38 عاما على رحيل يحيى الطاهر عبدالله.. شاعر القصة القصيرة
يحيى الطاهر عبدالله ينتقل في عام 1959 إلى قنا مسقط رأس الشاعرين عبدالرحمن الأبنودي وأمل دنقل حيث التقى بهما ونشأت بينهم صداقة طويلة.
بسبب حادث سير وقع قبل 38 عاماً وتحديداً في 9 أبريل/نيسان عام 1981، فقد الأدب العربي أحد أبرز الأصوات السرديّة المجددة، إذ مات القاص المصري يحيى الطاهر عبدالله، تاركًا خلفه الكثير من القصص الفارقة في نبرتها والتي كتبها ولم تمر مرور الكرام على متابعي الأدب العربي من نقاد وقراء ومبدعين.
وبعد 38 عاماً على رحيل يحيى الطاهر عبدالله لا يزال تأثيره عميقاً في السرد العربي المعاصر بفضل قدرته على خلق نمط خاص من أدب "الواقعيّة السحريّة" يقوم على إعادة الاعتبار لقيمة الحكايات الشعبية وأساليب القص الشفاهي.
تلقَّى يحيى الطاهر تعليمه في مدينة الكرنك بالأقصر جنوبي مصر حتى حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة ثم عمل في وزارة الزراعة لفترة قصيرة، وفي عام 1959 انتقل إلى قنا مسقط رأس الشاعرين عبدالرحمن الأبنودي وأمل دنقل حيث التقى بهما ونشأت بينهم صداقة طويلة.
البداية.. يوسف إدريس وعبدالفتاح الجمل
في عام 1961، كتب يحيى الطاهر عبدالله قصته الأولى بعنوان "محبوب الشمس"، ثم كتب في العام نفسه "جبل الشاي الأخضر"، وبعد 3 سنوات وتحديدًا في عام 1964 انتقل إلى القاهرة ليقيم مع الأبنودي في شقة بحي بولاق الدكرور، وفيها كتب بقيّة قصص مجموعته الأولى "ثلاث شجيرات تثمر برتقالاً".
قدَّمه الأديب المصري يوسف إدريس (19 مايو/أيار 1927- 1 أغسطس/آب 1991) عبر مجلة "الكاتب" ونشر له مجموعة "محبوب الشمس" بعد أن قابله واستمع إليه في مقهى "ريش" الشهير بوسط القاهرة.
كما قدَّمه أيضًا الأديب والصحفي المصري عبدالفتاح الجمل في الملحق الأدبي بجريدة "المساء"، وبمرور الوقت بدأ نجمه يلمع ككاتب قصة واعد، وأحد أبرز كتابها بشكل عام، مصريًا وعربيًا.
تأثيره في القصة القصيرة
ظهر يحيى الطاهر في وقت فاصل في مسار القصة القصيرة، إذ خلَّص الكُتّاب من قبضة يوسف إدريس، الذي أثّر على كتاب عصره والأجيال التي تلته، وجاء بلغة مختلفة تعبر عن بيئة مختلفة غير مكشوفة، امتلك أسرارها وحده إذ استطاع الانتقال من مستوى السرد الشفاهي إلى لغة التدوين التي لا تفقد السرد طزاجته ولغة الحياة اليومية فيه.
كتب يحيى الطاهر كثيرًا عن الأقصر وناسها ومشكلاتهم ومخاوفهم، ووصف قريته الكرنك التي ولد فيها، بقوله: "أرى أن ما وقع على الوطن وقع عليها، وهي قرية منسيّة منفيّة، كما أنا منفيّ ومنسيّ، كما أنّها أيضًا قرية في مواجهة عالم عصري، إذن عندما أبتعد عن قريتي أسعى إليها في المدينة، وأبحث عن أهلي وأقربائي، وناسي الذين يعيشون معي، وأنا لا أحيا إلا في عالمها السفلي، فحين ألتقي بهم نلتقي كصعايدة وكأبناء الكرنك ونحيا معًا".
مشروعه
كل ما أنتجه يحيى الطاهر كان بمثابة إرهاصة لمشروعه الكبير الذي لم يأخذ حقه، مات سريعًا وهو في الـ43 قبل أن يقدِّم كل ما لديه وهو يمتلك الكثير.
لغته كانت مجنونة ومختزلة أشبه ما تكون بضرب الكرابيج، وهذا أمل كل كاتب حقيقي يريد أن يصبح صاحب تأثير، أن يؤثر في بنية اللغة ويغير فيها، ويحيى الطاهر كان مجددًا في اللغة ونحن نفتقد ذلك الآن، ولعل هذا الإحساس والإخلاص للغة من أهم ما ميز مشروعه الإبداعي.
أيضا لعبت البيئة التي جاء منها دورًا كبيرًا في تكوينه المعرفي والثقافي وهو ما ظهر في كتاباته بشكل كبير، إذ مثّل عالم الصعيد بأسراره وخصوصيته بيئة خصبة جدًا للكتابة.
"الطوق والأسورة"
وتعد "الطوق والأسورة" من أشهر كتاباته إن لم تكن الأشهر، وتحولت إلى فيلم سينمائي بعد وفاته بسنوات كتب السيناريو يحيى عزمي وخيري بشارة، وكتب الحوار عبدالرحمن الأبنودي، وأخرجه خيري بشارة، ومساعده سعيد مرزوق، وصوّره في موقع القصة بالكرنك طارق التلمساني، ولعب بطولته فردوس عبدالحميد شريهان وعزت العلايلي.
أعماله وترجماته
أنجز عددًا كبيرًا من المجموعات القصصية والروايات منها: "الطوق والأسورة"، "أنا وهي وزهور العالم"، "حكايات للأمير حتى ينام"، "ثلاث شجيرات تثمر برتقالًا"، ونشرت أعماله الكاملة في عام 1983 عن دار المستقبل العربي، وضمت مجموعة قصصية كان يحيى قد أعدها للنشر ولكنه توفي قبل أن يبدأ في ذلك وهي "الرقصة المباحة"، وصدرت طبعة ثانية منها عام 1993.
ترجمت أعماله إلى عدة لغات منها الإنجليزية والإيطالية والألمانية والبولندية والصينية.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4xMzMg جزيرة ام اند امز