تضمان كاتدرائيتين كاثوليكيتين، في 2015، تعرّضت كاتدرائية عدن للتخريب ولهجمات من متطرفين، ما دفع بالقائمين عليها إلى إغلاقها لأجل غير مسمى.
ممنوع الدخول
عند مدخل كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي الكاثوليكية، في حي التواهي في غرب عدن، بوابة حديدية ضخمة تبدو عليها آثار الرصاص والصدأ.
وكتب على البوابة بخط عريض "ممنوع الدخول"، بالقرب من آية قرآنية "لكم دينكم ولي دين"، كتبت على السور الأسمنتي الأبيض المحيط بالكنيسة.
ويعلو سطح الكنيسة تمثال ليسوع المسيح، فاتحا ذراعيه، إنّما من دون رأس.
وبحسب محمد سيف، أحد سكان التواهي، فإن الكنيسة تستقبل المصلين "منذ أيام البريطانيين، قبل 140 إلى 150 سنة، وبقيت تقام الصلوات فيها حتى اندلاع الحرب مع الحوثيين" في مارس/آذار 2015، حين سيطر المتمردون على عدن قبل أن تطردهم القوات الحكومية بعد أشهر.
ويتابع وهو يقف على رصيف في مقابل الكنيسة التي تحيط بها أشجار: "تمت سرقتها وتم نهبها".
وأقدم مسلحون في 2015 على تفجير كنيسة في حي المعلا القريب من التواهي، وأشار سكان إلى أن الكنيسة الواقعة إلى جوار مقبرة مسيحية، كانت كناية عن مكان عبادة صغير شيد في خمسينيات القرن الماضي في زمن الوصاية البريطانية.
في 2016، قتل 16 شخصاً على الأقل بينهم 4 راهبات أجنبيات، عندما هاجم مسلحون داراً للعجزة أسّستها جمعية تابعة لرهبنة الأم تيريزا، وخطفوا خلال العملية الأب أوزهوناليل، صاحب الـ56 عاماً، الذي يتحدر من كيرالا في جنوب الهند، قبل أن يطلقوا سراحه بعد أشهر.
ولم تتبن أي جهة الهجمات، لكن السلطات المحلية ألقت باللوم على تنظيم داعش الإرهابي الذي وجد، إلى جانب تنظيم القاعدة الإرهابي، فرصة لتعزيز نفوذه في اليمن مع استمرار النزاع.
بدأت في اليمن
على مدى عقود، بقي اليمن فريداً في تنوعه، إذ كان موطناً للمسلمين والمسيحيين واليهود والإسماعيليين والبهائيين.
ويعتقد أن المسيحية وصلت إلى جنوب اليمن في القرن الـ19 عبر الإرساليات الآتية من بريطانيا خصوصا، وبحسب الأب ليني كونالي المقيم في دبي وعضو النيابة الرسولية في جنوب شبه الجزيرة العربية، وصل الكاثوليك إلى اليمن في عام 1880.
ومع اندلاع ثورة عام 1967 في جنوب اليمن، فرّ العديد من رجال الدين المسيحيين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والخليج.
ويوضح كونالي: "كلّ شيء بدأ في اليمن، ولذا فإن اليمن مهمّ جدا لنا".
ويقول النائب الرسولي في جنوب شبه الجزيرة العربية المطران بول هيندر، بأسف: "إنه واقع حزين، ونحن نصلي لأن يحل السلام في اليمن، خصوصاً أن الناس يعانون من الجوع، والمجاعة تهدّد حياة ملايين الناس".
وأكد أن الخدمات التي تقدّمها كنيسته "معلّقة" في اليمن بسبب الحرب، لكنه أشار إلى وجود "راهبات يخدمن الناس منذ عقود وسيواصلن القيام بذلك".
على خط التماس
إلى جانب عدن وصنعاء، تقول النيابة الرسولية إن هناك كنيستين أخريين تابعتين لها في تعز في جنوب غرب اليمن، وفي مدينة الحديدة المطلّة على ساحل البحر الأحمر غربا.
وتخضع تعز لسيطرة القوات الموالية للحكومة، بينما يحاصرها المتمردون. ويسيطر الحوثيون على الحديدة التي شهدت في الأشهر الماضية معارك طاحنة مع محاولة القوات الحكومية استعادتها قبل التوصل إلى اتفاق هش لإطلاق النار، وتوجد فيها كنيسة القلب الأقدس التي تتخذ من إحدى طبقات المبنى مقراً، والمبنى مغلق وتبدو عليه آثار قذيفة.
ويقول عصام، وهو جار الكنيسة، إنه يسكن في الحي منذ 20 عاماً، لكنه لم يكن يلحظ أي مظاهر دينية ولم يسمع قط الصلوات، معللاً ذلك بأن المصلين "كانوا هادئين ومنظمين جدا الى الحد الذي لا يلحظهم أحد".
وأفاد سكان في مدينة الحديدة بأنهم يجهلون موقع هذه الكنيسة، لكن بعضهم وجّه رغم ذلك رسالة إلى البابا.
وقالت ريما، البالغة من العمر 28 عاما: "أتمنى أن يرى صور الضحايا ويعرف كيف يعيش اليمنيون حياتهم، وأن يصلي لأجلنا"، مضيفة: "لا أحد يريد إنهاء الحرب في اليمن".