الحوثيون تجار الحروب.. ملايين الدولارات أسواق سوداء ومخدرات
اقتصاد السوق السوداء وإيرادات الضرائب وتجارة المخدرات من أبرز مصادر التمويل الداخلية التي تعتمد عليها المليشيا
ليس بوسع أحد تحديد رقم معين على نحو دقيق حول حجم الأموال المتدفقة في خزائن الانقلابيين الحوثيين، التي استطاعوا من خلالها تمويل معاركهم المجنونة، في عشرات الجبهات على امتداد مساحة اليمن، لكن تقديرات اقتصادية تشير إلى 6 مليار دولار سنويا.
واستطاع الانقلابيون الحوثيون، منذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، إسقاط جميع المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية، فارضين ما أسموها "اللجان الثورية" كأعلى سلطة داخل تلك المؤسسات، خاصة الإيرادية منها، ما مكنهم من التحكم بكل إيرادات ومقدرات البلد المادية.
وكان فريق خبراء تابع للأمم المتحدة، قال في تقرير رسمي، إن مليشيا الحوثي تجني أموالاً طائلة من السوق السوداء قدرتها بأكثر من 1.14مليار دولار سنويا.
ويعتقد كثير من المراقبين بأن اقتصاد السوق السوداء وإيرادات الضرائب وتجارة المخدرات تعد من أبرز مصادر التمويل الداخلية التي تعتمد عليها المليشيا، إلى جانب المصادر الخارجية المعلومة التي توفرها إيران والحوزات الشيعية المنتشرة حول العالم.
وفي الوقت الذي تحاول إيران التخفي وإنكار دعمها المباشر للمتمردين الحوثيين إلا أن مصدر في ميناء الحديدة أكد لـ"العين الإخبارية" أن إيران تدعم المليشيا بنحو 50 ألف طن من المشتقات النفطية شهرياً، وذلك عبر شركات تمتلكها قيادات في المليشيا.
مؤكداً بأن مليشيا الانقلاب تقوم باستلام شحنات النفط الإيرانية من ميناء الحديدة وتبيعه للمواطنين في السوق السوداء بأسعار باهظة رغم مواصفاته الرديئة والذي غالباً ما يتسبب في إحداث أعطاب وتلف بالمحركات والسيارات التي يتم استخدامه فيها، ويتم تسخير العائدات لدعم "المجهود الحربي".
أسواق سوداء وتجارة مخدرات
ويرجح عدد من المراقبين السياسيين والاقتصاديين بأن الأموال التي يتحصل عليها الانقلابيون من الإيرادات المالية في بلد فقير كاليمن، لا تكفي لتمويل حرب، في الوقت الذي تثار كثير من التساؤلات حول الكيفية التي تمول بها المليشيا معاركها.
وذكر الباحث الاقتصادي "سنان الهمداني" أن المليشيا الحوثية تعتمد في تمويل ما تسميه "المجهود الحربي" على مصادر داخلية وأخرى خارجية، وهو ما جعلها تصمد طوال السنوات الماضية رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة الشرعية لتجفيف موارد المليشيا المتمردة.
وأكد الهمداني لـ"العين الإخبارية" أن مليشيا الحوثي استطاعت تنويع مصادر تمويلها ابتداء من الدعم الخارجي سواء عبر إيران أو من الحوزات الشيعية المنتشرة في عدد من الدول العربية والأوربية، مروراً بعمليات الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات والحشيش وليس انتهاء بالسوق السوداء للمشتقات النفطية واحتكار الخدمات الأساسية، وكذا النهب الذي تعرضت وتتعرض له معظم الهيئات والوزارات والصناديق الإيرادية الواقعة تحت سيطرتها.
وقال الهمداني: "بحسب المعلومات المتوفرة، فإن إجمالي ما تجنيه المليشيا من عائدات الاتصالات والإنترنت فقط، إضافة إلى إيرادات الضرائب في مناطق نفوذها يناهز 1.5 مليار دولار سنوياً، ومثل هذا الرقم أو أكثر تحصل عليه من عائدات السوق السوداء التي عممتها على معظم المدن بعد أن ظلت حكراً على صعدة وحدها خلال العشر السنوات السابقة".
