الحوثي يغتال "اتفاق الحديدة".. "المنطقة الآمنة" بمهب الريح
كشفت القوات اليمنية المشتركة، الجمعة، عن إخلاء مواقع بمحافظة الحديدة، ضمن إعادة الانتشار لإقامة منطقة آمنة بموجب اتفاق ستوكهولم.
وبدأت القوات المشتركة منذ، الخميس الماضي، بإخلاء عدد من المواقع العسكرية المتقدمة في مدينة الحديدة والمديريات الريفية للمحافظة، الواقعة غربي اليمن، والمشمولة باتفاق ستوكهولم التي ترعاه الأمم المتحدة منذ أواخر 2018.
- معركة الحديدة باليمن.. خسائر حوثية بـ5 جبهات
- اليمن: هجمات الحوثي البحرية "انقلاب" على "اتفاق ستوكهولم"
وشملت عملية الإخلاء مواقع في مدريتي "الحالي" و"الحوك" شرقي مدينة الحديدة، فضلا عن مواقع أخرى في مديريتي "الدريهمي" و"التحيتا"، بحسب مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية".
وطبقا للمصادر فإن عملية إخلاء المواقع شملت المواقع العسكرية التي يفترض أن تتحول إلى "منطقة آمنة" أو منطقة منزوعة السلاح لتسهيل حركة المدنيين بموجب اتفاق ستوكهولم التي ترعاة الأمم المتحدة.
ووفقا للمصادر فإن مليشيات الحوثي سعت للتوغل في هذه المناطق والسيطرة عليها بقوة السلاح فور إخلاء القوات المشتركة لها، وجعلت من إقامة "منطقة آمنة" تحت رعاية الأمم المتحدة في مهب الريح.
وأشارت إلى أن "مليشيات الحوثي فرضت سيطرتها على شارع صنعاء-الحديدة، الذي يفترض أن يتحول لممر إنساني لقوافل المساعدات والإغاثة الواصلة إلى ميناء الحديدة".
ويقضي اتفاق ستوكهولم الموقع في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018 بانسحاب مليشيات الحوثي من الموانئ الثلاثة وهي ميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى، ثم انسحاب القوات الحكومية والمليشيات من المدينة إلى أطرافها.
كما تضمن إقامة منطقة منزوعة السلاح يتيح للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة برعاية الأمم المتحدة إدارة موانئ الحديدة وفتح ممرات آمنة للمدنيين، لكن مليشيات الحوثي لم تنفذ أي بند من الاتفاق ما دفع القوات المشتركة إلى إعادة الانتشار من طرف واحد.
إعادة انتشار للمعركة
في الصدد، قالت القوات المشتركة في الساحل الغربي لليمن إن إخلاءها للمناطق المشمولة باتفاق ستوكهولم يأتي لإبقائها "منطقة منزوعة السلاح وآمنة للمدنيين.
وأوضحت، في بيان، تلقته "العين الإخبارية"، أنها " تابعت تطورات الأحداث المتتالية عقب تنفيذ القوات المشتركة قرار إخلاء المناطق المحكومة باتفاق ستكهولم، لكون تلك المناطق محكومة باتفاق دولي يبقيها مناطق منزوعة السلاح وآمنة للمدنيين الذين وقِّع الاتفاق بحجة حمايتهم وتأمينهم".
وأضافت: "وابتداء، فإننا في القوات المشتركة، نؤكِّد وبثقة راسخة وقوية بالنصر -إن شاء الله- أن قرار إعادة الانتشار جزء من المعركة الوطنية التي بدأناها وبذلنا فيها الغالي والنفيس لمواجهة المخاطر التي تهدد أمن الوطن والمواطن اليمني خصوصا، والأمن القومي العربي عمومًا".
وأكدت أن "قرار خطة إعادة الانتشار المحددة في اتفاق (ستوكهولم)؛ الذي تتمسك الحكومة الشرعية بتنفيذه، بالرغم من انتهاكات مليشيات الحوثي الاتفاق من اليوم التالي لتوقيعه، وما زالت المليشيات مستمرة في نسف الاتفاق حتى اليوم".
وتابعت أن" القوات المشتركة لم تعطِ الضوء الأخضر لتحرير مدينة الحديدة، وحرمانها من تحقيق هدف استراتيجي لليمن والأمن القومي العربي، كان من شأنه أن يسرع من إنهاء المليشيات الحوثية".
ورأت القوات المشتركة أن "واجبها الديني والوطني يدفعها للدفاع عن جبهات ذات أهمية أخرى قد يستغلها العدو عند عدم وجود دفاعات كافية، وعدم وجود اتفاق دولي يردع مليشيات الحوثي عن تقدمها، كما حصل مع قواتنا في الحديدة".
