"باريس بلا سيارات".. مدينة النور تحارب التلوث
بعد أن حازت على لقب "أقذر هواء" في العالم
السلطات الفرنسية اعتبرت أن التلوث في العاصمة باريس معركة حياة أو موت واتخذت إجراءات لتخفيف حركة السيارات وخفض حجم التلوث.. ما هي؟
بعد أن تم تسميتها بأكثر عواصم العالم التي بها "أقذر هواء" العام الماضي؛ اعتبرت السلطات الفرنسية أن القضاء على التلوث في العاصمة باريس معركة حياة أو موت، واتخذت عدة إجراءات من شأنها التخفيف من حركة السيارات وخفض حجم التلوث الذي يراه البعض أنه أصبح "مخيفًا" يملأ المدينة ويحاصر المواطنين.
وكشف تحقيق موسع لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن أنه سيتم تطبيق إجراءات جديدة ابتداء من الشهر الحالي مايو/أيار؛ للوصول إلى هذا الهدف وإفساح الطريق أمام المشاة للاستمتاع بمدينة النور بشكل حقيقي.
وذكرت الإذاعة أن الإجراءات تتضمن منع مرور السيارات في طريق قصر الشانزيليزيه الشهير أيام الأحد من كل شهر، مما سيتيح للمارة التحرك في الشارع دون الاختناق من عادم السيارات.
وأصبح بالفعل الطريق على الضفة الشمالية لنهر السين مخصصًا للمشاة فقط، مما سمح للمطاعم والمقاهي والمعارض الفنية أن تبرز بشكل واضح.
ومن ضمن الإجراءات الجديدة فسيتم تخصيص مساحة ٣ كيلومترات من الضفة اليمنى للنهر خالية من السيارات خلال الصيف الحالي.
وهناك خطط لتخصيص طرق أخرى للمشاة فقط في بعض أحياء وسط المدينة التاريخية، والضيقة ذات العمارة الخلابة.
وتلك أحدث الوسائل التي أطلقتها عمدة المدينة السيدة آن هيدالجو، في حملتها لتنظيف الهواء السام الذي يضطر أهل باريس حال استنشاقه.
وتسبب ارتفاع التلوث العام الماضي في منح باريس سمعة سيئة؛ حيث حصلت على لقب أكثر العواصم التي بها "أقذر هواء في العالم"، بعدما بلغت كمية الغازات الضارة في الهواء ١٢٧ ميكروجرام في كل متر مكعب في الهواء، "متفوقة" على بكين وشنغهاي.
ووفقا لمنظمة "إير باريف" التي تراقب الهواء الذي يستنشقه قاطنو باريس فإن البنزين وأكسيد النيتروجين والأوزون سجلت مستويات مرتفعة للغاية.
وقال نائب العمدة كريستوف ناجدوفسكي إن ٩٠٪ من الناس في باريس يتعرضون يوميا إلى مستويات عالية من أكسيد النيتروجين، وهو أسوأ الملوثات المحلية، وهو أعلى من الحدود التي وضعها الاتحاد الأوروبي".
وأضاف: "هذه مشكلة صحية عامة خطيرة، وهي السبب وراء الإجراءات القوية جدًّا التي نتخذها ضد أسباب التلوث، وفي باريس، فالسبب الرئيسي هو حركة المرور على الطرق".
وسيتم منع مرور السيارات في ٩ وجهات جديدة يوم الأحد المقبل، وأيام العطل الرسمية، ليصل عدد إغلاق الطرق بشكل دائم أو مؤقت إلى ٢٢ طريقًا.
وأثارت هذه القيود الجديدة انتقادات العديد من سائقي السيارات، الذين يشكون من أنها ستسبب في المزيد من الاختناقات المرورية.
وقال بيار شاسراي رئيس رابطة "٤٠ مليون سائق" إن هذه إجراءات حمقاء، وحظر سير السيارات على ضفاف نهر السين لا معنى له، وفي فصل الشتاء لن يكون أحد هناك".
ولفت إلى أن عمليات إغلاق الطرق تستهدف إرضاء السكان الأكثر ثراء في وسط المدينة، وهو ما يعد تمييزًا ضد الأشخاص ذوي الدخل المنخفض الذين يعيشون في ضواحي العاصمة.
وضمن أسباب تفاقم التلوث في العاصمة الفرنسية لأن فرنسا بها الكثير من السيارات التي تعمل بالديزل، متفوقة بذلك على كافة الدول الأوروبية.
وكانت فرنسا تشجع مواطنيها على شراء الديزل كبديل صديق للبيئة عن البترول.
وغيرت هذه السياسة بعد أن تبين أن الجسيمات الدقيقة وأكسيد النيتروجين المنبعثة من محركات الديزل يمكن أن تخترق بعمق الرئتين والدم، ويحتمل أن تسبب السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتم بالفعل حظر سيارات الديزل والشاحنات المصنوعة قبل عام ١٩٩٧ في باريس، وبحلول عام ٢٠٢٠ سوف يسمح بالعمل فقط بالسيارات المصنوعة في أو بعد عام ٢٠١١.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، عقدت العاصمة الفرنسية يوما كان الأول من نوعه تحت شعار "يوم دون سيارات"، وتم فيه حظر مرور المركبات في وسط المدينة، مما أسعد المشاة وراكبي الدراجات.
وهذا العام، وفي يوم ٢٥ سبتمبر/أيلول المقبل، تخطط السلطات إلى تمديد الحظر على السيارات والشاحنات لتغطية المدينة بأكملها.
ويسعى مسؤولو المدينة إلى ابتكار طرق لتشجيع المواطنين لإنهاء علاقتهم بالمركبات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود الأحفوري.
وأنفقت إضافة إلى ذلك السلطات نحو ١٥٠ مليون يورو (١١٧ مليون دولار) لجعل باريس بيئة صديقة بشكل أكبر باستخدام الدراجات.
aXA6IDEzLjU5LjEyNy42MyA=
جزيرة ام اند امز