"فرصة لا تعوض".. المبادرة السعودية تنعش آمال الشعب اليمني بالسلام
خلقت المبادرة السعودية حول أزمة اليمن، وضعا جديدا حرك الجمود وأنعش آمال الشعب اليمني في السلام.
ولطالما كانت الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف مع كل المبادرات لوقف إطلاق النار وإحلال السلام بالبلاد، فقد جاءت مبادرة السعودية كـ"فرصة لا تعوض"، تبلورت حولها توافقات وكشفت للمجتمع الدولي مجددا أن مليشيا الحوثي لا ترى أكثر من الحرب.
وقوبلت المبادرة السعودية بموجة غير مسبوقة من ردود الفعل الإيجابية لدى الشارع اليمني والأطراف السياسية والعسكرية، فيما اعتبرها مسؤولون حكوميون أنها حركت جمود المشهد اليمني، ودفعت الجهود للانطلاق نحو الضغط على مليشيا الحوثي سياسيا أو عسكريا بما يضمن إنهاء الصراع للأبد.
ورحبت القوى ذات الثقل السياسي والعسكري بمبادرة السعودية، لا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية، في بيانات منفصلة، وأكدت جميعها التأييد لكل الجهود التي المبذولة لوقف نزيف الدم لليمنيين.
كما أكدت أهمية شمولية المبادرة لجميع الأطراف، كضمان حقيقي للتقدم تجاه حل الأزمة على طاولة الحوار بغية التوصل لحل سياسي شامل ومستدام.
خارطة طريق جديدة
وتقدم المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة باليمن، خارطة طريق جديدة للحل السياسي بالبلد، بطرح تسهيلات إنسانية بحرا وجوا، تعد أكبر مكسب لليمنيين، وفقا لما دونه نشطاء ونخب سياسية وثقافية تصفحتها "العين الإخبارية" على موقع "تويتر".
واعتبر ممثل رئيس الانتقالي اليمني للشؤون الخارجية عمرو البيض، المبادرة السعودية فرصة ثمينة للسلام ورفع معاناة المدنيين لإيجاد حلول مستدامة بالمنطقة، مؤكدا ضرورة مشاركة كل أطراف اليمن للمساهمة الفعلية في نجاحها.
فيما يرى الناشط اليمني خالد لقمان، أن السعودية من خلال تقديم المبادرة، تخاطب وتقترب من موقف واشنطن والمجتمع الدولي أكثر، لا من موقف مليشيا الحوثي المعروف مسبقا، مشيرا إلى الترحيب الأمريكي ووصفه للحوثي بالمرتبط بإيران.
ورغم التفاؤل في الشارع اليمني، أبدى نشطاء ونخب ثقافية، مخاوفهم من رفض مليشيات الحوثي للمبادرة.
ويقول رئيس مركز نشوان للدراسات، عادل الأحمدي، إن رفض أي تسويات، بات منطقيا مع المشروع الإيراني لليمن، مؤكدا أنها نتيجة "حصيلة دروس 17 عاما من الحروب التي أشعلتها مليشيا الحوثي".
أما الناشط اليمني عبدالحليم الصبري، فيرى أن رفض مليشيا الحوثي للمبادرة السعودية يأتي من كونها تزعم امتلاك كل عوامل القوة على الأرض، خصوصا مع ظهور ضابط الحرس الثوري الإيراني "حسن إيرو" بصنعاء.
وبالنسبة لأفق تنفيذ المبادرة أو قبولها، يقول مدير مركز عدن للأبحاث، أحمد الصالح، إن الحكومة الشرعية وبقية الأطراف، تعتبرها محل تقدير، ولكن من الواضح للجميع أنه لا أفق حقيقيا لتطبيقها من قبل مليشيا الحوثي لأنها لا تملك الحد الأدنى من المسؤولية تجاه الشعب اليمني.
وأكد الصالح أهمية مواصلة العمل على المسار الذي يفهمه الحوثيون، وهو القوة العسكرية فقط، في إشارة تحذير لعدم إعطاء المليشيا الانقلابية فرصة لالتقاط الأنفاس لإعادة التموضع خصوصا في معركة مأرب، محور أعنف المعارك.
