فوضى بقطاع الإعلام الجزائري.. هل تتأثر حرية التعبير؟
كثير من المنتسبين إلى الإعلام بالجزائر صاروا يشتكون من تأخر اكتمال المنظومة القانونية في الصحافة المكتوبة والمرئية.
أدى تأخر تنصيب الهيئات الضابطة في مجال الصحافة المكتوبة والمرئية، إلى فوضى في قطاع الإعلام بالجزائر، بسبب عدم القدرة على تنفيذ ما يوجد في قانون الإعلام الذي تم إصداره في إطار الإصلاحات التي قام بها الرئيس بوتفليقة.
ويعاني المنتسبون إلى قطاع الإعلام بالجزائر من عدم صدور مراسيم تطبيقية توضح كيفيات تطبيق مواد القانون العضوي للإعلام الذي صدر سنة 2012، وقُدم على أنه بداية عهد الإصلاحات التي أقرتها الجزائر على عجالة في ظل الاضطرابات التي كانت تشهدها المنطقة في ما عرف وقتها بـ"الربيع العربي".
مواد قانون الإعلام معطلة
ويرصد رئيس مبادرة كرامة الصحفي رياض بوخدشة، في هذا الصدد، 11 مادة من قانون الإعلام لم يتم صدور النصوص التي تشرح كيفية تطبيقها، على الرغم من مرور 4 سنوات من دخول القانون العضوي للإعلام حيز التنفيذ.
كما يلاحظ بوخدشة أنه لغاية اليوم "لم تنصب سلطة ضبط الصحافة المكتوبة ومجلس أخلاقيات المهنة وأدابها، وسلطة ضبط السمعي البصري، واللجنة الدائمة المنتخبة لبطاقة الصحفي المحترف، ولم يصدر القانون الأساسي الخاص بالصحفي".
ويؤكد في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، أن غياب ما يكفي من النصوص الضامنة، من شأنه أن يرهن الحقوق المهنية والاجتماعية للصحافيين، والشروط الضرورية للرقي بالمهنة وبلوغ مراتب الاحترافية المطلوبة.
فراغ قانوني في الصحافة المكتوبة
من جانبه، يوضح حميد غمراسة الصحفي بجريدة الخبر الجزائرية، أن عدم تنصيب لجنة ضبط الصحافة المكتوبة أدى إلى وجود فراغ قانوني، باعتبار أن هذه السلطة هي المخولة بدراسة ملفات إنشاء الصحف ومنحها الاعتماد.
ويبرز غمراسة في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، أن هذا الإشكال برز بشكل واضح في الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة الاتصال لإبطال صفقة شراء رجل الأعمال يسعد ربراب؛ لأنها استندت في دعواها إلى المادتين 17 و25 من القانون العضوي للإعلام.
ويضيف صحفي "الخبر" أن هاتين المادتين تعطي الصلاحية لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة بمنح اعتماد جديد للصحيفة التي تغير مالكها، أو النظر في امتلاك شخص واحد أكثر من صحيفتين، إلا أن هذه السلطة الوحيدة المخولة بذلك ليس لها أثر في الميدان كونها لم تنصب بعد.
لذلك يعتقد البرلماني ناصر حمدادوش، أن التبرير القانوني الذي اعتمدته وزارة الاتصال لإلغاء صفقة بيع مجمع الخبر، ما هو في حقيقته سوى غطاء لموقف سياسي نظرًا لتخوف وزارة الاتصال من المالك الجديد للمجمع بسبب علاقاته المتشنجة مع السلطات.
قنوات جزائرية لكنها أجنبية في نظر القانون
من جانب آخر، أدى تأخر تنصيب سلطة ضبط السمعي البصري بالجزائر، إلى استمرار الفوضى في الإعلام المرئي والمسموع بالجزائر، حيث ظهرت عشرات القنوات الإخبارية والمنوعة، دون أن يكون لها الإطار القانوني الذي تنشط فيه.
ولمواجهة هذا الوضع، اهتدى بعض المستثمرين بالجزائر إلى فكرة إنشاء قنوات خاصة بالخارج وطلب ترخيص فتح مكاتب لها بالجزائر، مما يجعل من كل القنوات الخاصة حاليًا أجنبية في نظر القانون رغم أن برامجها تخص فقط الجزائر.
ويقول المحامي والحقوقي بوجمعة غشير، إنه "نظرًا لكون المجال السمعي البصري محتكر من قبل السلطة في الجزائر، فإن العديد من القنوات التلفزيونية ظهرت، لكنها تبث من خارج الوطن، ومسجلة في دول عربية أو غربية ( مصر، الأردن ، سويسرا ، فرنسا ..) وتعامل في الجزائر على أساس أنها قنوات أجنبية رغم أن مالكيها جزائريون، واهتمامها منصبّ على الشأن الجزائري".
ويضيف غشير أن "هذه القنوات مطالبة بمطابقة أمورها مع قانون السمعي البصري الجديد، لكنها تخشى إن فعلت ذلك أن تتعرض لبعض المضايقات، كونها قنوات عامة في حين أن قانون السمعي البصري لا يجيز ذلك للخواص ويحصر نشاطها في موضوعات متخصصة".
وينتهي غشير إلى أن استمرار هذا الوضع "سيعمق من حالة التضييق على حرية التعبير في الجزائر"، رغم الخطاب الرسمي الذي يظهر عكس ذلك، حيث تقوم السلطات في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف يوم 3 مايو بتنظيم احتفالات تشيد بالمكتسبات التي حققتها الصحافة الجزائرية في مجال الحريات.
aXA6IDE4LjExNi41Mi40MyA=
جزيرة ام اند امز