تخشى أوساط سياسيّة مراقبة أن ينجح معطّلو انتخاب رئيس للجمهورية في فرض إجراء انتخابات نيابيّة قبل الرئاسيّة
بعدما وضع الرئيس نبيه بري النواب أمام خيارات صعبة وهي إمّا إنجاز قانون جديد للانتخابات النيابية، وإمّا إجراء الانتخابات المقبلة على أساس قانون الستين، وإمّا مواجهة فراغ تشريعي لأن لا تمديد جديداً لمجلس النواب، فأي من هذه الخيارات ستعتمد القوى السياسية الأساسية والنواب؟
تخشى أوساط سياسيّة مراقبة أن ينجح معطّلو انتخاب رئيس للجمهورية في فرض إجراء انتخابات نيابيّة قبل الرئاسيّة إذا استمر الشغور الرئاسي إلى أن يحين موعد إجراء هذه الانتخابات خلال ربيع 2017، وأن تستمر المماطلة في درس مشروع قانون جديد للانتخابات وإقراره فيفرض الأمر الواقع اجراءها على أساس قانون الستين وإنْ مرفوضاً.
إن الأسابيع القليلة المقبلة سوف تكشف حقيقة النيات حيال لبنان والى أين يذهبون به، وهل ثمة من يخطّط لاجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية ظناً منه أن الأكثرية التي يتألف منها مجلس النواب الحالي سوف تتغيّر وستأتي عندئذ بالرئيس الذي يريده المعطّلون، أم أن الانتخابات الرئاسية ستتقدّم الانتخابات النيابية لأن لا قانون للانتخاب يصير نافذاً من دون توقيع رئيس الجمهورية، ولا حكومة يمكن تشكيلها من دونه أيضاً. فهل يذهب المخطّطون لتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية الى حد تعطيل إجراء انتخابات نيابية عندما يحين موعدها إمّا لعدم الاتفاق على قانون جديد وإما رفضاً لاجرائها على أساس قانون الستين، فتكتمل عندئذ حلقة الفراغ الشامل الذي لا خروج منه إلا بعقد مؤتمر يعيد النظر في دستور الطائف تعديلاً أو تطويراً أو تحديثاً في ضوء التطوّرات المستجدّة؟
الواقع أن لبنان يمر بأخطر مرحلة في تاريخه إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت كي يتم تشكيل حكومة تشرف على انتخابات نيابية تجرى على أساس قانون عادل ومتوازن، ويتولّى مجلس النواب الجديد المنبثق منها اتخاذ القرارات التي تقضي بها مصلحة البلاد ولا سيما ما يتعلق بالدستور تحقيقاً للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الثابت والدائم واعتماد السياسة الخارجية التي تحقّق ذلك وهي سياسة تحييد لبنان عن صراعات المحاور الإقليمية والدولية.
أمّا إذا لم يتم التوصّل الى انتخاب رئيس للجمهورية ليفرض حلول موعد إجراء الانتخابات النيابية خلال ربيع السنة المقبلة أو قبله، سواء على أساس قانون جديد أو على أسس القانون الحالي، فإن أزمة حادة قد تواجه لبنان نتيجة انقسام اللبنانيّين وقادتهم بين من يرفض إجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية ومن يتذرّع بالأمر الواقع لاجرائها في موعدها، وإلاّ كان الفراغ المجلسي بعد الفراغ الرئاسي لأن التمديد مرّة أخرى لمجلس النواب مرفوض ولو لتفادي هذا الفراغ.
لذلك، فإن القادة في لبنان إذا لم يتفقوا على حل أزمة الانتخابات الرئاسية فانها ستولّد أزمات أكبر تضع لبنان على شيفر الهاوية، فلا بد عندئذ من الاستنجاد بأصدقاء لبنان وأشقائه لاخراجه من المأزق، وهذا يكون بحمل كل النواب على حضور جلسة انتخاب الرئيس لأن حضورهم واجب دستوري ووطني مقدّس وليس مزاجياً، وإلا تحمّلوا مسؤولية وضع لبنان على طريق المجهول، خصوصاً أنه لم يعد ثمة عذر لمعطّلي جلسات الانتخاب بعدما صارت الصورة واضحة وهي أنه بمجرد أن يحضر نواب "حزب الله" الجلسة ومعهم نواب "تكتل التغيير والإصلاح"، أو يحضر أحد نواب أحد الحزبين، يكتمل النصاب وينتخب رئيس للجمهورية. فالتغيير والاصلاح يبدأان بانتخابه ليعقب ذلك انتخابات نيابية على أساس قانون جديد يكون لرئيس الجمهورية رأي فيه توصلاً الى اعادة تكوين السلطة بمشاركة الجميع. أما استمرار تعطيل جلسات انتخاب الرئيس ليستمر الشغور الرئاسي الى أن يحين موعد الانتخابات النيابية ليصبح إجراؤها أمراً واقعاً يتقدّم انتخاب الرئيس، فإن هذا قد يكون مشروع خلاف جديد بين اللبنانيّين وقادتهم يدخل لبنان في الفراغ الشامل، فهل يعي القادة مسؤوليتهم حيال لبنان فيأتي الخلاص على أيديهم، أم على أيدي دول شقيقة وصديقة، خصوصاً مع عودة فرنسا الى التحرّك علَّ الخلاص يأتي على يدها فيكون لها الفضل وتثبت أنها أشد حرصاً وغيرة على لبنان من بعض قادته؟
*- نقلا عن صحيفة "النهار".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة