بعد 38 عاما.."حزيران أسود" جديد يضرب القاع اللبنانية
فقبل وقوع التفجيرات الانتحارية، الاثنين، كانت القرية اللبنانية شديدة القرب من الحدود السورية تتأهب لإحياء الذكرى الـ 38 لمجزرة أليمة.
يحق لأهالى بلدة القاع اللبنانية أن يطلقوا على يونيو/حزيران "الشهر الأسود" بامتياز، فقبل وقوع التفجيرات الانتحارية، الاثنين، كانت القرية اللبنانية شديدة القرب من الحدود السورية تتأهب لإحياء الذكرى الـ 38 لمجزرة أليمة، استهدفت مسيحيى القرية في عام 1978، وشكلت مع مجازر أخرى شاهدا أليما على الحرب الأهلية الدموية في لبنان.
وبينما لا يزال لبنان تحت تأثير الصدمة، بعد 8 تفجيرات انتحارية الاثنين أسفرت عن مقتل مرتكبيها و5 من المدنيين ونحو 30 مصابا، يتجلى موعد وقوع التفجير متزامنا مع مجزرة القاع اللبنانية عام 1978، والتي وقعت في فجر يوم 28 يونيو/جزيران، وأسفرت عن مقتل 26 شابا من أبناء القرية.
صحيفة النهار اللبنانية، كشفت في تقرير لها أن البلدة كانت تتهيأ لقداس احتفالي في الأول من يوليو/تموز المقبل لإحياء هذه الذكرى، وكذلك ذكرى أول مجزرة أصابتها في مطالع الحرب عام 1975 .
البلدة، التي تقع في منطقة لصيقة جدا بالحدود اللبنانية- السورية، كانت من أولى البلدات المسيحية الكبرى في البقاع الشمالي التي "دشنت" فيها أنماط الإجرام الدموي المتبادل حين حاصرتها ميليشيات في الأول من يونيو/تموز عام اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، والتي بدأت في 13 أبريل/نيسان 1975.
وتبعد "قاع" نحو 136 كلم عن العاصمة اللبنانية بيروت، وترتفع حوالي 657 مترا عن سطح البحر وتمتد على مساحة تُقدَّر بـ 1291 هكتاراً "نحو 174 مليون متر مربّع"، ويحدها من الشمال الحدود مع سوريا ومن الجنوب بلدة رأس بعلبك ومن الشرق الجبل الشرقي ومن الغرب بلدة الهرمل، ويقدر عدد سكانها رسميا بحوالي 13 ألف نسمة، يقطنها منهم فعليا ما يزيد على ألفي لبناني.
وتحتل "القاع" مكانة خاصة جدا في تاريخ لبنان عموما ومسيحييها خصوصا، لاسيما وأنها شكلت تاريخا مشرفا لمسيحيي لبنان في مواجهة محاولات التهجير المسلحة، حيث تمسك أهالى القرية ببلدتهم، ونجحوا في الخروج بها من أتون الحرب الأهلية إلى رحاب التعايش المشترك.
فبعد 3 أشهر فقط من اندلاع الحرب الأهلية التي بدأت لبنانية – فلسطينية عام1975، انقضت مجموعات مسلحة على القاع، وارتكبت مجزرة ذهب ضحيتها 7 قتلى من البلدة، أعقبتها مرحلة هجرة وتهجير واسعيين للمسيحيين من معظم بلدات البقاع الشمالي وقراه.
ثم وقعت المجزرة الأشد دموية وترويعا ليل 28 يونيو/حزيران 1978 التي أعقبت بأيام مجزرة إهدن في 13 يونيو/حزيران والتي أودت بحياة النائب طوني فرنجية وعائلته، حيث اعتبرت مجزرة "القاع" آنذاك انتقاما لاغتيال فرنجية، ثم تبين وفق شهادات أبناء البلدة وذوي الضحايا الـ26 أن المخابرات السورية والوحدات الخاصة السورية دبرت المجزرة التي شاركت في ارتكابها مجموعات مسلحة وقامت بحملة خطف واسعة في بلدات القاع ورأس بعلبك وجديدة الفاكهة بموجب لوائح إسمية، حسبا ذكرت صحيفة النهار في تقريرها.
ثم انكشف فجر ذاك اليوم عن مشهد مروع لجثث المخطوفين ملقاة في وادي الرعيان قرب بلدة البزالية، بعدما ربطت أيديهم الى الخلف وجرت تصفيتهم بإطلاق الرصاص عليهم من الخلف .
واليوم، وبعد اكتمال مرور 38 عاما بالتمام، تجد القرية اللبنانية نفسها على موعد جديد مع الدماء، بأياد مختلفة هذه المرة، أما لبنان فقد دخلت فعليا في أجواء الصراع الدائر بالقرب من حدودها، بعد أن صارت مسرحا للتفجيرات الانتحارية الإرهابية.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDMuMTQ0IA== جزيرة ام اند امز