شيخ الأزهر يدعو لاتباع أسلوب الحوار مع الشباب
شيخ الأزهر دعا لاتباع أسلوب الحوار مع الشباب، وليس أسلوب الإملاء والأمر والنهي.
دعا الإمام الأكبر شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، إلى اتباع أسلوب الحوار مع الشباب، وليس أسلوب الإملاء والأمر والنهي.
وقال شيخ الأزهر، في برنامجه التلفزيوني اليومي الذي يبث طيلة شهر رمضان، على التلفزيون المصري وتلفزيون أبو ظبي وقنوات أخرى، مساء أمس الإثنين، إن "القرآن الكريم استعمل منذ البداية أسلوب الحوار مع الشباب، وليس أسلوب الإملاء والأمر والنهى، وعَرَض لنموذجين: أحدهما للشاب المتمرد الذي يستعلي ويستكبر ولا يستجيب، والأنموذج الثاني للشاب الواعي المتدبر الذي يعي ما يفعل".
ودلل على ذلك بقوله: منذ نزول سيدنا آدم وأمنا حواء عليهما السلام تبدأ قصة شابَّين هما ابنا آدم عليه السلام: شابٍ هو رمز للتمرد وللانبطاح أمام نزواته وشهواته، وشابٍ يعيش على ضوابط أخلاقية عُليا، قال تعالى في سورة المائدة: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) فقصة الكون في القرآن الكريم تبدأ بشابين ونموذجين للشاب المتمرد والشاب الواعي المنضبط.
وأضاف شيخ الأزهر: وهناك قصة سيدنا نوح -عليه السلام- مع ابنه التي حكاها القرآن الكريم في سورة هود، فهذا شاب متمرد يُضاف إلى قابيل دفع ثمن كبره وعناده واستكباره، وهناك نموذج آخر للشاب المطيع وهو سيدنا إسماعيل –عليه السلام-والذي يتجلى في الحوار الذي دار بينه وبين أبيه إبراهيم - عليهما السلام- ويظهر في قوله (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى)، فالأب يتعامل مع ابنه التعامل الأمثل ويتحاور معه ويقول له: (فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى) وهنا يُظهر إسماعيل كمال البر لأبيه ويساعده على طاعة ربه، حيث قَالَ (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
ومضى: هكذا كل الأنبياء اتبعوا أسلوب الحوار الذي اعتمده القرآن الكريم سواء في بلاغ الأنبياء والرسل إلى الناس أو بلاغ القرآن إلى الناس.
وأوضح الإمام الأكبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتبع طريق الحوار مع الشاب، كما هو الحال مع الشاب المسلم الذي جاء يستأذنه في الزنا، فقد روى أحمد في مسنده عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ. مَهْ. فَقَالَ: ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا. قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِم ْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟ قَالَ: لَا. وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: َلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ. قال: فتحبه لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ. قَالَ: فتحبه لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْء، وهذا هو التعليم عن طريق الحوار.
وأشار شيخ الأزهر إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يثق في قدرات الشباب وكان يربيهم ويؤهلهم حتى يتولوا المهام، فقد أمَّر أسامة بن زيد، وكان عمره 19 سنة في ذلك الوقت، على جيش المسلمين في حربه مع الروم الذين كانوا يحاولون القضاء على هذا الدين، وكان تحت إِمْرَتِه من الصحابة مَن أعمارهم بين الخمسين والستين.
وشدد الدكتور أحمد الطيب على أن الدول من غير شباب كسيحة، وأن الشباب من غير حكماء مندفع ومتهور، ولذلك على الشباب إذا قُدِّموا في الصفوف الأولى أن يصغوا إلى نصائح الكبار وتوجيهاتهم والاستعانة بخبراتهم.
وبين الإمام الطيب أن العالم العربي جاء تَأخُّره نتيجة لإهماله وتهميشه للمرأة والشباب، فالمرأة أُهملت وهُمِّشَتْ بتأثير عادات وتقاليد بعيدة عن توجيهات الشريعة والإسلام، والشباب أيضا أُهمل بسبب انشغالنا بقضايا مهمة لكن ما كان ينبغي أن تشغلنا عن الشباب وهم أهم قضية.