ملايين من الحوزات الشيعية
لا توجد معلومات مكتملة حول الرقم الحقيقي الذي تتحصل عليه مليشيا الحوثي كدعم مادي من الحوزات الشيعية لكن بعض التقارير تقدرها بعشرات الملايين من الدولارات سنويا.
وكشف مصدر منشق عن مليشيا الحوثي عن أن الدعم الذي توفره الحوزات الشيعية في العراق وإيران وعدد من دول أوربا يتم تحويل جزء ضئيل فقط منه إلى اليمن لصالح جمعيات خيرية وتعاونية، كمؤسسة ما تسمى بـ"رعاية أسر الشهداء" وجمعية العصر وجمعية الرسالة ومؤسسة البينة.
وقال المصدر لـ"العين الإخبارية" إن أغلب المبالغ المقدمة من الحوزات الشيعية تلك تذهب مباشرة عبر وسطاء من قيادات الحرس الثوري إلى حسابات خاصة بعصابات تهريب الأسلحة، أغلبها تنشط في دول أمريكا اللاتينية، وذلك مقابل صفقات الأسلحة والذخائر التي يتم تهريبها باتجاه اليمن.
وأضاف المصدر، أن الأسلحة لاتزال تتسرب بكثافة للحوثيين الذين يقومون في المقابل بتصدير الحشيش والمخدرات، بعضها عبر ذات وسائل النقل التي تأتي بالأسلحة المهربة، والبعض الآخر عبر المنافذ البرية.
وتنتشر زراعة الحشيش المخدر في عدد من مناطق محافظة صعدة معقل مليشيا الحوثي، حيث يتم تصدير معظمه الى الخارج في حين أن جزء يسير منه يباع في الداخل خاصة في المحافظات الجنوبية والوسطى.
وسبق للمتحدث الرسمي باسم حرس الحدود السعودي العقيد ساهر بن محمد الحربي أن أعلن عن تمكن حرس الحدود من ضبط أكثر من 2 طنّ و458 كيلوجراما من الحشيش ونحو 50 ألف حبة من مادة الامفيتامين المخدرة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة فقط من العام الماضي 2017.
الضرائب.. ملايين إلى جيوب قادة المليشيا
وعلى غرار عصابات المافيا الإجرامية تحاول مليشيا الحوثي إحاطة مواردها بسياج منيع من التعتيم، ما يجعل من الصعب الوصول إلى أرقام واضحة عن الإيرادات ومنها الضريبية التي تحصل عليها في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
لكن مسؤولاً في مصلحة الضرائب، قال لـ" العين الإخبارية"، إن الارقام التقديرية تتجاوز 500 مليار ريال يمني سنوياً كحد أدنى، ما يوازي مليار دولار أمريكي.
وحسب المصدر، تذهب الإيرادات مباشرة إلى "الجماعة" عبر توجيهات صرف مباشرة من القيادي المليشاوي عبدالكريم الحوثي، بعيداً عن الإجراءات المالية والإدارية المتعارف عليها في عمليات الصرف، ولا أحد يعلم أين تذهب تلك الأموال وكيف يتم إنفاقها.
ويوصف عبدالكريم الحوثي وهو عم زعيم المليشيا بأنه الحاكم الفعلي لصنعاء والرجل الأقوى في الجماعة، نظراً لارتباطاته الوثيقة والمباشرة مع قيادات رفيعة في الحرس الثوري وأجهزة الاستخبارات الإيرانية.
وباتت المليشيا تمتلك عددا من الشركات النفطية الجديدة والتابعة لقيادات بارزة، حيث كشفت وثائق عن امتلاك ناطق الحوثيين شركة نفطية تدعى "يمن لايف" وتم تسجيلها باسم شقيقه، بالإضافة إلى شركة تدعى "أويل برايمر" لتاجر السلاح الحوثي المعروف دغسان محمد دغسان، وشركة "الذهب الأسود" التي تعود ملكيتها للقيادي للحوثي علي قرشة.