في النهاية، هي حكاية الحياة التي لابد أن تعود إلى اليمن لينعم أهلها بالأمان كما غيرهم من الشعوب
بطانية قريبة بألوانها من ألوان العلم اليمني، جثة بلا روح مُلقاة مفتوحة الرأس، أسلحة، سيارات عسكرية، صرخات طائفية.. 49 ثانية قد تعطي مدلولات كافية على حياة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي اُغتِيل غدراً بطلقة في الرأس بعدما أعلن فك ارتباطه وتحالفه مع مليشيات الحوثيين الإرهابية.
مرحلة ما بعد صالح تتطلب بالتأكيد الاستمرار في وقف المد الإيراني في المنطقة، إيران التي تنقل معاركها إلى خارج أراضيها، فهي تصفّي الأكراد والأحواز وغيرهم من الشعوب، مرتكبةً المجازر بحقهم، كما تمتلك سجلاً أسود خارج حدودها أيضاً سواء في سوريا أم العراق أو اليمن.
الفيديو المنشور كالنار في الهشيم، ولا يزال، يقدم بالطبع صورة مختصرة عما آلت إليه أوضاع اليمن جراء تدخل إيران العسكري والحياتي عبر ذراعها (الحوثي) في جميع مفاصل الحياة في تلك البلاد؛ التي كانت يوماً ما سعيدة، فيما يمكن أن يكون مقتل صالح بداية جديدة لليمن في أقل الاحتمالات الواردة.
هذا المشهد بالطبع جريمة كاملة الأوصاف من حيث طريقة القتل والتمثيل بالجثة، والرقص عليها كما يُقال، وكأن صالح كان يعلم بأن ساعته قد حانت، فحاول إصلاح ما أفسده تحالفه مع الحوثيين والعودة إلى العمل من أجل اليمن كدولة قوية موحدة.
وما زاد في الأمر، أن الحوثيين رفضوا إقامة مراسم لصالح في مسقط رأسه بسنحان، والضغط على قبائلها لتنفيذ ذلك كشرط لتسليم جثمانه.
الآن السؤال المهم هو: هل فكر الحوثيون بمآلات، ومرحلة ما بعد اغتيال علي عبد الله صالح؟.
يبدو أن الأحوال ستنقلب رأساً على عقب، أو أن الأوراق لم تعد مرتبة كما كانت، فالطرف المتضرر توعد بالثأر من القاتل، أما الحسابات الحوثية فبكل الأحوال لن تضيف إلى سجلها الإجرامي إلا المزيد من الاتهامات ضد حقوق الإنسان في العالم، وبالتالي تورط إيران في إبراز جرائمها والتباهي بمساوئها في العالم.
مرحلة ما بعد صالح تتطلب بالتأكيد الاستمرار في وقف المد الإيراني في المنطقة، إيران التي تنقل معاركها إلى خارج أراضيها، فهي تصفّي الأكراد والأحواز وغيرهم من الشعوب، مرتكبةً المجازر بحقهم، كما تمتلك سجلاً أسود خارج حدودها أيضاً سواء في سوريا أم العراق أو اليمن..
مقتل صالح يعطي دلالة واضحة أنه لا حبيب لطهران، فبين يوم وليلة تحول صالح من صديق إلى عدو بنظر الملالي، حيث لم تنفع سنواته الثلاث في خدمة الحوثيين باليمن، لكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً.
هذا يعني أن كسر شوكة طهران في اليمن سيبني جسراً طويلاً نحو سوريا والعراق أيضاً؛ لتكون فرصة لدحر إرهاب الحرس الثوري عنهما، فهذا الأخطبوط الإيراني في منطقة الشرق الأوسط كفيل بأن يجعل شعوبها من أكثر الناس قلقاً ورعباً في العالم، في ظل مستويات متدنية للأمن بل باتت معدومة في الدول التي تلوّثها إيران.
في النهاية، هي حكاية الحياة التي لابد أن تعود إلى اليمن لينعم أهلها بالأمان كما غيرهم من الشعوب، في مسعى لتتحول البطانية التي حملت جثة المغدور صالح إلى غطاء دافئ لشتاء اليمن القارس جداً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة