ستبقى باريس للأسبوع الثالث على التوالي في عين الحدث وعاصمة للعالم، حيث تنشغل منذ مطلع هذا الأسبوع، بـ(قمة) الأرض حول التغيرات المناخية
ستبقى باريس للأسبوع الثالث على التوالي في عين الحدث وعاصمة للعالم، حيث تنشغل منذ مطلع هذا الأسبوع، بـ (قمة) الأرض حول التغيرات المناخية، بعدما انشغلت في الأسبوعين الماضيين، بـ (قاع) الأرض نتيجة الاعتداءات الإرهابية التي أظلمت عاصمة النور.
اعتسف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في خطابه الافتتاحي للقمة، الربط بين خطر التغيرات المناخية وخطر الإرهاب، وسأشاركه الاعتساف، لأقول، إن قمة الأرض لن تنجح ما دام أننا لم نصلح بعد القاع الموبوء فيها!
تعقد القمة في حضور قرابة ١٥٠ رئيس دولة و٢٠ ألف مشارك حكومي أو ممثل للمجتمع المدني و٣ آلاف إعلامي، وسيحرس هذه القمة، التي تنعقد في توقيت باريسي حساس، قرابة ١٠ آلاف شرطي مدجّج بالسلاح والقنابل المسيلة للدموع... دموع الأرض!
المفارقة التي تداولها كثير من المؤسسات المتعاطفة مع الأرض، أن القادة الذين يحضرون قمم الأرض المناخية المتوالية منذ قمة ريو دي جانيرو في العام ١٩٩٢، هم زعماء الدول الأكثر مسؤولية عن التلوث والتغير المناخي في هذا الكون، وأن اتفاق كيوتو، الذي هو العلامة الفارقة في حديث المناخ، لم تصادق عليه الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الصناعية الكبرى، ولا نية لديها للمصادقة كما أكدت ذلك مراراً.
تنطلق قمة باريس وسط «قلق» السيد بان كي مون، من عدم تحقيق القمم المماثلة السابقة أي تقدّم حقيقي محرز في مجال اختصاصات هذا البرنامج الدولي، ذي الأهمية والحفاوة البالغين.
باتت قمم الأرض تنعقد الواحدة تلو الأخرى بوصفها جزءاً من المشهد الحضاري الذي يؤديه الإنسان المتوحّش بكل إتقان.
وإذ تتمنّع الدول الصناعية عن التضحية بأي هامش ربحي تجنيه من صناعاتها السلمية وغير السلمية، مقابل خفض مستوى التلوث المؤثر في جودة المناخ، فإن القمم تصبح بلا جدوى، بل ربما زادت التلوث بسبب حشود الوفود والوقود والصوت والورق، وهذه كلّها من مصادر التلوث المتزايد.
قمة المناخ تتحدث فقط عن تكلفة الصناعات السلمية على حياة الكائنات الحية، لكنها للأسف لا تتحدث عن تكلفة الصناعات الحربية على حياة البشر.
كما تسعى قمة المناخ إلى تحقيق الهدف المنشود بخفض حرارة الأرض درجتين مئويتين، كما كانت قبل الثورة الصناعية، لكنها لا تسعى إلى خفض نسبة الفقر التي تزداد منذ بدء الثورة الصناعية وحتى انطلاق الثورة الرقمية.
تبدو قمة الأرض، من خلال أجندتها الفاخرة، أنها قلقة على حرارة ورفاهية مائة أو مائتين أو ثلاثمائة مليون نسمة في هذا الكون، أما بقية السبعة بلايين إنسان، الذين يجلسون خلف عوادم المركبات الفارهة والمصانع المدرَّة، فهم غير مدعوين إلى حضور القمة أو حتى للانشغال بها.
يا أهل القمة: النوايا الحسنة لا تكفي لإنقاذ الأرض من الأفعال السيئة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة