بريطانيا تعود لـ1979.. «دورة اختناق» تهدد الفائز بالانتخابات
وكأن الزمن يستكمل في بريطانيا حلقة كاملة من الدوران قبل أن يعود إلى 1979 عائدا بـ4 عقود، في دورة تتقاطع عندها نقاط تشابه كثيرة.
وأيا كانت نتيجة الانتخابات العامة المقررة هذا العام بالبلاد، وشكل الحكومة الجديدة وسياساتها، فالأكيد وجود أوجه للتشابه بين 2024 و1979.
- نموذج «بلير 1997».. مهمة صعبة أمام «العمال» قبل انتخابات بريطانيا
- «لا تشتكي أبدا ولا تشرح مطلقا».. نهج ملكي في بريطانيا فقد صلاحيته
فقبل الانتخابات العامة في عام 1979، عانت بريطانيا من أوضاع اقتصادية سيئة ساهمت في عقاب الناخبين لحكومة العمال وفوز المحافظين بزعامة مارغريت تاتشر التي قادت المملكة المتحدة حتى عام 1990.
ورغم الأوضاع المعكوسة التي تسعى خلالها المعارضة العمالية إلى الإطاحة بالمحافظين من السلطة في الانتخابات المقبلة، فإن الظروف الاقتصادية اليوم تتشابه إلى حد كبير مع الظروف في عام 1979، حيث ينتظر الفائز تحديات تشبه ما واجهته المرأة الحديدية في ذلك العام.
والثلاثاء الماضي، قالت وزيرة الخزانة في حكومة الظل العمالية راشيل ريفز إن عام 2024 يمكن أن يكون "نقطة تحول" مثل عام 1979 في ظل حكومة جديدة تسن إصلاحات جذرية بعيدة المدى لإصلاح الاقتصاد.
أوجه تشابه استعرضت صحيفة "تليغراف" البريطانية عددا منها في تقرير لها وجاء أبرزها:
تضخم اقتصادي
بعد سنوات ذهبية أعقبت الحرب العالمية الثانية، اهتز العالم كله بسبب أزمة النفط التي اندلعت على خلفية حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ثم تفاقمت مع الإطاحة بشاه إيران عام 1979.
واليوم، يعاني العالم من هزات جيوسياسية مثل جائحة كورونا وصدمة الطاقة الناجمة عن حرب أوكرانيا.
لكن الفارق بين المرحلتين هو أن التضخم اليوم جرى ترويضه بعدما بدأ الارتفاع في عام 2021 قبل أن يصل ذروته بنسبة 11% عام 2022 ليبدأ في الانخفاض منذ ذلك الوقت، ومن المتوقع أن يصل إلى المعدل المستهدف البالغ 2% خلال الأشهر المقبلة.
وعلى العكس، كان التضخم متفشيا في عام 1979 حيث كان قد بلغ ذروته عند نسبة 24% في عام 1975 وظل مرتفعا منذ ذلك الوقت.
اقتصاد
كانت الأوضاع الاقتصادية للمملكة المتحدة في السبعينيات مطمئنة إلى حد ما بسبب ثروات البلاد النفطية في بحر الشمال، وكان الاقتصاد مستقرًا بشكل أساسي طوال السبعينيات.
ولم يحقق الناتج المحلي الإجمالي سوى 2.6% من متوسط النمو السنوي على مدار السبعينيات قبل أن ينزلق إلى الركود عام 1979.
والآن يعاني الاقتصاد البريطاني رسميا من الركود أيضا بعدما ظلت الإنتاجية ثابتة لمدة 16 عامًا وبعدما كان النمو السنوي لا يتجاوز 1.6%، وتبدو الأمور أسوأ عندما يتم حساب الناتج المحلي الإجمالي على أساس نصيب الفرد.
وقد يكون على حزب العمال الاقتداء بتاتشر التي نجحت من خلال إلغاء القيود التنظيمية، في تحقيق النمو على أساس سنوي ليصل 3.2% في الثمانينيات.
أجور
رسخت التشريعات خلال الستينيات والسبعينيات، قوة النقابات العمالية التي طالبت بزيادة الأجور لمواجهة ارتفاع الأسعار، لكن الزيادات المتسلسلة في الأجور فشلت في تجاوز معدل التضخم وركود الأجور الحقيقية بالسنوات الخمس التي سبقت انتخابات عام 1979.
والصادم اليوم أن المحافظين قد تركوا العمال في وضع أسوأ مما تركهم الحزب العمال في عام 1979، فمنذ فوز المحافظين عام 2010، انخفضت الأجور الحقيقية بنحو 10%.
إضرابات
كانت الإضرابات شائعة في السبعينيات، وبلغت ذروتها نهاية 1978 وبداية 1979 وتسببت في فقدان البلاد رقما قياسيا بلغ 29.5 مليون يوم عمل.
وأعادت أزمة تكلفة المعيشة في عام 2022 إشعال الصراع حول الأجور وظروف العمل لتفقد البلاد في ذلك العام 2.7 مليون يوم عمل بسبب الإضرابات.
البطالة
بلغ متوسط نسبة العاطلين عن العمل الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما حوالي 5% في السبعينيات، ووصل مستوى قياسيا بـ11.9% بحلول عام 1984.
واليوم، أي في 2024، قد تنخفض البطالة إلى أقل من 4%، لكن الأرقام تخفي 9.25 مليون شخص في سن العمل تسربوا من القوى العاملة.
العبء الضريبي
مثلما حدث في السبعينيات، زادت الضرائب بشكل حاد خلال السنوات الخمس الماضية، وقُدرت الضرائب المحصلة في 2023 بما يعادل 36% من الناتج المحلي الإجمالي وهي أعلى نسبة منذ سنوات.
ولن تغير أي حكومة جديدة هذا الوضع فورا، فبعد فوز تاتشر عام 1979، استمر العبء الضريبي في الزيادة بالثمانينيات، قبل أن تتمكن المرأة الحديدية من خفضه إلى أدنى مستوى له في بريطانيا ما بعد الحرب.