مسيحيو فلسطين بين "الهجرة" و"التهجير" بسبب الضغوط الإسرائيلية
مؤشرات عديدة تظهر تزايد هجرة وتهجير المسيحيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 جراء السياسات الإسرائيلية العدوانية
ينظر مسؤولان مسيحيان بخطورة إلى مؤشرات عديدة إلى هجرة وتهجير المسيحيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 جراء السياسات الإسرائيلية العدوانية.
ويؤكد الأب منويل مسلم، رئيس دائرة العالم المسيحي في منظمة التحرير الفلسطينية، لـ"بوابة العين"، أن المسيحين تعرضوا لنمطين هما الهجرة التي تأخذ الطابع الاختياري والتهجير القسري الإسرائيلي، لافتًا إلى أن النمط الأول له دوافع عديدة في مقدمتها السياسات الإسرائيلية التعسفية وحرب الإفقار والضغوط الاقتصادية التي يواجهونها.
الهجرة المتدحرجة
وأشار منويل مسلم إلى أن هجرة المسيحين بدأت كما المسلمين إبان النكبة، فهاجرت قرى بكاملة، ثم استمرت وتيرة الهجرة بشكل متدحرج، حتى انخفض عدد المسيحين في مدينة القدس من حوالي 25 ألف عام 1947 إلى قرابة 5 آلاف حاليًا.
وأكد تعدد أسباب هذه الهجرة المتدحرجة، من بينها الضغوط الاقتصادية، حيث تعرض المسيحيون إلى حرب إفقار وضغوط اقتصادية خاصة في القدس وبيت لحم وهي المناطق الأساسية لتمركزهم؛ الأمر الذي دفع الكثير منهم للبحث عن آفاق جديدة.
وأشار إلى التدهور الأمني وعمليات القتل التي تحدث ضد الفلسطينيين والإعدامات الميدانية وحرق الأطفال والبيوت وحرق الكنائس، مؤكدًا أن جميعها عوامل تؤدي بالشبان إلى البحث عن بدائل.
ولفت إلى أن القيود الموضوعة في فرص التعليم والعمل، أيضًا مثَّلت عوامل طاردة وبات من يهاجر يستقطب آخرين.
ويتركز التواجد المسيحي في فلسطين في مدن القدس ورام الله وبيت لحم في الضفة الغربية، إضافة إلى تجمعات أخرى في الأراضي المحتلة عام 1948، أبرزها الناصرة، فيما تعتبر أوروبا والولايات المتحدة الوجهة الرئيسية للمهاجرين والباحثين عن عمل.
انخفاض متزايد
من جانبه، أكد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الدكتور حنا عيسى، أن "المسيحيين الفلسطينيين يواجهون تحديات تسارع وتيرة الهجرة جراء إجراءات الاحتلال".
وقال عيسى، إن "الأحداث على أرض فلسطين تتسارع في سباق مع الزمن، حيث تسعى إسرائيل بكل أساليب الترهيب والترغيب لفرض أمر واقع جديد"، في اشارة واضحة من حكومة الاحتلال إلى حسم مسألة التوازن الديمغرافي لصالح تهويد المدينة المقدسة لطمس معالمها المسيحية والإسلامية وكل ما عليها.
وأكد عيسى أن أعداد المسيحيين بدأت تتراجع بشكل ملحوظ منذ النكبة عام 1948، حيث كانت نسبتهم آنذاك 8% من مجموع السكان، لافتًا إلى أن عدد المسيحيين في الأراضي المحتلة عام 1967 تناقص منذ عام 2000 بنسبة 50%، موضحًا أن عددهم كان يقدر عام 2000 بنحو 2% من عدد السكان، إلا أنه تراجع اليوم إلى نحو 1% فقط.
وقدر عيسى عدد المسيحيين الفلسطينيين اليوم بنحو 46 ألفًا في الأراضي المحتلة عام 1967، ونحو 110 آلاف في الأراضي المحتلة عام 1948، مشيرًا إلى أن عدد المسيحيين في القدس تراجع من 27 ألف نسمة عام 1947 إلى نحو 5 آلاف مسيحي اليوم.
هجرة عقول
وأشار أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية إلى وجود هجرة للعقول المسيحية إلى الدول الغربية، قائلًا: "إن الكثير من مسيحيي فلسطين هاجروا إلى الدول الغربية بشكل خاص والعربية بشكل عام".
وقال إن "المسيحيين الفلسطينيين يواجهون عدم إمكانية الوصول إلى المقدسات، ويعانون من الإجراءات التعسفية التي تمارس ضدهم من قبل دولة الاحتلال، وخاصة المواطنين المتواجدين في الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا إضافة لصعوبة إمكانيتهم من الوصول إلى داخل القدس والأراضي المحتلة بعدم إعطائهم تصاريح لزيارة المقدسات المسيحية والكنائس إن كان ذلك في الأعياد أو بالزيارة العادية، الأمر الذي يزيد من مطامع الإسرائيليين بها، ناهيك عن قيامهم بالتعرض لها من قبل قطعان المستوطنين، وبالتالي ينشأ جيل مسيحي بعيدًا عن كنائسه".
وأكد عيسى أن "تعثر عملية السلام في المنطقة أثر سلبًا على المسيحيين في فلسطين، وذلك لأنه شكل عقبة أمام تطور المجتمع الفلسطيني، وخاصة في عدم وجود سلام مبني على العدالة".
واعتبر أن سبل تعزيز تواجد الفلسطينيين المسيحيين بأراضيهم تتطلب تدعيم صمودهم وبقائهم ماديًّا ومعنويًّا.
وقال إنه "من السبل هو الحفاظ على الإرث المسيحي، من خلال تنظيم الزيارات الدورية للمقدسات المسيحية في البلاد، والعمل على توجيه دعوة للطوائف المسيحية كافة بالبلاد العربية بتكثيف زيارتهم إلى المقدسات المسيحية في فلسطين، والعمل على دعم الدور الثقافي والصحفي والفكري للمسيحيين".
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز