الانتحار بغزة.. شباب يهرع إلى الموت هربًا من الفقر والبطالة
حالات الانتحار تزايدت في قطاع غزة في الآونة الأخيرة خصوصاً بين الشبان، وهو ما يرجعه الخبراء إلى التدهور الاقتصادي الحاد
بين الحياة والموت يرقد الشاب رامز الشنا، في قسم العناية الفائقة في مجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة، بعدما أشعل النار في نفسه؛ في لحظة غضب من تردي الوضع الاقتصادي بعد مشادة مع شرطي حاول سحب سيارته لعدم امتلاكها أوراق الترخيص.
بصوت متهدج قال والد الشاب المصاب بحروق من الدرجة الثالث لبوابة "العين": "الحمد لله على كل حال.. وضعنا الاقتصادي صعب، لكن لم أتخيل أن يقدم على حرق نفسه.. لا بد أن الشرطي استفزه، حسبنا الله ونعم الوكيل".
يعمل الشنا على سيارة متهالكة موديل 1983، ولسوء الأوضاع الاقتصادية لم يتمكن من ترخيصها، لذلك لم يتحمل عندما أرادت الشرطة حجز السيارة الإثنين الماضي، فتناول قارورة بنزين وسكبه على نفسه أمام الشرطة وسط خان يونس، وأشعل النار ليصاب بحروق من الدرجة الثالثة.
يبكي الوالد الخمسيني ويبتهل إلى الله من أجل شفاء والده ويقول: "لدي 7 أبناء لا أحد يعمل.. كنت في السابق أعمل عامل بناء في إسرائيل ومنذ سنوات توقفنا عن العمل.. وحاليًا نعيش على الكوبونة من وكالة الأونروا".
ولفت إلى أن ابنه عصام ترك دراسته الجامعية ليعمل على السيارة القديمة ليساعد الأسرة، في حين لا يحصل في اليوم على أكثر من 20 شيكلًا (حوالي 5 دولارات) متسائلاً: "كيف سيرخص السيارة وهذا المبلغ لا يكفي لشيء".
ضغوط متعددة
الشنا نموذج لعشرات آلاف الشبان الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعانون من بطالة تصل لأكثر من 40 % وأوضاع اقتصادية متردية، فيما بدا أن أعدادًا متزايدة منهم باتت تُقْدِم على محاولة الانتحار هربًا من الواقع الصعب.
ويذهب أستاذ علم النفس في جامعات غزة، الدكتور درداح الشاعر إلى أنه لا يمكن اعتبار الانتحار ظاهرة في قطاع غزة، ورغم ذلك فإن الحالات المتزايدة مؤشر على الظروف الضاغطة في ظل الحصار والواقع المعاش.
وأوضح الشاعر أن الضغوط بأنماطها سياسية أو أمنية أو اجتماعية أو اقتصادية تتفكك معها شخصية الإنسان، فيعجز عن مواجهة المشكلات التي يعانيها، ما يدفع بعض هؤلاء للانتحار كأسلوب من أساليب الخلاص مما يعانيه من توتر وتأزم نفسي كبيرين.
وأكد أن دوافع الإقدام على الانتحار متعددة من أبرزها الدوافع الاقتصادية والعاطفية وضعف الوازع الديني والأخلاقي.
معطيات خطيرة
ووفق إحصائية خاصة حصلت عليها "بوابة العين"، تبين تسجيل ارتفاع كبير في حالات ومحاولات الانتحار منذ مطلع العام الجاري، مقارنة بالأعوام السابقة، حيث سجل خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري 6 حالات انتحار مقارنة بـ 9 حالات طوال عام 2015، فيما تبين أن 60 شخصًا قضوا انتحارًا منذ عام 2010، بينما خلال الفترة نفسها سجلت إصابة 90 بحالات خطيرة خلال محاولات انتحار، بينما سجلت 2643 محاولة نجم عنها إصابات خفيفة بينها 120 حالة منذ مطلع العام الجاري.
ويؤكد الخبير الاقتصادي ماهر الطباع أن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006، إضافة لتداعيات 3 حروب والانقسام خلف العديد من الأزمات متعددة الأوجه.
وقال الطباع لبوابة "العين"، بسبب ذلك نشهد ارتفاع معدلات البطالة الذي يصل لأكثر من 41 % ووسط الشبان ترتفع لأكثر من 51 % وارتفاع مستوى الفقر الذي يصل لأكثر من 65%.
وأشار إلى وجود أكثر من 200 ألف شخص متعطلون عن العمل، فيما ينضم سنويًّا إلى قوافل البطالة قرابة 20 ألف خريج.
ولفت إلى أن مليون شخص في القطاع يتلقون مساعدات إغاثية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وجهات محلية وعربية ودولية.
aXA6IDMuMTQ0LjQ1LjE4NyA= جزيرة ام اند امز