ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.. ثلاثي منقسم يسعى لإنقاذ أوروبا
الدول الثلاثة تمتلك رؤى مختلفة لما يجب أن تكون عليه أوروبا وغير منسجمة لدرجة أنه من الصعب إيجاد أرضية مشتركة بينها
سلط مقال لثلاث كتاب من برلين وباريس وبروكسل الضوء على اليومين الماضيين لتوضيح عدم استعداد قادة أوروبا لنتائج الاستفتاء البريطاني الذي انتهى باختيار خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
قال الكتاب ماثيو كارنيتشينج، ونيكولاس فينوكر، وجاكوبو باريجازي، إن قادة أوروبا الفعليين لم يهرعوا إلى الطائرة متجهين إلى بروكسل أو باريس لإجراء مباحثات رفيعة المستوى بشأن خطة الاتحاد للطوارئ، تلك الخطة التي لا وجود لها في الأساس.
وفي مقالهم الذي نشرته مجلة "بوليتكيو" الأمريكية على موقعها الإلكتروني، أشار الكتّاب إلى بقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بلادها، حيث التقت يوم السبت الماضي مع الجناح البافاري لتحالف المحافظين التابع لها لوضع نهاية للخلاف الذي امتد لشهور بشأن أزمة اللاجئين.
وعلى بعد أميال قليلة في برلين، استضاف وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، نظرائه من الدول الأعضاء الستة المؤسسة للاتحاد الأوروبي، وناقش الوزراء مبادرة بين باريس ومكتب شتاينماير بشأن كيفية المتابعة عن كثب للاتحاد السياسي بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.
أما باقي الدول البالغ عددها 21 دولة، التي لم تكن مدعوة للاجتماع كانت غاضبة من ذلك، كما كتب رئيس الوزراء الفنلندي ألكسندر ستاب في تغريدة له إن هذا الاجتماع يبعث رسالة خاطئة.
يقول الكتّاب، إنه بعد مناقشات خلافية حول التقشف واللاجئين في السنوات الأخيرة، يأتي الرحيل البريطاني عن الاتحاد الأوروبي ليشكل سريعًا أحدث قضية عسيرة تواجهه.
يشير الكتّاب إلى أن ميركل ستستضيف، اليوم الإثنين، الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في برلين استعدادًا لقمة بروكسل المقرر عقدها هذا الأسبوع ومناقشة الطريق القادم.
يوضح الكتّاب أنه حتى الآن هذا التجمع الثلاثي، لما سيكون أكبر دول باقية في الاتحاد الأوروبي لا يبدو سوى "لجنة لإنقاذ أوروبا".
كما يقول الكتّاب إن أولئك الساسة الثلاثة لا يمتلكون رؤى مختلفة فقط لما يجب أن يكون عليه أوروبا، بل أن الوزن الاقتصادي والسياسي الألماني يجعل الثلاثة غير منسجمين لدرجة أنه سيكون من الصعب إيجاد أرضية مشتركة.
وبدلًا من وضع خطة، من المرجح أن يقدم الساسة الثلاثة تطمينات بأن أوروبا ليست على وشك الانهيار، إلى جانب تشجيع الدول المتبقية في الاتحاد الأوروبي على العمل معًا وتقوية الاتحاد.
ولكن حتى الآن، عجز قادة أوروبا على الاتفاق بشأن الموعد الذي يجب أن تقدم فيه المملكة المتحدة "أوراق طلاقها" من الاتحاد الأوروبي.
بينما طالب شتاينماير وضيوفه، بالإضافة إلى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وقادة بروكسل الآخرين، المملكة المتحدة من الخروج من الاتحاد الأوروبي على الفور، دعت ميركل إلى التمسك بالصبر.
ويقول الكتّاب، إن ما فعلته ميركل ربما يعود لأن معسكرها بتشجيع من ردود الأفعال العنيفة تجاه التصويت في المملكة المتحدة، يتمسك بأمل أن لندن لن تسير في طريق الرحيل عن الاتحاد الأوروبي.
خلافا لأولاند، لا تؤمن ميركل بأوروبا الاتحادية الموجودة على درجة عالية من المركزية، كما أنها ليست متعجلة بشأن إجراء إصلاح كبير لهياكل الاتحاد، ولا ترغب في استخدام أزمة الخروج البريطاني لإحداث قفزة عظيمة للأمام في التكامل الأوروبي.
في المقابل، تدعو ميركل للعمل ضمن الإطار الحالي لإيجاد حلول برجماتية لقضايا مثل التهديد الأمني والهجرة والبطالة، ولكن هناك انقسام شديد بين أعضاء أوروبا المتبقين بشأن الاتفاق على إجراء إصلاح جوهري في المدى القصير، وفقًا لأحد مستشاري ميركل.
يقول الكتّاب الثلاثة، إن ميركل ليست على عجل بشأن معاقبة المملكة المتحدة على الرحيل، فهي أكثر قلقًا بشأن إيجاد وسيلة لوضع حدٍّ للضرر الاقتصادي.
بالنسبة لفرنسا، فهي ترى في مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي فرصة ذهبية لتعزيز حلمها الفيدرالي، بقيادة الثنائي الفرنسي الألماني متحررين من بريطانيا المتشككة من الاتحاد الأوروبي.
ويشير الكتّاب إلى إصرار أولاند على ضرورة تغيير أوروبا تغييرًا عميقًا، بالإضافة إلى تصميم فرنسا على استخدام الخروج البريطاني للدفع بنسختها بشأن إصلاح الاتحاد الأوروبي، ومن بينها وجود قيادة سياسية في هيئة وزير مالية لمنطقة اليورو ووضع ميزانية مشتركة.
ويوضح الكتاب أن هذا الحل سوف يعيد إحياء النفوذ السياسي الفرنسي على المسرح الأوروبي، بينما يخفف من الهيمنة الاقتصادية الألمانية.
وإدراكًا منها للضعف السياسي الشديد لهولاند في بلاده، دعت ميركل رينزي لإبداء المزيد من الصلابة لأي اتفاق في الآراء، وبينما هناك انسجام بين فرنسا وإيطاليا، إلا أن هناك أسباب قليلة تدعو إلى الإيمان أنهما سيحاولان بناء جبهة مشتركة ضد ألمانيا.
كما يشير الكتّاب إلى أن أولاند على خلاف رئيس وزراءه مانويل فالس، لديه علاقة مباشرة صغيرة مع نظيره الإيطالي الأصغر سنًّا.
أما عن رينزي، فتنتشر الأقاويل أن القائد الإيطالي سعيد بتلقيه دعوة إلى اجتماع برلين، فلطالما اشتكت روما من عدم امتلاكها مقعدًا على طاولة الكبار الأوروبية.
وفي اجتماع مع أولاند في باريس السبت الماضي، ناقش القائدان قضايا الاقتصاد والأمن والهجرة، فكلا الرجلين يرغبان في تقليل التقشف في ميزانيتهم.
فمن جانبه، يواجه أولاند انتخابات صعبة العام المقبل، بينما يستعد رينزي في أكتوبر المقبل لإجراء استفتاء على إصلاح دستوري، وكلا الأصوات ذات أهمية لبقائهما السياسي.
أما ميركل التي من المرجح أن تقود جهود إعادة انتخاب حزبها في 2017، فليست عازمة على إضعاف موقف برلين بشأن ضبط الميزانية وسوف تقاوم محاولات مناقشة تخفيف القواعد المالية للاتحاد الأوروبي.
ويقول الكتّاب، إنه مع عدم وجود خطة كبرى وشيكة، من المتوقع أن يُشدد القادة في قمة بروكسل المقبلة على عدم وجود فراغ قانوني بشأن حالة المملكة المتحدة، وأنهم عازمين على العمل معًا لإيجاد حل طويل المدى.
ويشير الكتّاب إلى أن أولوياتهم الفورية ستنصب على تهدئة المستثمرين الذين أصابهم التوتر بسبب التصويت على الرحيل البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وانعدام الوضوح بشأن وضع المملكة المتحدة في المستقبل.
aXA6IDE4LjExOS4xNjMuOTUg جزيرة ام اند امز