الصيام يساعد على تجدد الخلايا وتنقية الجسم من السموم، كما يعمل على مكافحة عدد كبير من الأمراض والوقاية منها، بحسب الدراسات العلمية
لخص الرسول الكريم فوائد الصيام بقوله، صلى الله عليه وسلم: "صوموا تصحوا".. ويؤكد العلم أيضًا أن الامتناع عن الطعام والشراب لفترات محددة له مميزات صحية كبيرة، على رأسها تعزيز النظام المناعي للجسم، ومنحه الفرصة لممارسة مهامه بشكل أفضل، وتخفيف الأعباء عن أجهزة الجسد التي يرهقها الطعام الزائد.
فمع صيام شهر رمضان المبارك، تتجدد الخلايا وتبدأ بطرد السموم المتراكمة طيلة العام، مما يمنح الفرد مزيدًا من الطاقة والصحة والراحة النفسية أيضًا.
الصيام وسيلة علاجية منذ قديم الأزل
وعُرف الصيام منذ آلاف السنين عند معظم شعوب العالم، وكان دائمًا الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير من الأمراض.. وبامتناع الصائم عن الطعام، يبدأ الجسم في البحث عن مصدر آخر للطاقة، فيتجه للتغذي على سكر الدم (الجلوكوز)، وعندما ينتهي من ذلك، يبدأ في استهلاك الجلوكوز المخزن في جزيئات معقدة تُدعى الجليكوجين، وبعدها يتحول الجسم إلى استهلاك الدهون المخزنة في الجسم للحصول على الطاقة، وخلال تلك العمليات، يتخلص الجسم من السموم ويجدد الأنسجة التالفة.
الصوم يلعب دورًا أساسيًا في علاج أمراض القلب والأوعية الدموية
وفي حين تعد أمراض القلب والأوعية الدموية أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، نجد أن للصيام دورًا أساسيًا في تجنب هذه الأمراض، وذلك بحسب ما أظهره البحث العلمي.
ومن أهم أسباب الإصابة بأمراض القلب المرتبطة بزيادة معدل حدوث تصلب الشرايين، هو اختلال نسبة الدهون في الدم، وارتفاع ضغطه، وتغير عوامل تخثره وأيضًا التدخين، وقد أجريت دراسة علمية حديثة لتوضيح مدى العلاقة بين صيام رمضان وتلافي الإصابة بأمراض القلب، وذلك على عينة من المرضى المصابين على الأقل بواحد من أمراض القلب والأوعية الدموية من كلا الجنسين، وتم إجراء مقارنة بدراسة هذه الأمراض قبل شهر رمضان وبعد انتهائه، لقياس تأثير الصيام على المرضى.
وأظهرت النتائج، التي نشرت في "مجلة التغذية" البريطانية عام 2015، تحسنًا ملحوظًا في الحالات المصابة بأمراض الشريان التاجي بعد الصيام، علاوة على تحسن ملحوظ في عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل الوزن وكتلة الجسم، ولاحظ الباحثون أن هناك انخفاضًا حدث في نسبة الدهون الثلاثية والكولسترول، بالإضافة لتحسن في قراءة ضغط الدم بعد شهر رمضان بالمقارنة مع القراءات المأخوذة قبل الشهر الكريم، وتوصلت الدراسة إلى أن صيام شهر رمضان من أفضل الحلول لتحسين حالة مرضى القلب والأوعية الدموية.
وأوضح الباحثون أيضًا أنه أثناء استهلاك الجسم للمواد المتراكمة فيه خلال فترة الصيام، فإن من بين هذه المواد تكون الدهون الملتصقة بجدران الأوعية الدموية، ويؤدي ذلك إلى إذابتها تمامًا، وبالتالي زيادة تدفق الدم خلال هذه الأوعية وزيادة نسبة الأكسجين والغذاء الواصل إلى الخلايا عبر الدم، مما يزيد من حيوية وكفاءة عمل الخلايا، لذلك نرى أن الشخص الذي يحافظ على الصيام تقل إصابته بمرض تصلب الشرايين وتتأخر عنده علامات الشيخوخة.
الصيام يجدد الخلايا وينقي الجسم
ويؤدي الصيام أيضًا إلى تحلل الخلايا التالفة واستبدالها بخلايا جديدة ونشطة، مما يرفع كفاءة وظائف الجسم المختلفة، لذلك يشعر الإنسان بعد انتهاء شهر الصوم بنقاء جسمه وزيادة طاقته وصفاء نفسه.
فوائده للجهاز الهضمي وعلاج داء السكري
ويحقق الصيام أيضًا فائدة كبيرة للجهاز الهضمي، ففي العادة يضخ القلب الدم إلى مختلف أعضاء الجسم، ويستفيد الجهاز الهضمي من 10% من هذه الكمية، لكن أثناء الصوم يرتاح الجهاز الهضمي ويتوقف القلب عن ضخ هذه الكمية، مما يساعد بعض مرضى الجهاز الهضمي والقلب والذبحة الصدرية، الذين يصومون، على تحسن حالتهم الصحية.
