رسائل غزة بين الحوثي والإخوان.. تربح سياسي لتحصين الانقلاب
أظهرت مواقف عدد من قيادات مليشيات الحوثي، استغلال الجماعة لحرب غزة كورقة رابحة لكسب التعاطف ومنع انهيار الانقلاب بشمال اليمن.
في الأشهر الأخيرة، لعبت مليشيات الحوثي على استغلال شعارات غزة لتقوية موقفها داخليا، ومغازلة الإخوان، لتحقيق أقصى استثمار للحرب المستمرة على القطاع الفلسطيني منذ ٨ أشهر.
وهذا ما أكده القيادي الحوثي يحيى المحطوري الذي يشغل منصب نائب رئيس قطاع التعليم والثقافة والإعلام داخل المليشيات في رسالته لإخوان اليمن المنشورة على صحيفة المسيرة، لسان حال الجماعة، وتضمنت رغبة في تعزيز التحالف الوثيق مع إخوان اليمن بغطاء نصرة غزة.
وركزت رسالة المحطوري كجزء من أدبيات الجماعة المصبوغة بلغة سياسية على إثبات "صدق موقف المليشيات" الذي يستهدف عدوا مشتركا، حسب زعمه، مطالبا الإخوان بعدم الانخداع "في شن الحرب علينا من جديد" ليس من أجل حقن دماء اليمنيين، وإنما من أجل "دماء القدس".
وقال القيادي الحوثي في رسالته التي أتت تحت عنوان "نصيحة لإخواني المسلمين"، إن "التعاوُن في الحرب علينا مجددا إنما هو حرب على أبناء غزة"، وهو موقف تبنته جميع القيادات الحوثية مؤخرا ولا يخص الإخوان فحسب، ويشمل جميع القوى والمكونات المنضوية في معسكر الشرعية.
فيما يعد تركيز المحطوري على مخاطبة الإخوان دون غيرهم لاستثمار الأصوات الإخوانية المؤيدة ضمنيا للهجمات باتجاه إسرائيل وتهديد شريان التجارة العالمية في البحر الأحمر، ما يفتح الشهية الحوثية لتعزيز التحالف مع الإخوان.
البحث عن تأيد شعبي
وقال محللون وباحثون في شؤون الجماعات الإرهابية في اليمن إن تركيز قيادات مليشيات الحوثي في مخاطبة إخوان اليمن يستهدف "ضمان الحصول على مزيد من التأييد الشعبي" بغطاء نصرة غزة، باعتبار أن تحالف الطرفين سري فيما العداء علني.
وقال رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام في اليمن، صالح أبوعوذل، إن "رسائل الحوثيين للإخوان هدفها تحقيق مزيد من التأييد الشعبي للمليشيات التي تستغل شعارات غزة، لكن على أرض الواقع لا توجد أي خلافات بين الطرفين".
وأوضح أبو عوذل، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الإخوان حافظوا على علاقتهم بالحوثيين من خلال رئيس كتلة حزب الإصلاح في البرلمان زيد الشامي وغيره في صنعاء، الذين يحضرون اجتماعات البرلمان الخاضع للحوثيين"، إلى جانب الاجتماعات الأخيرة بصنعاء بغطاء نصرة غزة.
ومضى قائلا إن الإخوان لم يكونوا أصلا "في صف الجبهة الموحدة ضد الحوثيين منذ البداية، بل كانوا على وفاق معهم منذ معركة عمران في يوليو (تموز) 2014"، مشيرا إلى أن الرسائل الحوثية للإخوان "تأتي من باب عدم اتخاذ الإخوان موقف حقيقي رادع للحوثيين، بل إن الجماعتين باتا ملتقيان في كثير من الأهداف".
دور مزيف
من جهته، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية صالح باراس، إن مليشيات الحوثي حولت قضية حرب غزة إلى ورقة للتربح من "مأساتها في سوق الشعارات واتخاذها عنوانا لتمجيد قبح مشروع الممانعة في المنطقة".
وأضاف، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "تصوير الحوثي الحرب عليه بأنها حرب على أبناء غزة يستهدف إعطاء نفسه دورا عربيا مزيفا، واستغلال غزة كورقة سياسية لمنع انهيار جبهته الداخلية في شمال اليمن".
وأكد باراس أن "مخاطبة مليشيات الحوثي، للإخوان في رسائل، يأتي في سياق توطيد تبادل الخدمات بين الإخواني والحوثي، وترمي لتغليف هجمات المليشيات ومواقفها بشعارات العروبة والإسلام ونصرة غزة والأقصى".
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي "تسعى إلى تصوير الحرب في اليمن على أنها مع الإخوان فقط، وكأن حزب الإصلاح زلزل الأرض من تحتها ولم تكن حربه على الأرض مجرد انسحابات تكتيكية".