تعرف إلى بن باديس.. بطل أضخم فيلم يصور في الجزائر
من المتوقع أن تعطي وزارة الثقافة الجزائرية في 15 أبريل إشارة انطلاق تصوير فيلم ضخم عن علامة أرغم الاستعمار الفرنسي والده على التبرؤ منه
إن سألت عنه، سيجيبك تلميذ في الطور الإعدادي، بأنه ناظم رائعة:
شعب الجزائر مسلم .. وإلى العروبة ينتسب
من قال حاد عن أصله .. أو قال مات فقد كذب
هو المفكر والعلامة الجزائري الشيخ عبدالحميد بن باديس، الذي يستعد المخرج السوري باسل الخطيب لتصوير فيلم ضخم عن مناقبه ومحطات كفاحه الحاسمة ضد الاستعمار الفرنسي.
من مناقب الرجل الكثيرة، أنه شاعر ومفكر من بين المفكرين الأوائل الذين فصلوا في مسألة هوية الشعب الجزائري، وله في تلك المناحي مواقف ومؤلفات عصية عن التعداد.
لكن الجميل في شخصية العلامة بن باديس، أنه وعلى الرغم من أصوله الأمازيغية، إلا أنه استمات طوال حياته 1888- 1940 في الدفاع عن اللغة العربية، ومحاولات الإدارة الاستعمارية طمس هوية الشعب الجزائري، ومكوناته العربية والأمازيغية.
يُجمع المؤرخون، على أن بن باديس نجح في التحايل على إدارة الاستعمار الفرنسي، لأكثر من 25 سنة، فكان مهادنا في العلن ومناضلا في الخفاء، ساعيا وراء تكوين جيل يواجه الاحتلال الفرنسي.
عبدالحميد بن باديس.. الداعية والرياضي
ويعرف الجزائريون الكثير عن الشيخ عبدالحميد بن باديس، بقدر ما يجهل عنه العرب. والمعروف عن العلامة أنه أحد أبرز مؤسسي حركة النهضة الإسلامية في الجزائر، وأحد الشخصيات الفاعلة التي أسست منظمة العلماء المسلمين الجزائريين التي لاتزال تشع نورا وعلما حتى الآن.
من المأثور عن حياة الشيخ بن باديس، أنه كان يواظب على حضور عروض المسرح والسينما، ويداوم على حضور الحفلات الموسيقية، ولم يعهد عنه أي من مواقف التطرف طوال حياته.
فكان محبا للرياضة وهو من أسس نادي مولودية قسنطينة العريق لكرة القدم، والذي أصبح أيقونة رياضية في مدينة الجسور المعلقة حتى يومنا.
ويتوقع أن يشرف وزير الثقافة الجزائري عزالدين ميهوبي، في 15 أبريل الجاري، من قسنطينة على إعطاء إشارة انطلاق تصوير الفيلم.
ويرى مثقفون وصحفيون جزائريون، أن إعطاء إشارة الشروع في تصوير فيلم عن علامة بقامة الشيخ عبدالحميد بن باديس، يعتبر بداية محمودة نحو تحرير التاريخ من قيود السلطة، حتى وإن ظلت الرقيب على ما ينجز وما يطويه النسيان في البلاد.
لكن الفيلم بنظر آخرين، هو بداية تدويل هذا الرمز الجزائري عبر فضاء السينما والتلفزيون، وهي خطوة وإن تأخرت إلا أنها انعطاف إيجابي في المشهد الثقافي والفني في الجزائر.
ويبدأ تصوير الفيلم تزامنا مع اختتام فعاليات تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية. وقد تولى الصحفي والكاتب الجزائري رابح ظريف مهمة كتابة سيناريو الفيلم وتنقيحه.
ويقول ظريف في تصريحات صحفية، إنه عكف طوال ثلاث سنوات على البحث والتدقيق ملازما الخبراء والمؤرخين. وإنه راجع خلال هذه الفترة أكثر من 250 عنوانا، يتناول حياة ومسار رجال الإصلاح في الجزائر والوطن العربي، بما فيها مسيرة رائد النهضة الإسلامية في الجزائر.
واعتمد الكاتب ما يناهز 150 مرجعا تاريخيا حول شخصية العلامة، كما أن الوزارة الوصية، قد ساعدت في الحصول على أرشيف البوليس الفرنسي الخاص بتقارير عن التحركات اليومية لبطل الفيلم، لكن الغريب أنه لم يتم الإفراج عن أي وثيقة فرنسية تتعلق بملابسات محاولة اغتيال بن باديس والتي اتهمت فيها "الزاوية العلوية".
بن باديس.. العلامة المناضل الذي تبرأ منه والده
وسيتم إخراج الفيلم بنسختين سينمائية وتلفزيونية، وهو يتناول جوانب من حياة العلامة، وتقتفي مشاهد الفيلم خطوات الشيخ عبدالحميد بن باديس عبر محطات حياته لفترة 40 عاما منذ أن كان عمره ثماني سنوات.
يبدأ الفيلم بحسب السيناريو، بمشهد وفاة جد بن باديس عام 1899، ويركز الفيلم أكثر على نضال العلامة ضد المستعمر الفرنسي والمؤامرات التي حيكت ضده، ومحطات انتقاله إلى تونس واكتشافه توجهات فكرية جديدة بين جنبات جامع الزيتونة وخارجها.
ويتوقع كاتب السيناريو رابح ظريف، أن يحقق الفيلم بشقيه التلفزيوني والسينمائي نجاحا لافتا، كونهما يوثقان حياة حقيقية خفيت جوانبها حتى جهلها الجميع في الجزائر وخارجها.
ولا يغفل الفيلم مراحل يعدها المؤرخون مؤلمة في حياة العلامة، ابن العائلة الارستقراطية، الذي تبرأ منه والده تحت ضغط الإدارة الاستعمارية، إذ لا تزال رسالة والده شاهدة على ذلك إلى يومنا.
وينتهي الفيلم بمشهد درامي ملحمي لجنازة وفاة الشيخ عبدالحميد بن باديس، الذي يرحل مرة أخرى في عالم افتراضي، دون أن يكون الفيلم مناسبة للحسم في فرضية أنه توفي مسموما.
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA== جزيرة ام اند امز