10 زعماء ومسؤولين في القاهرة خلال أسبوعين.. ما السر؟
القاهرة استقبلت خلال الأسبوعين الماضيين، زيارات مكوكية لافتة لرؤساء ووفود من دول عربية وغربية، أبرزها الملك سلمان بن عبد العزيز وهولاند
شهدت مصر الأسبوعين الماضيين، زيارات مكوكية لافتة لرؤساء ووفود من دول عربية وغربية، ربما كان أبرزها زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، بحسب مراقبين رأوا أنها جاءت تعبيرًا عن أن القاهرة قد تصبح مركز التحولات الإقليمية في الفترة المقبلة.
البداية كانت مع زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، للعاصمة المصرية، في ترتيب غير مسبوق، دفع المراقبين، لوصفها بالتاريخية، حيث وقعت 17 اتفاقية مشتركة، في مقدمتها اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين، والذي أعلنت مصر على إثره أحقية الرياض في جزيرتي "تيران" و"صنافير".
وقال خبراء سياسيون، في تصريحات سابقة لبوابة "العين"، إن زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز، للقاهرة، حملت 3 لاءات سياسية، في العلاقات المصرية السعودية، وهي أنه لا تراجع عن دعم مصر، ولا توتر بين البلدين، ولا استمرار في اختلاف الرؤى بشأن الأزمة السورية.
الزيارة التي حملت تكهنات حول ما إذا كانت لعبت وساطة في رفع تمثيل القاهرة في مؤتمر القمة الإسلامي بإسطنبول، ناقشت قضايا إقليمية وعربية حتى وإن لم يتم الإعلان عن تفاصيلها، لكن الرئاسة المصرية، وصفتها في بيان لها أنها تسهم في تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة مختلف التحديات التي يتعرض لها الوطن العربي في الوقت الراهن.
وأوضح المتحدث باسم الرئاسة السفير علاء يوسف، أن السيسي أشار إلى عمل البلدين معاً من أجل تحقيق المصلحة المشتركة للشعبين المصري والسعودي، وتنسيق الجهود حيال أزمات المنطقة، وإيضاح الصورة الحقيقية للإسلام الحنيف بوسطيته واعتداله ومجافاته للعنف والإرهاب والتطرف.
وإلى جانب زيارة العاهل السعودي، كان من بين أبرز الزيارات التي شهدتها القاهرة زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الأحد الماضي، والتي جاءت في توقيت بالغ الحساسية مع الاتحاد الأوروبي، على خلفية مقتل الطالب الإيطالي، جوليو ريجيني.
وحملت الزيارة ملفات عدة كان من أبرزها توضيح الموقف المصري فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة بقضية ريجيني وكذلك ملف حقوق الإنسان، واستطلاع فرنسا لموقف مصر من سيناريو تدخل الناتو في ليبيا، وما حدود مشاركتها في ذلك، وكذلك بحث وضع قائد عام الجيش الليبي الفريق أول خليفة حفتر، في الوقت الذي تحاول قوى إقليمية ودولية إبعاده عن المشهد.
وقال السيسي إنه ناقش مع هولاند الجهود المشتركة لتسوية الأزمات في المنطقة وفي مقدمتها جهود إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك ضرورة ضمان وحدة وسيادة واستقرار الأراضي الليبية، ووحدة أراضي العراق، والتوصل إلى حل سياسي في سوريا يحافظ على كيان الدولة وينهي معاناة الشعب السوري.
نتائج الزيارة من الناحية الاقتصادية سرعان ما ظهرت، عند إعلان قصر الإليزيه أن "حجم العقود الموقعة بين مصر وفرنسا خلال الزيارة وصلت إلى ملياري يورو".
وفي 18 أبريل/نيسان الحالي، جاءت زيارة، زيجمار جابرييل، نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للقاهرة، يضم ما يزيد على 120 مستثمراً ومسؤولاً ألمانياً برئاسة وزير الطاقة والاقتصاد الألماني.
وحملت الزيارة تطمينات بشأن استعداد برلين لتقديم الاستشارات اللازمة لمصر، في مفاوضاتها مع المؤسسات الدولية، ولعب دور الوسيط مع تلك المؤسسات.. إلى جانب عدم وجود تعقيدات ألمانية فيما يتعلق بشأن التسليح الألماني لمصر.
