من الاقتحام للانسحاب.. كل ما تريد معرفته عن «انقلاب بوليفيا»
ساعات ثقال مرت على بوليفيا، على وقع محاولة انقلاب عسكري «فاشلة»، هددت بتقويض الديمقراطية في الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.
بوليفيا التي شهدت خلال السنوات الأخيرة عدة فترات من عدم الاستقرار السياسي، مرت، الخميس، باختبار آخر تعرض له الرئيس اليساري لويس آرسي الذي واجه محاولة للإطاحة به لكنها فشلت.. فماذا حدث وكيف انتهت محاولة الانقلاب؟
إرهاصات الانقلاب
إرهاصات محاولة الانقلاب بدأت بانتشار شائعات منذ، مساء الثلاثاء، مفادها أن الرئيس سيقيل قائد الجيش الجنرال خوان خوسيه زونيغا الذي يشغل المنصب منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وكان المسؤول العسكري ظهر على شاشة التلفزيون، الإثنين، وقال إنه سيعتقل إيفو موراليس – أول رئيس من السكان الأصليين لبوليفيا – إذا أصر على الترشح لمنصب الرئاسة مرة أخرى في عام 2025 على الرغم من استبعاده من القيام بذلك.
وكان موراليس يتمتع بشعبية كبيرة حتى حاول تجاوز الدستور والسعي لولاية رابعة في منصبه في عام 2019.
وفاز الزعيم اليساري السابق بهذا التصويت لكنه اضطر إلى الاستقالة وسط احتجاجات دامية بسبب التزوير المزعوم للانتخابات، وفر من البلاد.
وعاد بعد فوز لويس آرسي بالرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وفي يناير/كانون الثاني، أقام أنصار موراليس حواجز على الطرق على مدى أيام احتجاجا على استبعاده.
وحذّر الرئيس السابق، في منشور على منصة إكس من أنّ "انقلاباً يجري الإعداد له"، متّهماً قائد الجيش الجنرال خوان خوسيه زونيغا بـ"قيادة" حركة التمرد هذه.
وكان في السابق حليفاً وثيقاً لآرسي وبات اليوم أكبر خصم سياسي له في إطار حملة الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.
التحرك للانقلاب
وعبر مجموعة من الدبابات والجنود، تحرك الجنرال خوان خوسيه زونيجا قائد الجيش، حتى وصل إلى ساحة موريلو، وهي ساحة تاريخية حيث يقع مقر الرئاسة والبرلمان في لاباز.
وقبل الشروع بالتحرك نحو القصر، قال زونيغا لمحطة تلفزيون محلية: "لقد جاء قادة القوات المسلحة للتعبير عن السخط. ستكون هناك حكومة جديدة، ومن المؤكد أن الأمور ستتغير، بلادنا لا يمكن أن تستمر على هذا النحو بعد الآن".
وأضاف وهو يرتدي الزي العسكري الكامل ويحيط به جنود: "أوقفوا التدمير، توقفوا عن إفقار بلدنا، توقفوا عن إذلال جيشنا"، مشددا على أن "الإجراء الذي يتم اتخاذه يحظى بدعم الجمهور".
وتابع الجنرال زونيغا: "سنطلق سراح المعتقلين السياسيين بما في ذلك الرئيسة الانتقالية السابقة آنييز".
وأكد أن "القوات المسلحة تعتزم إعادة هيكلة الديمقراطية، لجعلها ديمقراطية حقيقية، وليس ديمقراطية يديرها نفس العدد من الأشخاص لمدة 30 أو 40 عاما".
محاصرة القصر
وعقب الإدلاء بالتصريحات للصحفيين في الساحة تحرك رفقة 8 دبابات وجنود نحو قصر الرئاسة، حيث حاصره هو وعدة مبان حكومية، وحاولت دبابة كسر بوابته.
واقتحم رفقة عدد من جنود مدخل القصر، محاولا دخوله واعتقال الرئيس.
هجمة مرتدة
وهنا تحرك الرئيس لويس آرسي، وكشف عن محاولة انقلاب عليه، قائلا: "البلاد تواجه انقلابا عسكريًا".
وحث آرسي "الشعب البوليفي على التنظيم والتعبئة ضد الانقلاب لصالح الديمقراطية"، في رسالة متلفزة إلى الأمة، وهو يقف بين وزرائه داخل القصر الرئاسي.
وقال آرسي في رسالته: "نحتاج من الشعب البوليفي تنظيم نفسه والتعبئة ضد الانقلاب ولصالح الديمقراطية"، مضيفاً: "لا يمكننا أن نسمح لمحاولات الانقلاب أن تودي بحياة البوليفيين مرة أخرى".