إجماع يمني
وأجمع مسؤولون يمنيون يمثلون الأحزاب ذات الإرث السياسي العريق كـ"الناصري والاشتراكي والمؤتمر"، على أن المبادرة السعودية تشكل فرصة مهمة لوقف إطلاق النار ومعالجة عدد من المسائل الإنسانية وبداية طريق لإحلال سلام شامل، وفق تدويناتهم على مواقع التواصل، تصفحتها "العين الإخبارية".
وقال مستشار الرئيس اليمني عبدالملك المخلافي، أن نجاح المبادرة يعتمد على قبول المليشيات الحوثية لأنها لا تنظر للسلام إلا بما يحقق لها ما عجز عن تحقيقه بالحرب.
وأشار السياسي اليمني البارز في الحزب الناصري ووزير الخارجية الأسبق إلى أن تصور الحوثيين لما يحدث في اليمن يخالف القوانين والمرجعيات والسياسة والمنطق وما يجمع عليه المجتمع الدولي باستثناء إيران، وذلك بتقديم نفسه ممثلا وحيدا للبلد محاولا شرعنة انقلابه على الشرعية.
وتابع أن "التصور الحوثي لا يهتم مطلقًا بالسلام، وهذه هي مرجعيته، فهو لا يرى فتح المطار حلا للمعاناة الإنسانية ولكن لشرعنة وجوده، ولا يريد من وقف إطلاق النار إلا وقف طيران التحالف الداعم للشرعية من أجل إطلاق يده في قتل اليمنيين بدون عائق".
ونوه بأن مليشيا الحوثي لن تقبل مجددا تنفيذ اتفاق ستوكهولم في الحديدة الذي وقّعت عليه ولم تلتزم به، لأن هدفها ليس ضمان تدفق الوقود والسلع، ولكن تحويل موانئ الحديدة إلى ممرات مشروعة لتهريب السلاح بدون رقابة ونهب الموارد التي نهبتها رغم الاتفاق الأممي.
وطالب المسؤول اليمني المجتمع الدولي بممارسة كل الضغوط على الحوثيين لكبح ابتزازهم واستغلالهم المعاناة الإنسانية واستخدام اليمنيين كرهائن لإخضاع العالم لشروطهم والانطلاق من مبادرة السعودية للسلام الشامل.
من جهته، لم يستغرب سفير اليمن في بريطانيا ياسين سعيد نعمان، رفض الحوثيين لمبادرة السلام السعودية لأنه "خصم ردئ والذي لا يمكن أن يقبل بأي مبادرة تصدر عن خصمه حتى ولو تضمنت قدراً من مطالبه".
وأوضح السياسي البارز في الحزب الاشتراكي اليمني، أن مليشيا الحوثي تعتمد في رفضها على تعدد المبادرات والوعود غير أن قرار القبول أو الرفض بالنسبة لها ليس مستقلاً عن إيران، والتي توظف هذه المأساة الإنسانية لمصلحتها.
وبخصوص إيران، أوضح أنها "لا يمكن أن تقبل بأي مبادرة تحقق السلام بمعزل عن شروطها، خاصة وقد بدا لها أن الخطوط العامة للسياسة الأمريكية الجديدة فيما يخص قضية اليمن تتداخل مع حل مشاكلها الدولية والإقليمية".
أما رفض مليشيا الحوثي للمبادرة، فهو لا يضعف من قيمتها، بل يؤكد أنها ستكون ذات قيمة في بلورة الوصول إلى سلام دائم، بحسب قول نعمان.
وإلى ذلك، شدد وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الأرياني، على أن المبادرة السعودية "بالونة اختبار لاكتشاف جدية مليشيا الحوثي في التعاطي الإيجابي مع إنهاء الحرب وإحلال السلام، وتغليبها مصلحة اليمن على أجندة داعميها في طهران".
وأكد الوزير اليمني أنه سوف تكون أمام الحوثي فرصة حقيقية لإبداء حسن النوايا والتقدم خطوة نحو السلام، وإلا فإن سلاح أبطال الجيش اليمني والقوات المشتركة بدعم التحالف ستكون له بالمرصاد، وسيكون الوضع مختلفا في الأيام القادمة.
aXA6IDUyLjE1LjIyMy4yMzkg جزيرة ام اند امز