وقف توريد الإسمنت.. قرار إسرائيلي يشلّ حركة البناء في غزة
القرار الإسرائيلي بمنع توريد الإسمنت لغزة يشل الحياة الاقتصادية في القطاع المحاصر
ساعات قليلة على قرار الاحتلال الإسرائيلي بوقف توريد الإسمنت إلى قطاع غزة، حتى انعكست آثاره سلبًا على الحركة الاقتصادية وحالة البناء والإعمار في القطاع الذي يعاني وضعًا اقتصاديًّا متدهورًا جراء الحصار المفروض منذ عام 2006، وسط تحذيرات من تداعيات أكثر خطورة إذا استمرت الأزمة.
وأوقفت سلطات الاحتلال، يوم الأحد الماضي، إدخال الإسمنت لصالح المشروعات الخاصة في قطاع عزة، فيما تسمح فقط بإدخاله للمشروعات القطرية وتلك التي تشرف عليها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، مبررة قرارها بأنه جاء لاستخدامه من قبل حركة "حماس" في بناء الأنفاق.
470 منشأة متوقفة عن العمل
وقال فريد زقوت رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية، لبوابة "العين" إن 470 منشأة توقفت عن العمل جراء وقف توريد الإسمنت لغزة، لافتا إلى أن آلاف المنشآت المرتبط عملها بالإنشاءات والمباني تعطلت أيضًا لأن كل الاعمال تقوم على القطاع الإنشائي.
وأكد زقوت أن حاجة غزة اليومية تتراوح بين 5-6 آلاف طن إسمنت، فيما لم يتجاوز ما تسمح إسرائيل بإدخاله منذ 4 2500 طن فقط، ويأتي القرار الجديد ليفاقم الأزمة وهو ما يؤدي إلى تراجع العمل، ويشل الحركة الاقتصادية الصعبة في القطاع.
وأشار إلى أن إدخال الإسمنت للمشروعات القطرية والأونروا فقط، غير كافٍ، لأنه هناك مئات المشروعات الخاصة والعامة الأخرى التي تشرف عليها جهات حكومية أو خاصة، وبالتالي تعطل العمل فيها، ودفع آلاف العمال إلى سوق البطالة من جديد.
تفاقم أزمة البطالة
وتصل معدلات البطالة في قطاع غزة، إلى أكثر من 40 % فيما استوعبت حركة البناء والإعمار التي حدث عليها بعض الحراك في الأشهر الأخيرة، آلاف العمال، ما يعني ارتدادات سلبية جديدة.
ونفى زقوت الاتهامات الإسرائيلية باستخدام الإسمنت في غير هدفه، مبينا أن الإسمنت منذ لحظة وصوله لغزة وحتى استخدامه من المنتفع الأول يتم عبر الاليات المتعارف عليها، وكل تلك المراحل التي يمر بها الإسمنت موثق بالتصوير.
وتم التوصل بعد عدوان 2014 على غزة، إلى اتفاق ينص على توريد موادّ البناء وضمنها الإسمنت، ضمن آليّة تخضع للمراقبة لضمان عدم استخدام موادّ البناء التي يتمّ توريدها لأغراض أخرى عدا عمليّة الإعمار.
وترسل وزارة الأشغال العامّة والإسكان الفلسطينيّة، قوائم بأسماء المتضرّرين، إلى وزارة الشّؤون المدنيّة، التي ترسلها بدورها إلى السلطات الإسرائيلية كي يتمّ اعتمادها.
خطوة عقابية
من جهتها، وصفت جمعية "چيشاه–مسلك"، (مركز للدفاع عن حريّة التنقل– مؤسسة حقوق إنسان إسرائيلية)، إن القرار الإسرائيلي بمنع القطاع الخاص في غزة من شراء مواد البناء، بأنه خطوة عقابية جارفة .وأشارت الجمعية في تقرير لها بالخصوص، إلى إعلان منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية، أنه أوقف بيع الإسمنت للقطاع الخاص في غزة.
ووفق التقرير، فإن القطاع الخاص يستهلك قرابة نصف مواد البناء التي يتم شراؤها في غزة (وغالبية الإسمنت)، بقية المواد تستخدم لمشروعات دولية ولمشروعات الأمم المتحدة التي تقوم بإدارة منظومة مدنية واسعة في القطاع، فيما أن الدمار الذي خلفته العملية العسكرية الإسرائيلية في صيف 2014 زاد بشكل كبير من النقص القائم أصلا في قطاع غزة في الوحدات السكنية، وغرف التعليم، والعيادات وأمور أخرى، وهي جميعها احتياجات أساسية لمجتمع شاب أخذ بالنمو والتطور.
وشنّت إسرائيل عدوانا واسعا على قطاع غزة، في السابع من يوليو/ تموز 2014، استمر 51 يومًا ونجم عنه تدمير 12 ألف وحدة سكنية، بشكل كلي، فيما لحقت أضرار جزئية متفاوتة بحوالي 160 ألف وحدة سكنية أخرى، بحسب معطيات فلسطينية.
وقالت الجمعية الإسرائيلية إن القرار بمنع القطاع الخاص في غزة من شراء مواد البناء هو خطوة عقابية جارفة ضد من ليس لهم علاقة بمن خرقوا التفاهمات التي توصلت إليها الأطراف التي أسست منظومة الرقابة، وهذه الخطوة لن تعيد مواد البناء التي تم شراؤها ولا تعني أنه لن تتسرب مواد بناء للسوق السوداء مستقبلا، وتزيد هذه الخطوة من صعوبة الوضع المركب والمعقد أصلا للمجتمع في قطاع غزة، ويجب إلغائها فورا.
وبشكل فعلي، أدى القرار الإسرائيلي إلى اختفاء الإسمنت من السوق، وبدأ بيعه في السوق السوداء بسعر يصل إلى 2000 شيكل (الدولار 3.8 شيكل) بعد أن كان سعره يتراوح بين 550 -650 شيكلا.
اتصالات لاستئناف التوريد
وبحسب مصادر مطلعة، فإن لقاءات عُقدت في الأيام الأخيرة بوساطة مسؤولين كبار في الأمم المتحدة لاستئناف توريد الإسمنت مجددا إلى غزة، خاصة في ظل التحذيرات من تداعيات ذلك على حالة الاستقرار في القطاع.
وأشارت المصادر إلى أن هناك بوادر موفقة، وأن إسرائيل تريد ضمانات بعدم تسرب الإسمنت لحركة "حماس" كي لا يستخدم في بناء الأنفاق.
ويؤكد طارق لبد الناطق باسم وزارة الاقتصاد، أن هناك اتصالات متقدمة لاستئناف توريد الإسمنت للقطاع، متوقعا أن يكون هناك انفراج في القريب.
وقال لبد لبوابة "العين": "نحن كوزارة دورنا رقابي على الإسمنت فقط، ادعاءات الاحتلال مفبركة، ونحن قلنا للوسطاء أمامكم الكاميرات التي توثّق توزيع الإسمنت بالإمكان مراجعتها".