زيدان فنان ضد القبح الكروي في صراع "الخير والشر"
المتعة هي أصل كرة القدم، وعبر تاريخ الكرة حاولت الأساليب الدفاعية أن تنتصر عليها ولكن لم تفلح وأخرها على يد زيدان ضد أليجري، تعرف عليها
التراجع الفني لجماليات كرة القدم في الآونة الأخيرة، لصالح القوة البدنية والالتحامات والتكتيكات الدفاعية الخانقة، بات أبرز الظواهر التي تؤثر بالسلب على متعة وشعبية اللعبة.
الظاهرة أرجعها البعض إلى قلة المواهب الفنية داخل الملاعب أو لاستعادة أساليب اللعب الدفاعية القاتلة لمتعة الساحرة المستديرة مرة أخرى، والتي أعادت قوى الشر الكروي إحيائها من رقاد طال لأكثر من 35 عاما وتحديدا منذ خطف الأزوري الإيطالي بقيادة المدرب بيرزوت وعشرة مدافعين مع مهاجم وحيد هو باولو روسي كأس العالم من منتخب المتعة الكروية البرازيلي عام 1982.
على الساحة الأوروبية حاليا يتصدر المشهد مدربون تخرجوا في مدرسة الكاتناتشيو الدفاعية الخانقة أبرزهم جوزيه مورينيو وأنطونيو كونتي وماسميليانو أليجري ودييجو سيميوني، لكن وسط حفنة من المدربين الأشرار فنيا لبخلهم على الجماهير بالمتعة التي تبحث عنها يظهر فارس نبيل من فرسان مائدة كرة القدم المستديرة يسعى لنشر الخير الكروي في الملاعب المعشوشبة.
في وقت سابق ظهر الساحر جوارديولا ليرسم بفرشاته لوحات مبدعة مع جيل استثنائي في البارسا، والآن يحمل الراية منه الفرنسي زين الدين زيدان مع ريال مدريد .
مثلما حدث في كرة القدم في النصف الثاني من القرن الماضي، حينما كانت الكرة الهجومية البحتة والأهداف الكثيرة هي الثقافة السائدة في الملاعب، بدأ مخطط مدربو الشر الكروي ممن يطمحون لتحقيق البطولات ولا يملكون لاعبين دوي مهارات كروية فذة مثل بيليه ودي ستيفانو وبوشكاش وغيرهم من سادة اللعبة في سادة الزمان.
فظهر الأرجنتيني هيلينيو هيريرا بأسلوب الدفاع المتقدم او ما سمي بالكاتاناتشيو، وهو الاعتماد على 3 مدافعين في الخلف وأمامهم 5 لاعبين في الوسط ومهاجمين فقط، ليقضي بهذا الأسلوب الدفاعي الممل على متعة الكرة وكثرة الأهداف لفترة ليست بالقصيرة بداية من أواخر خمسينات القرن الماضي لكنه حقق مراده بقيادة انتر ميلان لمنصات التتويج.
بدأ مدربو المدرسة الإيطالية في تطبيق الفلسفة الدفاعية والاعتماد عليها وتوارثها لعقود، إلى أن عادت الكرة الجميلة مرة أخرى وانتصرت قوى الخير الكروي مع بداية السبعينات بالكرة الشاملة الهجومية الممتعة للأسطورة يوهان كرويف مع منتخب هولندا ثم برشلونة بالثمانينات والتسعينات.
ثم جاء زمن ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو وبدأ كلاً منهما في الظهور والتألق وظهرت معهما قوى الشر الكروي من جديد مع أساليبها الخانقة لمتعة الكرة ومع بدايات عام 2008 عادت للأساليب الدفاعية والتكتيكات المركبة لتفرض نفسها على عقول المدربين للقضاء على المتعة والمهارات الخارقة للنجوم.
وظهر جوزيه مورينيو الذي كان نجاحه الأكبر خنق مهارات وفنيات لاعبي برشلونة بخطته الشهيرة "الدميمة" التي أطلق عليها "ركن الحافلة" عندما كان مدربا لانتر ميلان ، ثم تبعه المدرب الإيطالي كونتي مع يوفنتوس حتى وصلنا للوجه الأسوأ في تجربة دييجو سيميوني مع أتلتيكو مدريد والدفاع بعشرة لاعبين في التلت الأخير لملعبه ، ليضيق الخناق على منافسيه بشكل يجعل أكثر من 70% من مبارياته أمام الكبار مملة للغاية.
أخيرا عاد فارس آخر ليرفع راية متعة كرة القدم، نجم كبير كان له من المهارة والفنيات نصيبا كبيرا، هو الفرنسي الكبير زين الدين زيدان الذي تولى تدريب الميرينجي في ظروف غامضة بعد انهيار الفريق لعبا ونتيجة مع الإسباني بنيتيز ليعيد شيئًا فشيئا المتعة للفريق وينجح بعد شهور قليلة من توليه المسئولية في الفوز بدوري أبطال أوروبا على جاره اللدود أتلتيكو ومدربه سيميوني ملك الأساليب الدفاعية.
بمرور الوقت انتهج زيدان أسلوبه الفني الممتع كما هو أصل الكرة المتعة التي خلقت لإسعاد الجماهير بها، ويقرر أن ينهي تفوق سيميوني ذلك نتائجًا وأسلوبًا ويقود جبهة التصحيح الكروي، ويحقق عليه 3 انتصارات في مقابل انتصارين للتشولو وتعادل وحيد، ولكن كان تفوق زيزو ضاربًا حرمه من بطولة دوري أبطال أوروبا بهما مرتين الأولى بنهائي ميلانو 2016 والأخرى بنصف نهائي 2017 عندما أقصاه بتفوق ملحوظ فنيًا وتكتيكيًا، وزاد زيزو من الشعر بيتًا عندما انتفض مرة أخرى على مدرب آخر يميل للكرة الدفاعية وهو أليجري مدرب يوفنتوس، في نهائي دوري الأبطال لهذا العام بكارديف، فنجح في الفوز والتفوق عليه بالرباعية القاضية، وتحقيق البطولة الثانية له على التوالي والثانية عشرة لريال مدريد بتاريخ الشامبيونز ليج.
فهل تكون تلك آخر ورقات سيناريو الكرة القبيحة أو ما يسمى بالأسلوب الدفاعي البحت والقاتل لمتعة كرة القدم، أم سيكون لأهل الشر الكروي فصلاً آخرا في الرواية المثيرة للساحرة المستديرة؟.
aXA6IDE4LjE4OC42My43MSA= جزيرة ام اند امز