والأربعاء، زار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، القاهرة، في زيارة استغرقت 5 ساعات التقى خلالها كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظيره المصري سامح شكري، قبل أن يتوجه إلى الرياض، ليلحق بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، لحضور القمة الامريكية الخليجية.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد لبوابة "العين" إن الزيارات المكثفة لرؤساء وقادة دول عربية وغربية، نعكس انفتاح السياسية الخارجية المصرية، والرغبة من الاستفادة من التجارب المختلفة، كذلك مساعي ضخ الاستثمارات إلى مصر، وأخيرًا شرح موقف مصر تجاه القضايا الإقليمية المختلفة.
وأوضح أبو زيد أن هذا يقابله حرص من المسؤولين في الدول الأخرى على التجاوب مع المقترحات التي تطرحها مصر، لافتًا إلى الزيارات المكثفة كانت نتيجة دعوات رسمية وجهتها القاهرة مثلما حدث مع الرئيس الفرنسي وكذلك نائب المستشارة الأمريكية، حيث اقترح الأخير على وزير الخارجية المجيء للقاهرة وبصحبته رجال الأعمال لاستشراف فرص الاستثمار في مصر.
أيضًا، خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري في القمة النووية في مارس/آذار الماضي، التقى نظيره كيري الذي أبلغه بزيارته للقاهرة أثناء زيارة الخليج في ظل القمة الخليجية الأمريكية، بحسب المتحدث.
المسؤول الدبلوماسي شدد على أن تلك الزيارات تجعل القاهرة "ركيزة أساسية في التعامل مع قضايا الإقليم، لا سيما في ظل توترات القضايا الساخنة مثل ليبيا وسوريا واليمن ومكافحة الإرهاب"، إلى جانب ما أسماه "مقترحات عديدة في القضية الفلسطينية".
وفسّر المسؤول حديثه بذلك بقوله: هناك رغبة في الاستماع للتقييم المصري لكيفية معالجة هذه التوترات والتنسيق مع مصر في قضايا الإقليم، هذا إلى جانب رغبة تقديم الدعم الاقتصادي لمصر، إدراكًا للتحديات التي تواجه القاهرة وكذلك إدراكًا لحقيقة أن مصر جاذبة للاستثمارات الخليجية.
من جانبه، قال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، لبوابة "العين" إن الزيارات المكثفة لرؤساء وقادة الدول العربية والغربية تأتي في إطار التعامل مع القاهرة كمركز محور لمختلف القضايا الإقليمية، فالجميع يرى ضرورة التشاور مع القاهرة، كعنصر من عناصر اتزان المنطقة.
وأضاف الخبير الاستراتيجي: هناك مسار جديد نلاحظه وهو إطْلاع مصر على أوضاع المنطقة وتطوراتها، فمثلا في الملف السوري لأول مرة تُرسل القاهرة مندوبها لحضور اجتماعات جينيف 3، موضحًا أن الزيارات تأتي بأغراض عدة أبرزها التنسيق والتقريب في وجهات النظر المختلفة.
جمال عبد الجواد، الخبير الاستراتيجي، في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال لبوابة "العين" إن "هذه الزيارات مرتبط بإعادة هيكلة تشهدها المنطقة الى حد بعيد، أبرزها التطور في العلاقات المصرية السعودية عقب الزيارة الأخيرة للعاهل السعودي وهو ما يعني أن هناك محورا قويا بصدد التشكيل".
وأضاف عبد الجواد: معظم هذه الزيارات بغرض معرفة الرؤية المصرية لطبيعة المرحلة المقبلة، في شتى الملفات، منها السورية والليبية واليمنية.
ومن المنتظر أن تشهد القاهرة، الخميس، زيارة، لا تقل أهمية عن الزيارات السابقة، لولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتستمر لمدة يوم واحد.
وشهدت الأيام الماضية زيارات لكل الرئيس التوجولي، فوري جناسينجبي في 9 أبريل/نيسان، ووزير العلاقات الخارجية والتعاون الدولي البوروندي الآن ايميه في 12 أبريل/نيسان، ونائب رئيس مجلس الأمة الكويتى مبارك الخرينج في 14 أبريل/نيسان.
وكانت زيارة الوفد العسكري الأمريكي برئاسة الفريق أول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية في 16 أبريل، هي الوحيدة ذات صبغة عسكرية بين الزيارات الـ10، حيث التقى الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الوفد، لمناقشة سبل التقارب والتعاون العسكري بين البلدين،
بينما كانت زيارة مفتي البلقان الإمام حسين كفازوفيتش القاهرة، الوحيدة التي حملت صبغة دينية، حيث التقى المفتي عددا من العلماء المسلمين، في مقدمتهم، الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وفضيلة مفتي الديار المصرية ووزير الأوقاف، ورئيس جامعة الأزهر.