وأظهرت دراسة حديثة نشرت في "المجلة الأمريكية لعلم التغذية السريري" أن الصوم المتقطع، المشابه للصوم عند المسلمين، مهم جدًاً لعلاج بعض الأمراض المزمنة، مثل داء السكري، كما كشفت دراسة أعدها خبراء تغذية، ونشرتها "الدورية البريطانية للتغذية" العام الماضي، والتي أجريت على عدد من الصائمين في شهر رمضان، عن أن تغيير مواعيد الوجبات، وخفض عددها إلى 2 فقط في رمضان، ساعد على زيادة استجابة الجسم لهرمون "الإنسولين"، وذلك بالنسبة للأفراد الذين يمتلكون عوامل الإصابة بداء السكري.
الصيام يكافح السرطان
ويساعد الصيام أيضًا على الحد من احتمال حدوث الأورام السرطانية، إذ أظهرت دراسة أعدها باحثون بجامعة "غرونوبل" الفرنسية دور الصيام المتقطع في خفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريبًا، وذلك بعد إجراء تجارب على الثدييات، كما أظهرت دراسات أخرى أن الصوم المتقطع يرفع من معدل نجاة الأفراد الذين يعانون من إصابات في نسيج الكبد والتي تمتلك قابلية للتحول إلى أورام في المستقبل، وفقًا لما أوردته مجلة "رجيم" المتخصصة في شؤون التغذية الصحية.
ويؤكد العلماء أن الصوم المنتظم، المصحوب بإتباع نظام غذائي صحي مع الإقلال من تناول الملح والوجبات السريعة، يمكن أن يجعل عمل الخلايا أكثر انتظامًا، ويمنع تحولها إلى خلايا سرطانية، وبالتالي يقي من هذا المرض الخبيث.
وأفاد باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا ومعهد "يو إس سي ديفيس" لعلم الشيخوخة، في دراسة نشرت عام 2014، بأن الصيام من يومين إلى 4 أيام متتاليين يمكنه أن يسبب انخفاضًا في خلايا الدم البيضاء، مما يعني أن الصيام يقتل الخلايا المناعية القديمة والتالفة، وعندها ينشط الجسم ويستخدم الخلايا الجذعية لخلق الخلايا الجديدة السليمة.
كما ذكرت الدراسة أن الصيام لفترات طويلة يخفض من مستويات IGF-1، وهو هرمون مرتبط بالشيخوخة، وتطور الأورام والقابلية للإصابة بالسرطان، وأوضحت الدراسة فائدة إضافية أيضًا للصوم، وهو أنه يخفف من بعض الآثار الضارة للعلاج الكيميائي على الجهاز المناعي بالجسم.
الحد من الطعام والشراب يقي من الزهايمر والشلل الرعاش
ونشر علماء بالمعهد الوطني للشيخوخة، الأمريكي، عام 2012، العديد من الأوراق البحثية التي تناقش فائدة الصيام لمرتين في الأسبوع للتقليل من خطر الإصابة بمرضي الشلل الرعاش والزهايمر.
الصيام كعلاج للسمنة
ويعد الامتناع عن الطعام أسهل وأرخص وسيلة لعلاج البدانة، إذ أشار كتاب "نظام الصوم"، الذي ألّفه كل من الطبيبين البريطانيين مايكل موسلي وميمي سبنسر، إلى أن الصيام المتقطع يساعد في إنقاص الوزن بشكل أسرع من النظم الغذائية الأخرى، كما أوضحا أن الصوم يحسن التعلم والذاكرة من خلال تحفيز خلايا دماغية هي المسؤولة عن كفاءة الذاكرة، وأكدا أيضًا أن الصيام يُحسن الحالة المزاجية، وذلك عبر زيادة معدلات بروتين يسمى عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ "BDNF"، وفقًا لما أورده موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي.
الصوم "عملية" لعلاج الأمراض "دون جراحة"
ولفت الدكتور زغلول النجار، الداعية الإسلامي والباحث في مجال الإعجاز العلمي في النصوص المقدسة الإسلامية، في موقعه الإلكتروني، إلى أن دراسة نرويجية أوضحت أن الصوم يعد علاجًا ناجعًا لالتهاب المفاصل، بشرط أن يستمر الصوم لمدة 4 أسابيع، وهي المدة التي تتوافق مع عدد أيام الشهر الكريم.
وأوضح الدكتور النجار أن الدراسات الحديثة، التي شملت عشرات الآلاف من المرضى وأجريت في بلاد غير إسلامية، أثبتت أيضًا أن للصوم فوائد علاجية أخرى، إذ أنه يساعد بشكل فعال في شفاء العديد من الأمراض، من بينها ضغط الدم العالي، والربو وأمراض الجهاز التنفسي، والكبد، والجلد، وخاصة الحساسية والاكزيما المزمنة، كما أن الصوم يعتبر السلاح رقم واحد في الطب الوقائي، وفقًا لمقال للنجار بعنوان "الصوم.. عملية بدون جراحة".
ومع فوائد الصيام الصحية الجمة، يُفضل أيضًا أن يستشير أصحاب الحالات الصحية الصعبة أو الأمراض المزمنة الطبيب قبل الصيام، لتحديد الخطة العلاجية المناسبة.
aXA6IDE4LjExOS4xMDcuMTU5IA== جزيرة ام اند امز