قصة صفقة.. توتنهام يتعاقد مع كلينسمان "الشرير"
حكايات انتقال اللاعبين بين الأندية تمتلئ بالعديد من القصص المثيرة، علما بأن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم
تعج حكايات صفقات انتقال اللاعبين بين الأندية بالعديد من القصص الغريبة والمثيرة، علما بأن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم الحديثة.
"العين الرياضية" تستعرض في التقرير التالي أحد أغرب الصفقات التي حدثت في إنجلترا، بالنظر إلى السيناريو الذي صاحبها، وهنا الحديث عن المهاجم الألماني يورجن كلينسمان وانتقاله من نادي موناكو الفرنسي إلى توتنهام.
عدو الإنجليز
بدأ كلينسمان مسيرته الاحترافية عام 1981 مع نادٍ ألماني يدعى شتوتجارت كيكرز، واستمر معه حتى 1984، حتى انتقل للفريق الأكبر بالمدينة وهو شتوتجارت.
بعد ذلك، رحل كلينسمان في عام 1989 صوب إنتر ميلان الإيطالي، ليحقق معه أول لقب في مسيرته مع الأندية وهو كأس السوبر المحلي في العام نفسه، ثم كأس الاتحاد الأوروبي 1991.
قرر كلينسمان في 1992 خوض تجربة جديدة في بلد أوروبي آخر وهي فرنسا، حيث انتقل إلى موناكو، لكنه فشل في الفوز معه بأي لقب على مدار عامين.
خلال فترة التنقلات بين تلك الأندية، حقق كلينسمان أعظم إنجاز في مسيرة أي لاعب، وهو التتويج رفقة منتخب ألمانيا الغربية بلقب كأس العالم وذلك في نسخة إيطاليا عام 1990.
تلك النسخة، جعلت هناك انطباعا يؤخذ عن كلينسمان بأنه كثير التمثيل للحصول على مخالفات ضد المنتخبات المتنافسة، كما أنه أصبح عدوا وشريرا بشكل خاص بالنسبة للإنجليز، بعدما لعب دورا في إقصاء منتخبهم من نصف نهائي المونديال بركلات الترجيح 4-3 عقب نهاية اللقاء بالتعادل 1-1.
ومن ثم لم يكن هناك تخيل أن يقدم نادٍ إنجليزي على التعاقد مع لاعب يعد شريرا في أعين جماهير البلاد، لكن يبدو أن توتنهام كان له رأي آخر وتجاهل كل ذلك.
كان توتنهام يمر بظروف صعبة فيما يخص النتائج، حتى إنه نجا بصعوبة من الهبوط لدوري الدرجة الأولى الإنجليزي في موسم 1993-1994، واستطاع إنهاء الجدول بصعوبة في الترتيب الـ15 برصيد 45 نقطة بفارق 5 نقاط عن شيفيلد يونايتد صاحب المركز الـ20، والمؤدي للهبوط.
ومن ثم، رأت إدارة "السبيرز" ضرورة التعاقد مع اسم كبير من شأنه يساعد الفريق على عدم تكرار ذلك الموسم السيئ، وهنا جاءت فكرة ضم كلينسمان، خاصة أن اللاعب كان قرر مغادرة موناكو.
وفي يوليو/تموز 1994، أعلن توتنهام بشكل مفاجئ تعاقده مع كلينسمان من موناكو مقابل مليوني جنيه إسترليني، لتفتح الصحف الإنجليزية النار على النادي واللاعب.
تحول جذري
إذا، الأمور كلها ضد كلينسمان في إنجلترا، وهو ما ظهر جليا في مباراة ودية قبل بداية موسم 1994-1995 التي جمعت توتنهام مع واتفورد، حيث أطلقت جماهير الأخير في المدرجات صافرات استهجان قوية، كلما وصلت الكرة للدولي الألماني، كما أن ديفيد هولدسورث، نجم واتفورد، خرج حينها في تصريحات صحفية، منتقدا إقدام "السبيرز" على ضم كلينسمان.
جماهير توتنهام نفسها حدث بينها انقسام على ضم كلينسمان ما بين مؤيد ويراه مهاجما فريدا وبين معارض، بسبب ما قام به ضد إنجلترا في مونديال 1990، فضلا عن سمعته السيئة فيما يخص التمثيل كثيرا للتحايل على قرارات الحكام.
كل ذلك تبدل سريعا، وأصبح كلينسمان من اللاعبين المفضلين لجماهير توتنهام، بعدما سجل في ظهوره الأول مع النادي في الدوري الممتاز، هدف الانتصار على شيفيلد يونايتد، ليحتفل بطريقة مثيرة عبر الغوص على أرض الملعب، كرد على الانتقادات التي طالبته منذ وطأت قدمه أرض إنجلترا، وذلك وسط فرحة جنونية من أنصار "السبيرز".
واصل كلينسمان رحلته مع الأهداف، وجعل كل الآراء المنتقدة له تتحول لمدح ودعم، وهو ما يظهر في كاتب مقالات بصحيفة "جارديان" البريطانية، كان انتقد وصول اللاعب لتوتنهام، قائلا: "لماذا أكره يورجن كلينسمان؟"، ثم عاد بعد شهرين وكتب: "لماذا أحب يورجن كلينسمان؟".
فضلا عن ذلك، وبسبب روحه القتالية، شهدت مبيعات قمصان كلينسمان قفزة كبيرة، وصلت إلى بيع 150 ألف قميص، كما تم وضع تمثال له في متحف الشمع الشهير بالعاصمة البريطانية "لندن".
بلغ عدد أهداف كلينسمان خلال مسيرته القصيرة مع توتنهام 22 هدفا في 43 مباراة بكل المسابقات، كما نال جائزة أفضل لاعب من قبل اتحاد كتاب كرة القدم الإنجليزي لعام 1995.
ولكن، يبدو أن فشل توتنهام في المشاركات الأوروبية بذلك الوقت أو التتويج بالألقاب، دفع كلينسمان للرحيل سريعا بعد موسم واحد فقط في "السبيرز"، وسط حزن كبير من عشاق "السبيرز".
انتقل كلينسمان في صيف 1995 إلى بايرن ميونيخ، ونجح على مدار عامين في الفوز معه بلقبي الدوري الألماني وكأس الاتحاد الأوروبي.
عام 1997، انتقل كلينسمان إلى سامبدوريا الإيطالي، لكنه لم يتأقلم معه سريعا، ليقرر العودة في يناير/كانون الثاني 1998 لتوتنهام، ويسجل معه 9 أهداف في 15 مباراة، ساهموا في إنقاذ الفريق من الهبوط لدوري الدرجة الأولى الإنجليزي.
لم يقم توتنهام بتجديد عقد كلينسمان، ليقرر اللاعب اعتزال اللعب، وينتقل للعيش في الولايات المتحدة، غير أنه عاد في 2003 من الاعتزال وخاض تجربة لعب قصيرة مع فريق أمريكي يدعى أورانج كاونتي، إذ حاض معه 8 مباريات سجل فيها 5 أهداف، ليعتزل بعد ذلك اللعب بشكل نهائي.