وأشار البيان إلى متابعة القوات المشتركة التطورات؛ التي تشهدها جبهات البلاد كلها "والتي تفرض على كل حرٍّ قادر أن يقدِّم الدعم والعون بالوسائل المختلفة لجبهات الدفاع عن اليمن واليمنيين في مواجهة أدوات إيران، التي تعيث خرابًا في البيضاء والجوف، وإسقاط 3 مديريات من محافظة شبوة وعبرها، تم الوصول إلى مشارف مدينة مأرب".
وأكدت: "لقد رأت القوات المشتركة خطأ بقائها محاصرة في متارس دفاعية ممنوع عليها الحرب، بقرار دولي، فيما الجبهات المختلفة تطلب دعمًا بكلِّ الأشكال؛ ومنها: فتح جبهات أخرى توقف الحوثيين عند حدهم".
كما أكدت أن "اليمنيين لن يدخروا جهدًا في إعادة ترتيب صفوفهم ومعاركهم للقتال (صفًّا واحدًا كالبنيان المرصوص)؛ في كلِّ جبهة واتجاه، مشيرة إلى أنها بدأت تنفيذ خطتها التي تحدد خطوطًا دفاعية، تؤمِّن معركة الساحل وتبقي (تهامة) على أهبة الاستعداد لأي تطورات قد تطرأ في جبهات القتال ضد مليشيات الحوثي".
وأعرب البيان عن الأسف على ردود الفعل لعملية إعادة الانتشار والتي قوبلت بتضليل إعلامي "يستهدف ضرب الثقة الصلبة لمنتسبي القوات المشتركة في إطار الاستهداف المعتاد، الذي تتعرض له قواتنا؛ بالطريقة والأدوات نفسها التي استخدمت في إضعاف دور الشرعية وفاعليتها في المعركة الوطنية"، حد البيان.
وأكدت "التزام القوات المشتركة بالمعركة في كلِّ شبر في مواجهة مليشيات الحوثي، و"ستظل جبهاتنا صلبة تذيق مليشيات إيران الهزائم المذلة".
ودعت الجميع إلى "استشعار الواجب، ورصِّ الصفوف، وتصحيح النيات، والتزام الأهداف،حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، وإن نصر الله لقريب".
تصحيح مسار المعركة
ولاقت عملية إعادة الانتشار التي نفذتها القوات المشتركة في الحديدة من طرف واحد وتزامنت مع زيارة مبعوث الأمم المتحدة لليمن إلى الساحل الغربي، بصدى إعلامي واسع على الصعيد اليمني.
وحول ما حدث من إخلاء للمناطق التي يحكمها اتفاق ستوكهولم في محيط مدينة الحديدة، قال رئيس المركز الإعلامي للمقاومة الوطنية سمير اليوسفي، إن "هذه الخطوة لتصحح مسار العمليات العسكرية وتزيل القيود عن مهام القوات المشتركة، وتحررها من سيطرة اتفاق ستوكهولم الذي عطل كل إمكانياتها وهدد قيمتها العسكرية".
وأضاف اليوسفي في سلسلة تدوينات عبر حسابه على "تويتر"، طالعتها "العين الإخبارية"، أن "قيادة القوات المشتركة اتخذت قراراً بإعادة الانتشار في وقت تتقلص فيه الخيارات العسكرية للشرعية وسيكون له تأثيرات واضحة وفعالة لإسنادها".
وأوضح أن قرار إعادة الانتشار جاء لتلافي الأخطاء السياسية التي شابت بنود اتفاق ستوكهولم وأقحمت القوات المشتركة في معارك استنزاف يومية أبعدتها عن حماية الشعب اليمني وسيعمل على الإسهام في خلق واقع يضمن لليمنيين الشرفاء حقوقهم السيادية.
واعتبر الخطوة تاريخية في توقيتها ودلالاتها وجاءت تتويجاً لدعوات قيادة المقاومة الوطنية المتكررة لكل الأطراف الحريصة "فعلا" على مواجهة المد الإيراني بتكوين اصطفاف وطني، يضمن تشكيل جبهة موحدة في وجه كل ما يهدد الأمن الوطني والإقليمي.
وأكد أنه بقرار إعادة الانتشار من محيط مدينة الحديدة تكون قيادة القوات المشتركة وضعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام مسؤولياتهم في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، لتتفرغ بدورها للقيام بمسؤولياتها وواجباتها الوطنية المتمثلة باستعادة الدولة والجمهورية.