غزة.. عندما تتحول الميادين مكاناً للاحتجاجات
الغزيون يقصدون الميادين العامة للاحتجاج على أوضاعهم المعيشية التي يعانون منها جراء انتشار الفقر والبطالة الذي وصل لنسب ارتفاع قياسية.
أصبحت الميادين العامة في قطاع غزة، مكاناً مألوفاً يقصده الغزيون للاحتجاج على أوضاعهم المعيشية التي يعانون منها جراء الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع الساحلي، والذي دخل عامه العاشر على التوالي، إلى جانب الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني.
ويتخوف مراقبون من انفجار الوضع في قطاع غزة، الذي وصل لنسب قياسية في معدلات البطالة والفقر، إلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية، حيث لا يكل هؤلاء عن المطالبة بضرورة وضع حلول مبكرة ومناسبة للحد من ارتفاع معدلات البطالة والفقر تحسباً لأي تفجر للأوضاع التي تؤول للأسوأ من يوم إلى آخر.
ويعد ميدان الجندي المجهول وهو أكبر الميادين العامة في غزة، من أبرز الأماكن التي قد تجد فيها أناسا محتجين، يطالبون بتحسين أوضاعهم، فقد ترى الخريجين يطالبون بفرص عمل، وقد تجد عائلات كاملة لجأت لهذا الميدان لتطالب بأبسط حقوقها بتوفير ملجأ لها أو لقمة عيش تسد رمقها.
ومنذ نحو 20 يوماً بدأ عدد من الخريجين الجامعيين والعاطلين عن العمل إضرابا مفتوحا عن الطعام، مطالبين بتوفير فرص عمل لهم، حيث كان الخريج الجامعي سعيد لولو، أول من قام بذلك، تبعه العديد من الخريجين الذين رأوا في هذه الفكرة خطوة جيدة للالتفات لمطالبهم.
وانضم للخريج لولو، زملاء آخرون مثله، في اعتصامه وإضرابه عن الطعام، إلى جانب افتراشهم لردهات ميدان الجندي المجهول وسط مدينة غزة.
ونجح لولو وزملاؤه من الخريجين العاطلين عن العمل، في تحويل تواجدهم في الميدان، لمزار يقصده العديد من المسؤولين والشبان والأسر الذين جاءوا للتضامن معهم وتشجيعهم للمضي قدما نحو مطالبهم المشروعة.
ولفت المعتصمون من الخريجين الأنظار بسلمية احتجاجهم، حيث أشاد الجميع بحسهم الوطني، الأمر الذي جعل منهم ظاهرة تحظى بالاحترام والتقدير والاهتمام، والتأييد من كافة فئات الشعب الفلسطيني بغزة.
وبحسب إحصائيات فلسطينية ودولية متطابقة، فإن عدد الخريجين العاطلين عن العمل في فلسطين يبلغ نحو 357.300 شخص، من بينهم 201.900 فقط في قطاع غزة، في الوقت الذي يبلغ فيه عدد الخريجين في كافة الجامعات بغزة سنويا 20 ألفاً، يعمل منهم 12 % ويتعطل 88% منهم.
وامتدت فكرة اعتصام الخريجين في ميدان الجندي المجهول بغزة، لتصل ميدان النجمة وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث قامت مجموعة من الخريجين بالاعتصام هناك، والمطالبة بتوفير فرصة عمل لهم.
ولم يقتصر الاعتصام على الخريجين عن العمل، بل سارعت عائلة فلسطينية لاتخاذ ميدان الجندي المجهول، مكانا احتجاجيا لهم، حيث افترشوا ركنا من الميدان.
ويسعى رب العائلة، التي فقدت منزلها في الحرب الإسرائيلية التي ضربت غزة في العام 2014، من وراء الخطوة إلى إيجاد مسكن ملائم لهم يكون بديلا عن منزلهم الذي تم تدميره بشكل كامل.
وتحاول الأجهزة الأمنية في غزة، التي تسيطر عليها حركة حماس، باستمرار، العمل على فض هذه الاعتصامات بطرق مختلفة، قد تصل في بعضها لاعتقال المعتصمين، لكن ذلك لم يفت من عضد هؤلاء المعتصمين.
وأقدمت الأجهزة الأمنية على اعتقال عدد من المعتصمين، وقامت بتحويلهم للنيابة العامة، إلى جانب قيامها بمصادرة كافة مقتنياتهم من لافتات وغيرها كانوا يستخدمونها في الاعتصام المفتوح.
وتتذرع هذه الأجهزة في فضها لاعتصام الخريجين، أنهم يعملون على التشويش على المتنزهين الذين يقصدون الميدان الأشهر في قطاع غزة.