الممرضون في اليمن.. جنود يتحدون حرب الحوثي ونقص الإمكانيات
مع عودة تفشي الكوليرا في اليمن، يلعب العاملون في مهنة التمريض دورا مهما في إغاثة المرضى.
وتحظى مهنة التمريض بمكانة كبيرة في المجتمع اليمني، كون العاملين فيها يقدِّمون خدمات جليلة للمرضى ويرتبطون بحياة الناس وصحتهم بشكل وثيق.
هذه العلاقة خلقت احتراماً لافتاً للممرضين في اليمن، خصوصاً في المجتمعات الريفية والمناطق النائية التي تفتقر لوجود خدمات صحية متكاملة ومناسبة.
يأتي ذلك فيما تشهد البلاد تفشياً متسارعاً للكوليرا، حيث سجّلت الأمم المتحدة أكثر من 40 ألف حالة منذ أكتوبر/ تشرين الأول، ما يضغط بشكل كبير على القطاع الصحي لا سيما العاملين في مهنة التمريض.
إعادة التذكير بالدور الإنساني للممرض
احتفت وزارة الصحة والسكان في العاصمة المؤقتة عدن باليوم العالمي للتمريض، الذي يصادف 12 مايو/أيار من كل عام.
الاحتفاء أقيم تحت شعار "ممرضينا مستقبلنا والقوة الاقتصادية للرعاية"، وأعاد التذكير بالدور الإنساني لهذه المهنة وضرورة مواكبتها للتطورات العلمية.
وأطلق ملتقى التمريض اليمني حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "تمريضنا مستقبلنا" تستهدف دعم الممرضين في اليمن وتذكير السلطات والمجتمع بأهمية هذه المهنة التي تسهم في إنقاذ إنسان من الموت أو مساعدة مريض في التخفيف من معاناة المرض.
وتأتي هذه الفعاليات في خضم حرب حوثية شعواء استهدفت الممرضين في اليمن كجزء من حربهم الممنهجة ضد القطاع الصحي وذلك بنهب رواتبهم وإحلال عناصر من الموالين لهم بدلا عنهم، فضلا عن نهب الميزانيات التشغيلية على المستشفيات الحكومية والسيطرة وابتزاز المستشفيات الخاصة.
عمود فقري
المسؤولون في وزارة الصحة اليمنية أشادوا بأدوار التضحية والعطاء التي يلعبها أبطال الرعاية الصحية من الممرضين وسط الظروف القاهرة التي فرضتها حرب مليشيات الحوثي.
وقال وكيل وزارة الصحة اليمنية الدكتور سالم الشبحي لـ"العين الإخبارية" إن التذكير بالدور الإنساني للممرضين هو احتفاء بـ"القيم الإنسانية" التي تمثلها مهنة التمريض، والقائمة أساساً على مبادئ التضحية والعطاء.
وأكد الشبحي وهو أيضا رئيس لجنة الصحة والبيئة بالمجلس الانتقالي الجنوبي على الدور الفاعل والمحوري للممرضين والممرضات، وتأثيره على صحة المجتمعات باعتباره العمود الفقري للقطاع الصحي وأحد أهم ركائزه.
وأضاف أن مهنة التمريض تطورت تطوراً لافتاً وباتت دعامة مهمة لتعافي القطاع الصحي في بلادنا، ومن الضروري أن يهتم العاملون في هذا القطاع بتطوير مهاراتهم بما يسهم في تحسين خدماتهم للمجتمع.
أولويات التدريب
التدريب والتأهيل من أولويات تحسين العمل في مهنة التمريض لدى الحكومة اليمنية، وهذا ما شدد عليه المسؤول الحكومي الدكتور سالم الشبحي، الذي كشف عن توجه رسمي للعناية ببناء قدرات الممرضين والقابلات.
ولفت إلى أن الوزارة تتبنى حالياً برامج تأهيلية في تخصصات نوعية، سواءً عبر مجلس التخصصات الطبية أو معهد الدكتور أمين ناشر العالي للعلوم الصحية في العاصمة المؤقتة عدن.
المسؤول الصحي اقترح تشكيل مجلس للخبراء في مجال التمريض؛ يستهدف نقل خبرات التمريض عبر استفادة الجيل الحالي ممن سبقوهم من الممرضين والممرضات من أصحاب الخبرات الطويلة في هذا القطاع الصحي المهم.
أضرار كارثية
وتأثرت مهنة التمريض باليمن بشكل كبير وانتقل الكثير من العاملين بهذه المهنة للعمل في مهن أخرى بفعل حرب الحوثي، حيث بات هناك 12 عاملاً صحياً فقط لكل 10 آلاف شخص وهو نقص كبير وفق معايير منظمة الصحة العالمية، التي توصي بـ20 عاملاً صحياً لكل 10 آلاف شخص.
وهو ما أكدته نقيب الأطباء في مستشفى الجمهورية النموذجي بعدن، نسيم الحميدي، بأن الكوادر الطبية والتمريضية في اليمن هي عمود المنظومة الصحية في البلد التي تعاني من انهيار شبه تام على مستوى هذا القطاع.
وأكدت الحميدي في حديثها لـ"العين الإخبارية" أن الحرب الحوثية ألحقت بالممرضين والأطباء أضراراً كارثية على جميع المستويات اقتصادياً ومعيشياً وتعليمياً وصحياً وخلقت ظروفاً معقدة لم تعد تخفى على أحد.
وأشارت إلى أن الكادر "الطبي والتمريضي يقدم جل ما عنده من خدمات جليلة في هذه الظروف الصعبة، رغم شح عددهم ويتجلى ذلك في العاملين في مستشفى الجمهورية بعدن الذين يتحدون كل الظروف القاهرة".
ودعت الحميدي الحكومة اليمنية لدعم القطاع الصحي بجميع مرافقه بالكوادر المؤهلة من أطباء وتمريض وخصوصاً أن هناك تقاعداً كبيراً لمثل هذه الكوادر الطبية ولم يتبق منها إلا القليل حتى أصبحت المستشفيات تعاني من النقص الحاد وهذا ينعكس على الأداء العام على القطاع بشكل عام.
كما حثت المنظمات المعنية والجهات المسؤولة للقيام بالدور الأمثل وتقديم يد العون ودعم الكوادر الطبية والتمريضية وتأهيلها والاهتمام بهيكل الأجور المتدني للكادر الطبي والتمريضي.
وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن هناك قرابة 20.3 مليون يمني بما في ذلك 9.12 مليون شخص في حاجة ماسة للخدمات الصحية، فيما هناك 226 مديرية (68%) من بين 333 مديريـــة في البلاد لديها احتياجات صحية شديدة وحادة، فضلا عن افتقار 117 مديرية لوجود مستشفيات مما جعل سكانها بلا رعاية صحية ثانوية.