رئيسة البرازيل أصبح مصيرها في يد مجلس الشيوخ، فحال موافقته على العزل سيتم عزلها ومحاكمتها بتهمة الفساد والتلاعب بالميزانية العامة
على أوتار أغنية "أنا برازيلي بكثير من الفخر" تغنت المعارضة البرازيلية في مجلس النواب عقب نجاحها في إحالة رئيسة البلاد ديلما روسيف إلى مجلس الشيوخ للتصويت على مساءلتها ومن ثم عزلها من منصبها من عدمه.
ونجحت المعارضة في تأمين أغلبية الثلثين اللازمة للمضي قدما في عملية عزل الرئيسة اليسارية المتهمة بالتلاعب بالحسابات العامة.
وبلغ عدد الأصوات المؤيدة لإقالة رئيسة البلاد نحو 342 صوتًا من جملة 513 نائبًا، أي أكثرية الثلثين اللازمة لإحالة قضية روسيف إلى مجلس الشيوخ الذي بات عليه أن يقرر إذا كان سيحيل الرئيسة إلى المحاكمة أم لا.
وبهذة الإحالة تعد ديما روسيف بمثابة "رئيسة دولة على أعتاب العزل" حال تصويت مجلس الشيوخ في بلادها على مساءلتها وإقالتها من منصبها.
وما إن بلغت عدد الأصوات داخل البرلمان المؤيدة لعزل الرئيسة (342 صوتًا) حتى انفجر نواب المعارضة اليمينية فرحًا وتصفيقًا، وأنشدوا نشيد مشجعي المنتخب الوطني في كرة القدم خلال مونديال 2014 "أنا برازيلي بكثير من الفخر وكثير من الحب".
وكان زعيم كتلة نواب حزب العمال جوزيه جيمارايس أقر بأن الهزيمة باتت محتومة ولا مفر منها، ولكنه أكد أن خسارة المعركة "لا تعني خسارة الحرب".
وقال جيمارايس للصحافيين، إن "الانقلابيين انتصروا هنا في المجلس"، ولكن هذه "الهزيمة المؤقتة لا تعني خسارة الحرب"، حسب وصفه.
وكانت روسيف في حاجة إلى تأييد ثلث النواب على الأقل كي تنجو من مقصلة الإقالة.
وفي أول رد فعل رسمي على تأييد البرلمان بإحالة رئيسة البلاد لمجلس الشيوخ، قال جاك واجنر مدير العاملين بالرئاسة البرازيلية إن الحكومة واثقة من رفض مجلس الشيوخ اقتراح مساءلة الرئيسة الذي وافق عليه مجلس النواب.
وأضاف أن تصويت مجلس النواب بتأييد مساءلة روسيف يمثل "نكسة للديمقراطية" في البرازيل، وأن معارضيها الذين لم يقبلوا قط إعادة انتخابها في 2014 هم الذين نسقوا هذا الإجراء.
وتعد خطوة مساءلة رئيسة البرازيل خطوة رئيسية نحو احتمال إنهاء 13 عامًا من حكم حزب العمال اليساري بالبلاد.
على صعيد متصل، اعترف حزب العمال البرازيلي الحاكم بهزيمته في التصويت، وقال إنه سيركز على إحباط الخطوة الرامية إلى عزل روسيف في مجلس الشيوخ.
وأحدثت الأزمة السياسية التي جاءت وسط أسوأ ركود اقتصادي تشهده البرازيل منذ ثلاثينيات القرن الماضي انقسامًا حادًّا في البلاد، وفجرت معركة بين روسيف ونائبها ميشيل تيمير الذي سيتولى منصبها في حال عزلها.
وعلى الرغم من خروج عشرات الآلاف من البرازيليين في 17 ولاية، وفي العاصمة، للدفاع عن الرئيسة ديلما روسيف في 1 إبريل/نيسان إلا أن الرئيسة لم تنجُ من البرلمان بإحالتها إلى مجلس الشيوخ تمهيدًا لمحاكمتها وعزلها.
وسبق مظاهرات التأييد هذه أخرى مناهضة لبقاء روسيف بالحكم؛ حيث تجمع أكثر من مرة عشرات الآلاف في العاصمة برازيليا؛ أمام البرلمان خلال شهور ديسمبر/كانون الأول، ويناير/كانون الثاني، وحمل المتظاهرون دمية كبيرة لروسيف وارتدى معظمهم قمصان باللونين الأخضر والأصفر، وطالبوا بإقالة الرئيسة، مرددين "ارحلي ديلما".
وأضرمت مجموعة صغيرة من المتظاهرين النار في تابوت خشبي يحمل علم حزب العمال الحاكم، بينما نقلت عربات مجهزة بمكبرات صوت المشاركين في مظاهرة ريو دي جانيرو؛ حيث نظمت المظاهرة في شاطئ كوباكابا الشهير، وطالبوا بإنهاء ولاية روسيف التي أعيد انتخابها في عام 2014.
وفي ساو باولو، احتشد المتظاهرون في ميدان "باوليستا" المركزي، الذي يمثل أحد الشرايين الرئيسية للمدينة وطالبوا "بتدخل عسكري دستوري".
ونظمت المظاهرات -التي دعت إليها جماعات اجتماعية؛ مثل "حركة البرازيل الحرة"- في أكثر من 100 مدينة بالبلاد.
والجمعة الماضية، بدأ البرلمان البرازيلي جلسة نقاش استمرت 3 أيام لاتخاذ قرار بشأن مساءلة ديلما روسيف، وهو ما انتهى إليه بموافقة الأغلببية على إحالتها لمجلس الشيوخ تمهيدًا لعزلها.
وكانت الحكومة البرازيلة قد قدمت طعنًا أمام المحكمة العليا في محاولة أخيرة لوقف عملية مناقشة عزل الرئيسة بالبرلمان، لكن المحكمة رفضته الجمعة الماضية، ما مكن البرلمان من مناقشة التصويت على إحالة الرئيسة لمجلس الشيوخ تمهيدًا لعزلها.
وقاد الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، جهود التوصل لاتفاق يبقي روسيف في المنصب، واستمال حكام العديد من الولايات من أجل أن يضغطوا على المشرعين بالبرلمان لكن تلك الجهود فشلت.
وتظهر استطلاعات الرأي أن أكثر من 60% من سكان البرازيل البالغ عددهم 200 مليون نسمة، يؤيدون مساءلة روسيف، تمهيدًا لعزلها، خاصة بعد أن طالت مسؤولين مقربين منها فضيحة فساد واسعة النطاق في شركة النفط الوطنية "بتروبراس".
ومع ذلك ما زال حزب "العمال"، يحظى بدعم قوي بين ملايين البرازيليين من الطبقة العاملة، الذين يشعرون بالرضا عن برامج الرفاه الاجتماعي للحزب، التي انتشلت أسرهم من الفقر خلال العقد الماضي.
وقد تخسر روسيف السلطة في مايو/أيار إذا وافق مجلس الشيوخ على عزلها، وتعهدت روسيف بدحض اتهامات المعارضة لها بارتكاب مخالفات في ميزانية الحكومة، وإنفاقها على حملة إعادة انتخابها في 2014