لا شك أن ديننا هو دين الرحمة والتسامح والعفو والصفح وقد علّمنا القرآن الكريم ودعانا إلى أن نصفح الصفح الجميل
لا شك أن ديننا هو دين الرحمة, والتسامح, والعفو , والصفح, والحلم, ومكارم الأخلاق, وقد علّمنا القرآن الكريم ودعانا إلى أن نصفح الصفح الجميل, فقال سبحانه مخاطبًا نبينا صلى الله عليه وسلم:» فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ» (الحجر: 85), وهو الصفح الذى لا منّ ولا عتاب ولا تأنيب معه. ويقول عز وجل:» خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ « (الأعراف : 199), ويقول سبحانه:» وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا» (الفرقان : 63 , 64), ويقول سبحانه:» وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (النور : 22), وفى الحديث النبوى الشريف:» يَنْزِلُ رَبُّنَا عز وجل إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فينادى هل من مستغفر فأغفر له, هل من تائب فأتوب عليه, فَيَغْفِرُ لأَهْلِ الأَرْضِ إِلا مُشْرِكًا أَوْ مُشَاحِنًا».
وقد كان من عاداتنا وأعرافنا الجميلة أنه إذا جاء رمضان تصالح المتخاصمون, وتزاور الناس وتواصلوا, وأدركوا بل أيقنوا أنه لا مجال للخصام أو الشقاق فى هذا الشهر الكريم, وإذا كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول:» لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمُ الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلامِ», فإن الناس يدركون أن صيامهم لا يمكن أن يكون تامًا كاملاً مع وجود الشحناء أو البغضاء فيما بينهم, ومن ثمة كانوا بفطرتهم يحرصون كل الحرص على إنهاء أى خصومات أو شحناء قبل رمضان, وقبل السفر إلى الحج, ويعدون ذلك من لوازم القبول, ولم يكن الأمر يقف عند هذا الحد, إنما كان يتجاوزه إلى التزاور والتزاور المتبادل فى ساحات كرم ومآدب إفطار وسحور هذا الشهر فى أجواء عائلية وإنسانية, لا تهدف إلا إلى تعميق أواصر الرحمة والمودة بين الأهل والجيران والأصدقاء فى أريحية مصرية تستحق التشجيع والتقدير. ورمضان شهر اتساع الأخلاق والنفوس لا ضيقها, يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: « فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنى امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لقى رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ», أى فليتحصن بصيامه وليحافظ عليه، وألا ينساق إلى ما يتعرض له من استفزاز، فما أحوجنا فى هذا الشهر الكريم إلى مراجعة النفس، إلى التسامح والتصالح مع أنفسنا، مع أهلينا، مع أزواجنا، مع أبنائنا، مع أشقائنا وشقيقاتنا، مع أعمامنا وعماتنا، وبنى أعمامنا، وبنى عماتنا، وأخوالنا وخالاتنا، وبنى أخوالنا, وبنى خالاتنا، وجيراننا, وأصدقائنا، وزملائنا, وسائر المتعاملين معنا, لنفوز ونسعد فى عاجلنا وآجلنا بإذن الله تعالى.
نقلاً عن صحيفة "الأهرام" المصرية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة