قصة صفقة.. بوسمان يغير وجه كرة القدم
حكايات انتقال اللاعبين بين الأندية تمتلئ بالعديد من القصص المثيرة، علما بأن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم
تعج حكايات صفقات انتقال اللاعبين بين الأندية بالعديد من القصص الغريبة والمثيرة، علما أن سوق التعاقدات، أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم الحديثة.
"العين الرياضية" تستعرض في التقرير التالي قصة صفقة لم تكتمل، لكنها غيرت وجه كرة القدم الأوروبية وسوق التعاقدات الخاص بها، وهنا الحديث عن لاعب الوسط البلجيكي جان مارك بوسمان.
لاعب مغمور
قد يتساءل الكثير من محبي كرة القدم عن بوسمان وكيف للاعب مغمور أن يكون سببا رئيسيا في تغيير القوانين الخاصة بانتقالات اللاعبين في القارة الأوروبية.
قصة صفقة.. ميكيل ينقذ مورينيو من صفعة فيرجسون
هذا التساؤل قد يكون صحيحا بالنظر إلى المسيرة الاحترافية لهذا اللاعب البلجيكي، والتي بدأها في ستاندارد لييج عام 1983، واستمر معه حتى 1988، مكتفيا بخوض 86 مباراة طوال تلك المدة، سجل خلالها 3 أهداف فقط.
عام 1988، انتقل بوسمان إلى نادٍ آخر في مدينة لييج وهو آر إف سي لييج، حيث استمر معه حتى 1990، مكتفيا بخوض 3 مباريات فقط.
هي بالفعل مسيرة ضعيفة للغاية للاعب لم يثبت قدرته على التواجد في الأندية الكبرى، حتى أنه فشل في اللعب لمنتخب بلجيكا الأول، مكتفيا بخوض 20 مباراة مع منتخب الشباب، لكن ما حدث حين قرر مغادرة ناديه آر إف سي لييج، جعله من أشهر اللاعبين في التاريخ.
قانون بوسمان
انتهى عقد بوسمان مع آر إف سي لييج في صيف 1990، وعلم أنه لم يعد مرغوبا فيه من قبل ناديه، لينتظر عرضا يمنحه فرصة جديدة للعب كرة القدم، وجاء له ذلك من نادٍ فرنسي يدعى دنكيركيه، وهو العرض الذي وافق عليه اللاعب.
ورغم انتهاء عقد اللاعب، إلا أن إدارة آر إف سي لييج طالبت بالحصول على مقابل مادي يبلغ نصف مليون جنيه إسترليني نظير رحيل بوسمان، مع الإصرار على ضرورة قيام النادي الفرنسي بدفع المبلغ كاملا قبل إتمام إجراءات الصفقة.
اعتبر دنكيركيه ما يطلبه النادي البلجيكي شروطا تعجيزية، ليرفض الأخير الموافقة على رحيل بوسمان، بالإضافة إلى اتخاذه قرارا بخفض أجر اللاعب بنسبة 75% ليتقاضى 500 جنيه إسترليني فقط في الشهر.
واستند لييج في تعنته مع بوسمان إلى اللوائح المتبعة في ذلك الوقت فيما يخص انتقالات اللاعبين، والتي تنص على أن عملية رحيل لاعب من نادٍ إلى آخر يجب أن تكون باتفاق مالي، بما في ذلك لو كان عقد اللاعب منتهيا.
شعر بوسمان بظلم كبير، وقرر الطعن على اللوائح المتبعة فيما يخص انتقالات اللاعبين ورفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الأوروبية مختصما ناديه لييج، والاتحاد البلجيكي لكرة القدم والاتحاد الأوروبي للعبة "يويفا" الذي رأى اللاعب أن القواعد التي وضعها منعته من مغادرة ناديه على الرغم من انتهاء عقده، ووصلت إلى حد انتهاك حقوقه المنصوص عليها في معاهدة روما لعام 1957، والتي تسمح بحرية الحركة داخل دول ما يعرف حاليا بالاتحاد الأوروبي.
قرر نادي لييج إيقاف بوسمان تماما بعد رفعه الدعوى القضائية، ولم يعد أمام بوسمان فرصة اللعب كمحترف، وأصبح خياره الوحيد في ذلك الوقت، هو اللعب في بطولات الهواة.
وطوال فترة نظر المحكمة للقضية، اضطر بوسمان للعب في أندية هواة على غرار نادٍ فرنسي هاوٍ يدعى سانت كوينتين، ثم ذهب للعب في جزيرة فرنسية تسمى ريونيون تتواجد في المحيط الهندي، وعاد بعد ذلك لبلجيكا وارتدى قميص ناديين مغمورين الأول هو أوليمبك شارلرو والثاني يدعى فيزي.
وبعد 5 سنوات، وتحديدا في 15 ديسمبر/ كانون الأول 1995، أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكمها التاريخي لصالح بوسمان وأكدت على أحقية اللاعبين في الانتقال بشكل مجاني من أنديتهم حال انتهاء عقودهم.
ولم يكتف الحكم الصادر بذلك الأمر فقط، بل أقر مبدأ آخر وهو أنه بإمكان الأندية الأوروبية الاعتماد على عدد لا محدود من اللاعبين المنتمين لدول الاتحاد الأوروبي، طالما أن تلك الدول تحت مظلة هذه المنظمة.
ومنذ ذلك الوقت، قام اليويفا بتعديل لوائحه، تنفيذا للحكم الصادر من محكمة العدل الأوروبية، وبات من حق اللاعبين التفاوض مع أي نادٍ خلال آخر 6 أشهر من عقودهم على أن تتم عملية الانتقال بشكل مجاني عقب نهاية المدة القانونية للعقد، وهي العملية التي باتت تتم تحت مسمى إعلامي وهو "قانون بوسمان".
معاناة بوسمان
مع أن بوسمان له الفضل الأول في تغيير قوانين انتقالات كرة القدم بشكل جعل الكفة تصبح متساوية بل وتزيد لصالح اللاعبين على حساب الأندية، ومن ثم، أصبح نجوم كرة القدم يجنون أرباحا طائلة، خاصة الذين يرحلون بشكل مجاني من أنديتهم، فإن الرجل البلجيكي عاش حياة بائسة.
اضطر بوسمان لاعتزال كرة القدم عقب نهاية مسيرته مع فيزي في العام 1996، لتبدأ رحلة صعوبات كبيرة له من الناحية المالية.
معاناة بوسمان المالية كانت ذروتها حينما انتهت الأموال التي تحصل عليها من الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين عن أزمته مع نادي لييج، بسبب الإنفاق على قضيته وأيضا على المنازعة القانونية التي كانت مع زوجته.
حاول بوسمان التغلب على تلك المشاكل من خلال إنتاج قمصان تحمل اسمه على اعتبار أنه صاحب الدور الرئيسي في تغيير قوانين كرة القدم الخاصة بسوق الانتقالات، لكن ذلك المشروع فشل لدرجة أن الرجل البلجيكي استغرب عدم إقدام لاعبي الكرة على شراء تلك القمصان، رغم دوره في تعديل اللوائح لصالحهم.
اضطر بوسمان أمام كل ذلك إلى بيع بعض ممتلكاته، وهي أمور جعلته في النهاية يدخل في حالة اكتئاب حاد وصار يعاني من إدمان الكحول نتيجة لوضعيته البائسة.
الوضعية البائسة، تجسدت أيضا في الحكم الذي صدر ضد بوسمان في أبريل/ نيسان 2013، حين قضت محكمة بسجنه لمدة عام مع إيقاف التنفيذ نتيجة اعتدائه على صديقته وابنتها البالغة من العمر 15 عامًا.
هذا الحكم صدر بسبب رفض صديقته في ذلك الحين منحه مشروبًا كحوليًا في عام 2011، علما أن تلك العقوبة تم تخفيضها لاحقًا في مرحلة الاستئناف إلى القيام ببعض الأعمال المجتمعية.
واعتبارًا من عام 2015، أصبح بوسمان بشكل رسمي مفلسا وعاطلاً عن العمل وبات يعتمد على التبرعات المالية التي تصله من الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين.
aXA6IDMuMTQ1LjYyLjM2IA==
جزيرة ام اند امز