مصرفيون يطالبون الحكومة المصرية التعجيل بإصدار صندوق سياحي
طالب مصرفيون بتعجل الحكومة بإصدار صندوق سياحي للمساهمة في الشركات السياحية المتعثرة، لتخفيف الضغوط الملقاة على عاتق البنوك
تواجه السياحة المصرية تحديًا جديدًا بعد تحطم الطائرة المصرية أثناء رحلتها القادمة من باريس إلى القاهرة وعلى متنها 66 راكبا يضم طاقم الطائرة، وهو الأمر الذي دفع عددًا من المسؤولين بالبنوك وخبراء الاستثمار إلى مطالبة الحكومة باتخاذ خطوات سريعة لانقاذ الفنادق وشركات السياحة قبل أن تتعرض لمزيد من التعثر في مواجهة التزاماتها.
ويأتي في مقدمة المطالب التعجيل بتأسيس صندوق استثمار حكومي يحصل على حصص مساهمة بالشركات والفنادق التي تتعرض لتعثر، وفي المقابل توفر تمويلا لهذه الشركات لتغطية نفقاتها وتقليل المديونيات، خاصةً في ظل صعوبة حصولها على قروض مصرفية الآن نظرًا لرفض البنوك تمويل الشركات العاملة بقطاع السياحة.
واعتبر مسئولون مصرفيون أن القرارات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي لمساندة قطاع السياحة والعاملين به تعد خطوات إيجابية ولكنها غير كافية لإخراج القطاع من عثرته.
وقد أصدر البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي قراراً بمد أجل سداد القروض التي حصل عليها العاملون بقطاع السياحة لأغراض استهلاكية وعقارية لمدة 6 أشهر حتى ديسمبر كانون الأول المقبل بدلاً من يونيو حزيران المقبل دون حساب غرامات تأخير.
ويأتي ذلك بعد أن أصدر البنك المركزي قراراً آخر يقضي بترحيل جميع الاستحقاقات على القروض والتسهيلات التي حصلت الفنادق والشركات بقطاع السياحة منذ مارس 2013 لمدة 3 سنوات.
من جانبه، قال ماجد فهمي رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى إن حجم الأزمات التي يشهدها المستثمرون والعاملون بالقطاع السياحي اشتدت بعد سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ في أكتوبر تشرين الأول الماضي ثم سقوط الطائرة المصرية نهاية الأسبوع الماضي، ولن يستطيع القطاع مقاومة الضغوط بمفرده.
وأضاف أن القطاع الوحيد الذي يقف بجوار قطاع السياحة في مواجهة محنته الحالية هو القطاع المصرفي عبر الالتزام بتعليمات البنك المركزي بتمديد أجل سداد القروض لكلٍّ من العاملين والشركات دون احتساب غرامات تأخير، ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزي بتمديد فترة قروض القطاع السياحي عند انتهاء الفترة الحالية خاصةً بالنسبة للعاملين في السياحة.
وكان يصل عدد العاملين بالسياحة قبل ثورة 25 يناير كانون الثاني 2015 نحو 4 ملايين عامل بحسب بيانات اتحاد الغرف السياحية في مارس آذار 2016، وانخفض حجم العمالة إلى مليوني عامل بسبب سوء أحوال القطاع وتدنى مستوى الأجور.
وأوضح رئيس بنك التنمية الصناعية أنه من الصعب تحمل البنوك تأجيل القروض لفترات إضافية لأنها في النهاية أموال المودعين، وعلى البنك توليد إيرادات لسداد عائد الودائع، ومن هنا على الحكومة البحث عن مبادرات أخرى لمساندة القطاع السياحي.
وطالب فهمي بالتعجيل بتأسيس صندوق استثمار يوفر تمويلا لشركات القطاع السياحي مقابل الحصول على حصص مساهمة بها لإنقاذها من التعثر مجددًا، خاصة أن البنوك ترفض إقراضها في ظل التحديات التي تواجه القطاع وتراكم المديونيات على العديد من الشركات السياحية.
وقد شهدت إيرادات السياحة تراجعًا دراماتيكيًا إذ سجلت 500 مليون دولار فقط فى الربع الأول من 2016 مقارنة بنحو 1.5 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، مصحوبا بانخفاض عدد السائحين من 2.2 مليون إلى 1.2 مليون سائح خلال فترة المقارنة.
ويأتي هذا في الوقت الذي أعلن فيه وزير السياحة المصرى يحيى راشد عن عدم تخلي البلاد عن مخطط جذب 10 ملايين زائر للبلاد خلال عام 2017، بعائدات متوقع وصولها إلى 12 مليار دولار أمريكي، وذلك على خلفية سقوط طائرة مصر للطيران في البحر المتوسط.
واتفق مع الرأي السابق محمد فاروق وكيل بنك الاستثمار القومي إذ طالب بتدخل الحكومة في مساندة الشركات السياحية ضد عثرتها المالية، وليس الاعتماد على البنوك فقط عبر تأجيل سداد مستحقاتها نظرًا لأن البنوك لن تستطع مواصلة تقديم الاستثناء لفترات إضافية أخرى.
وأوضح أنه ينبغي أن تلعب الحكومة دور المساهم في الشركات المتعثرة حتى تخفف من عليها الأعباء المالية من جانب، وضمان استمرار التشغيل من جانب آخر في ظل اضطرار عدد من الشركات عن التوقف.
كما دعا فاروق إلى إعادة النظر في الالتزامات الحكومية المتأخرة على الشركات السياحية مثل التأمينات والضرائب حتى تستطيع مواصلة عمليات التشغيل.
وقد أوصت لجنة حكومية منبثقة عن لجنة التواصل مع المستثمرين التي يرأسها رئيس مجلس الوزراء، بوقف إجراءات مقاضاة الشركات العاملة في قطاع السياحة، ومنح كافة التسهيلات المرتبطة بالمديونيات الحكومية؛ ومد المهلة الخاصة بإنهاء المشروعات السياحية التى تعثرت نتيجة لظروف السنوات الأربعة الماضية، إضافة لإعادة جدولة المستحقات وإلغاء الغرامات.
وعلى صعيد كفاءة المبادرات الحكومية لمساندة القطاع السياحي، قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة إن الحكومة تسعى بالفعل لإطلاق صندوق سياحي للاستثمار في الشركات التي توقفت عن استكمال مشروعاتها أو تعثرت، ولكن هذه المبادرة غير كافية.
وأكد أن السياسات المتبعة بالقطاع السياحي بأكمله في حاجة إلى إعادة النظر وتحديدًا على صعيد برامج الترويج والتنشيط، بعد تدني الإيرادات في الربع الأول إلى 500 مليون دولار، نظرًا لأن استمرار الوضع بهذه الصور سيؤدي إلى إغلاق دفعة جديدة من الشركات السياحية.