وعلى إثر ذلك، أقال الرئيس الجنرال زونيغا، وعين قائدا جديدا للجيش، وأدى رفقة قادة آخرين اليمين الدستورية أمام الرئيس.
وأدى خوسيه ويلسون سانتشيث اليمين قائدا للجيش، وهو المنصب الذي كان يشغله سونيغا، ودعا إلى التزام الهدوء واستعادة النظام.
وقال سانتشيث: "آمر بعودة جميع الأفراد الذين تمت تعبئتهم في الشوارع إلى وحداتهم. ونأمل ألا تراق دماء جنودنا"
الانسحاب و«التوقيف»
ولم تكد تمر دقائق، حتى انسحب الجنود البوليفيون من مواقعهم خارج المباني الحكومية والقصر الرئاسي حيث تجمعوا بالدبابات.
وغادرت القوات، بقيادة قائد الجيش خوان خوسيه زونيغا، الساحة القريبة من القصر الرئاسي.
وأدانت المحكمة العليا ما اعتبرته هجوما على الاستقرار الديمقراطي في البلاد.
وأمر مكتب المدعي العام في بوليفيا بفتح تحقيق جنائي ضد الجنرال زونيغا بعد محاولة الانقلاب.
وعقب الانسحاب ألقت السلطات البوليفية القبض على الجنرال زونيغا، ولم تتضح بعد الجهة التي سيتم نقله إليها.
وأظهر مقطع فيديو عناصر من الشرطة وهم يقبضون على الجنرال زونيغا بينما كان يتحدث إلى الصحفيين أمام ثكنة عسكرية ويجبرونه على ركوب سيارة الأمن.
وخاطبه وزير الداخلية جوني أغيليرا قائلاً له: "أنت رهن التوقيف أيها الجنرال".
إدانات دولية
وحظيت محاولة الانقلاب بإدانات دولية، بينهما رئيس باراغوي سانتياغو بينا الذي أدان عبر منصة "إكس" المحاولة قائلاً إنّ "باراغوي تدين التعبئة غير النظامية للجيش التي ندد بها الرئيس البوليفي".
بدورها، أدانت الخارجية البرازيلية، محاولة الانقلاب الجارية في بوليفيا، مؤكدة أنها تشكل "تهديدًا واضحًا للديمقراطية".
من جانبه، أدان رئيس باراغوي سانتياغو بينا عبر منصة "إكس" محاولة الانقلاب قائلاً إنّ "باراغوي تدين التعبئة غير النظامية للجيش البوليفي التي ندد بها الرئيس البوليفي".
وأضاف: "نوجّه نداء قوياً لاحترام الديمقراطية وسيادة القانون".
كذلك أدان الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، محاولة الانقلاب، قائلا: "على الرئيس البوليفي استدعاء الشعب، الشعب وحده هو الذي ينقذ الناس، وينقذ الديمقراطية".
فيما وصف الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل محاولة الانقلاب بـ"انتهاك تتعرض له الديمقراطية والشعب البوليفي، وأنها أمر شائن".
وشجب محاولة الانقلاب الجارية، معرباً عن تضامن كوبا حكومة وشعباً.
فيما أدان الرئيس التشيلي غابرييل بوريك، محاولة الانقلاب معربا عن قلقه إزاء الوضع في بوليفيا، ومؤكدا دعمه للديمقراطية ولحكومة آرسي الشرعية.
وأدان الرئيس التشيلي بشدة استخدام القوة غير المقبول من جانب قطاع من الجيش البوليفي.
وقال: "لا يمكننا أن نتسامح مع أي انتهاك للنظام الدستوري الشرعي في بوليفيا أو في أي مكان آخر".
أما رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، فقد أكد بدوره، أنّ بلاده تدين بشدة التحركات العسكرية في بوليفيا، معلناً دعمه وتضامنه مع الحكومة البوليفية وشعبها.
ومن أوروغواي أدان الرئيس لويس لاكال بو بشدة الأحداث التي تجري في بوليفيا مؤكدا أنها تهدد نظامها الديمقراطي والدستوري، مضيفا: "نعرب عن تضامننا مع الحكومة الشرعية لرئيس بوليفيا".
ومن جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنّ "الاتحاد الأوروبي يدين أي محاولة لتعطيل النظام الدستوري في بوليفيا، والإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً"، معبرا عن "تضامنه مع الحكومة والشعب البوليفيين".
وأعلن البيت الأبيض أنّه يتابع "عن كثب" الوضع في بوليفيا، وقال متحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إنّ "الولايات المتحدة تتابع الوضع في بوليفيا من كثب وتدعو إلى الهدوء".
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg جزيرة ام اند امز