صراع في المغرب حول "عمالة الأطفال"
جدل أثارته الحكومة المغربية بتمرير قانون العمالة المنزلية الذي يفسح برأي منظمات حقوقية المجال أمام استغلال الأطفال.
فجرت مصادقة مجلس النواب المغربي بأغلبية الأصوات، على مشروع قانون يجيز تشغيل الأطفال البالغين 16 سنة في البيوت، موجة غضب في المجتمع المدني وجمعيات حماية الطفولة والمنظمات الحقوقية، التي استهجنت التشريع واتهمت حكومة العدالة والتنمية بالسعي لصرف الأطفال عن مكانهم الطبيعي في المدارس.
واعتبر نواب عن حزبي الاستقلال، والاتحاد الإشتراكي ومجموعة من الجمعيات الحقوقية، بأن تمرير القانون يعد اعتداء واغتصابا للطفولة المغربية، و"خرقا سافرا للدستور"، لتعارضه مع القوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة بحماية الأطفال، فضلا عن كونه يعاكس التزامات المغرب الدولية في هذا المجال ومرجعيات المجتمع الدولي.
وأصدرت بالمناسبة حركة اليقظة والمواطنة بيانا، اعتبرت فيه أن تمرير القانون يمثل خرقا لمبادئ حقوق الطفل وقواعد الحماية الاجتماعية، ويحرم هذه الشريحة "من حقوقها الأساسية في التمدرس والتربية والتنشئة الأسرية والاجتماعية".
أما رئيس جمعية منتدى الطفولة عبد العالي الرامي، فقد وصف المصادقة على مشروع القانون بأنها "جريمة وانتهاك لحقوق الطفل"، وأكد على أن النص القانوني يمهد "لتقنين الاتجار بالبشر وخرق مبادئ الدستور والمعاهدات الدولية لحقوق الطفل".
وقال رئيس جمعية الرسالة للتربية والتخييم، مصطفى الخير، في تصريحات صحفية، إن "مكان الأطفال هو المدرسة ودور الشباب من أجل تلقي التربية والتكوين وليس العمل خدما في البيوت".
وأعابت منظمات حقوقية مغربية على حكومة عبدالإله بن كيران، عدم استشارة الجمعيات الناشطة في مجال الطفولة قبل صياغة المشروع وإحالته على البرلمان، وعدت ذلك بمثابة إقصاء لجمعيات المجتمع المدني من حقها في إبداء الرأي حول مشروع قانون يهم في جانب منه الطفولة المغربية.
تشاطر هذا الرأي، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، لطيفة بوشوي، التي ذهبت حد التحذير من أن التشريع الجديد "سيزيد من المآسي الاجتماعية" مثل التحرش الجنسي وظاهرة الأمهات العازبات، لأن وضع الفتيات الخادمات في البيوت بيئة خصبة برأيها لتفاقم مثل هذه الظواهر.
ولم يخرج الائتلاف الجمعوي لحظر تشغيل الخادمات القاصرات، المكون من عدد من الجمعيات، عن مجمل هذه الآراء، فرأى أن تشغيل الفتيات القاصرات في البيوت يدخل ضمن الأعمال الشاقة المحظورة من طرف منظمة العمل الدولية.
وبالرغم من تأكيد الحكومة على أن القانون سيؤدي إلى تكريس علاقة شغل جديدة بين العاملات والعمال المنزليين ومشغليهم، بهدف الحد من الظواهر السلبية التي نجمت عن الفراغ التشريعي، فإن الجمعيات الحقوقية ومنها النسائية خاصة، اغتاضت كثيرا لعدم تدارك الحكومة ما أسمته "المنزلق الخطير" بالرفع على الأقل من السن الأدنى للتشغيل في البيوت إلى حد 18 سنة.
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg جزيرة ام اند امز