تجارة تهريب المهاجرين في مرمي نيران الاتفاق الأوروبي التركي
قبل بدء سريان الاتفاق التركي الأوروبي، تبدلت أحوال القرى التركية القريبة من الشواطئ، ويبدو أن تجارة تهريب المهاجرين ستواجه أيامًا صعبة.
بعد أن اعتاد سكان القرى التركية القريبة من الشاطئ على سماع هدير محركات الحافلات الصغيرة التي يقودها مهربون وفيها لاجئون سوريون وعراقيون وأفغان، وهي تشق طريقها مسرعة تحت جنح الظلام عبر الأزقة الضيقة، فإن تلك الأوضاع بدأت تتغير اليوم.
يقول الصياد حسن بلجي البالغ من العمر 50 عامًا وهو يلعب الورق في المقهى "قبل الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي كان مئات المهاجرين يعبرون البحر من هنا. لم يعد هناك أحد منهم اليوم".
قبالة قرية بادملي الصغيرة على الساحل التركي تمتد المياه اللازوردية لبحر إيجه وتظهر في الأفق جزيرة ليسبوس على بعد 6 أميال (10 كيلومترات).
لكن اللاجئين والمهاجرين باتوا اليوم يخشون إعادتهم إلى تركيا حتى وإن نجوا من مجازفة عبور البحر الخطرة، ولم يعد الحلم بحياة جديدة في أوروبا سهل المنال.
ويؤكد القرويون في نقاط انطلاق مراكب المهاجرين الأخرى على الساحل من كوجوكويو المقابلة لليسبوس إلى جيزمة المقابلة لجزيرة خيوس اليونانية، أن المهاجرين اختفوا فجأة من الشوارع خلال أيام.
قبل بدء سريان الاتفاق التركي الأوروبي لإعادة كل المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان الأحد المقبل، كان حي "سوريا الصغيرة" في بسمان في أزمير يعج بالقادمين الجدد.
كان المهاجرون يدفعون للمهربين حتى 1200 دولار للفرد للعبور إلى اليونان.
ويشير أصحاب المقاهي اليوم إلى الطاولات والكراسي الشاغرة حيث كان المهاجرون والمهربون يساومون على أجرة العبور.
ويقول صاحب مقهى كان يستفيد من بيع سترات النجاة التي لا يزال بعضها معلقًا بجانب بذلات وسترات أمام محله "انتهى الأمر الآن".
في سوريا أفضل:
كان عصام البالغ من العمر 18 عامًا والقادم من دمشق يرغب في الذهاب إلى ألمانيا، لكنه يعيش اليوم في أزمير منذ 6 أشهر.
ويقول الشاب الذي فقد والديه وهو يجلس مع عدد من زملائه السوريين في مقهى: "لا أعرف الآن ماذا أفعل. لا يمكننا أن نحصل على المال هنا في أزمير لنأكل ونشرب. نحن نعاني المذلة".
ويؤكد رفيقه وضاح البالغ من العمر 20 عامًا والقادم من إدلب أنه يفضل العودة إلى سوريا رغم الحرب.
ويقول: "أريد أن أعود إلى القصف والدمار والقنابل. ذلك أفضل من الموت في تركيا".
ويقول شاب سوري آخر كان يعمل في تكنولوجيا المعلومات في دمشق وبات يعمل مع شبكة لتهريب المهاجرين عبر الهاتف، إنه جمع 10 إلى 15 ألف دولار السنة الماضية عبر أخذ عمولة من 50 إلى 100 دولار على كل مهاجر.
ويضيف: "بعض الناس يخافون تهريبهم الآن وهذا (الاتفاق الأوروبي التركي) كان له أثر سيئ على أعمالنا"، مضيفًا إن إغلاق مقدونيا لحدودها مع اليونان أمام اللاجئين جعل الناس يعزفون عن طلب الهجرة.
ويضيف: لكن الأكيد هو أن هذه الأعمال اسمها تجارة تهريب البشر وهي لن تتوقف، ستتباطأ لكنها لن تتوقف أبدًا.
تشديد المراقبة:
ينص الاتفاق التركي الأوروبي على استقبال آلاف اللاجئين السوريين من المخيمات الموجودة في تركيا بهدف وقف حركة التهريب.
وعن مئات المهاجرين الذين غرقوا في البحر يقول المهرب البالغ من العمر 23 عامًا، إن أحدًا لم يغرق ممن عبروا على قواربه.
ويضيف: "لا يمكنني أن أصف مدى شعوري بالحزن على المهاجرين الذين ماتوا في البحر. أن يكون الإنسان مسؤولًا عن موت أحد هو شعور بالذنب يحمله طيلة حياته".
تفيد الأرقام اليونانية الرسمية أن 1498 شخصًا وصلوا إلى اليونان، السبت المقبل، قبل بدء سريان الاتفاق.
ولكن الثلاثاء الماضي انخفض العدد إلى 600 ولم يصل أحد، أمس الخميس، حتى وإن كان يمكن أن يعزى ذلك إلى الرياح القوية التي تهب في المنطقة.
ويمكن مشاهدة السفن التركية واليونانية وغيرها من دول حلف شمال الأطلسي في المياه، وعلى الشاطئ كثفت الشرطة التركية المراقبة على الطرق الرئيسية الموصلة إلى سواحل بحر إيجه وتقوم بإعادة من يشتبه بأنهم يخططون لنقل مهاجرين في القوارب.
في بادملي لا يمكن رؤية مهاجرين ولكن تحت شجر الزيتون القريبة من الشاطئ تنتشر بقايا خلفها المهاجرون كالملابس والحقائب وسترات النجاة والإطارات وحفاضات الأطفال مبعثرة على الأرض.